أحمد بلبول/ مكناس لفاس نيوز ميديا
انطلقت، يوم الأربعاء 10 ماي 2023، بقاعة المحاضرات برئاسة جامعة مولاي إسماعيل أعمال مؤتمر معجم الدوحة التاريخي للغة العربية: تحوّلات المعنى والاستثمار في مجالات اللسانيات التطبيقية، الذي تنظمه جامعة مولاي إسماعيل بمؤسستيها كلية الآداب والعلوم الإنسانية والمدرسة العليا للأساتذة بمكناس بالتشارك مع معجم الدوحة التاريخي للغة العربية ، ومختبر الدراسات الأدبية واللسانية والديداكتيكية بجامعة السلطان مولاي سليمان في بني ملال – المغرب.
وبدأ المؤتمر أعماله بجلسة افتتاحية ألقى فيها رئيس جامعة مولاي إسماعيل الدكتور الحسن سهبي كلمة افتتاحية أعقبتها كلمات أعضاء اللجنة التنظيمية للمؤتمر المتمثلة بالمدير التنفيذي لمعجم الدوحة التاريخي الدكتور عز الدين البوشيخي، والدكتور محمد لروز، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة مولاي إسماعيل، والدكتور محمد أمين، مدير المدرسة العليا للأساتذة بجامعة مولاي إسماعيل، والدكتور محمد إسماعيلي علوي، مدير مختبر الدراسات الأدبية واللسانية والديداكتيكية بجامعة السلطان مولاي سليمان, وباشر بعدها المشاركون بتقديم أوراقهم البحثية المنضوية إلى المحاور والعناوين التالية:
مقاربات نظرية عن تحول المعنى
أعقب الجلسة الافتتاحية انعقاد الجلسة الأولى من المؤتمر بعنوان “مقاربات نظرية عن تحول المعنى”، وقد أدارها رمزي بعلبكي، رئيس المجلس العلمي لمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية، وقدم فيها محمد غاليم، أستاذ اللسانيات بجامعة محمد الخامس، ورقةً بعنوان: “أصناف الأوضاع النفسية في المعجم البنائي التنوعي ومعجم الدوحة التاريخي” حيث تطرق إلى قضية معالجة المفردات والعبارات النفسية في المعاجم العربية من خلال المقارنة بين معالجة المعجم العربي البنائي التنوعي، ومعالجات القواميس العربية، ومعجم الدوحة التاريخي خاصة.
تابع التقديم في الجلسة أستاذ اللسانيات بجامعة الملك خالد في المملكة العربية السعودية، عبد الرحمن البارقي، الذي تحدث بدوره عن “دور معجم الدوحة في رصد حركة الاستعارة التصورية” في ورقة تنهض على فرضيتين: الأولى أنّ الحس المشترك اللغوي العربي استعار (الأنف) للتعبير عن العزة والشموخ، وهي استعارة مجسدنة لأنها مرتبطة بأنف الإنسان تحديدا، والثانية أن البنى والاستعارات التصورية تتحول بشكل ديناميكي متى ما هُيئَ لها الحس المشترك ذلك. وقد اعتمد البارقي في اختبارهما على معجم الدوحة التاريخي ومدونته اللغوية لمراقبة حركة استعارة الأنف ومعالجتها وتحليلها.
واختتمت الجلسة الأولى بورقة قدمها عبد الكبير الحسني، أستاذ اللسانيات بجامعة السلطان مولاي سليمان بالمغرب، وعنوانها: “تسويـغ المعاني في المعجـم العربي مقاربة معرفية بنائية تنوعية”. اقترحت الورقة نموذجًا لمعجمة المعاني داخل المعجم العربي، يواكب التحولات ويعمل على معجمتها بشكل دوري ومستمر يضمن حياة لغوية أفضل، كما اقترحت أن المعجم الذي ينسجم مع الافتراض هو معجم ذهني/ معرفي من جهة، ومن جهة أخرى تنوعي وبنائي، مما أسس للاقتناع بوجود معنى موسوعي يقبل أن يضم كل المعاني الممكنة.
دراسة نماذج عن تحول المعنى في معجم الدوحة
واستُهلّت الجلسة الثانية التي أدارها محمد عفط، أستاذ التعليم العالي بالمدرسة العليا للأساتذة بجامعة مولاي إسماعيل في المغرب، ومحورها: “دراسة نماذج عن تحول المعنى في معجم الدوحة” بورقة من تقديم عبد المنعم حرفان، أستاذ اللسانيات بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بالمغرب، تناول فيها موضوع: “التعدية من خلال معجم الدوحة التاريخي للغة
العربية” باعتباره أول معجم عربي يؤرخ لتطور اللغة العربية ولمصطلحات العلوم العربية. قارب حرفان التعدية بنظرة جديدة وعُدّة مختلفة، ترتكز على استقراء تام ومنتظم لمختلف المصطلحات التي تمتُّ بصلة لهذا المفهوم، في محاولة للإجابة عن أسئلة من قبيل: هل يمكن لمعجم الدوحة أن يؤكد أو يفند هذه الافتراضات التي تتراوح بين مبالغ في تقدير دور هذا التأثير، وبين من يحصره في حدوده الدنيا؟ وإلى أي حد يمكنه أن يسهِم في إعادة بناء الشبكة الاصطلاحية للنحو العربي وتمكيننا من تمثل واضح لنشأة التقليد النحوي وتطوره؟
ثم قدّم محمد الغريسي، أستاذ اللسانيات بجامعة مولاي اسماعيل بالمغرب، ورقة عنوانها: “التطور الدلالي للأفعال في اللغة العربية وعلاقته بسلوكها التركيبي: فعل الحركة “أتى” في معجم الدوحة التاريخي نموذجا: تحليل لساني”. وقد تطرقت ورقته إلى قضية افتقار الصناعة المعجمية التاريخية التي ترصد وتؤرخ للمفردات عبر تطورها وتحولاتها الدلالية، وإلى القصور الذي شهدته الصناعة المعجمية قبل ظهور معجم الدوحة التاريخي للغة العربية الذي كان له السبق في جمع مفردات اللغة بمنهج علمي يسجل تاريخ استعمال اللفظة ورصد تطورها الدلالي. وسعى الغريسي في ورقته إلى توضيح أن التطور الدلالي للأفعال في اللغة العربية متعالق بسلوكها التركيبي. وقد خصص الحديث عن فعل واحد أنموذجا لغيره وهو فعل الحركة ” أتى” في معجم الدوحة التاريخي للغة العربية.
وتمت تلاوة ورقة لمهدي عرار، أستاذ اللسانيات والعلوم اللغوية بجامعة بير زيت بفلسطين الذي تعذر عليه الحضور، بعنوان: “المُعْجَمُ التَّارِيخِيُّ وَتَحَوّلاتُ المَعْنى مِن المَادّيِّ الْمَحْسوسِ إِلى الْمَعنويِّ المُجَرَّدِ مُعْجمُ الدَّوحةِ أُنْمُوذجًا” حيث وقف فيها الباحث عند مجموعةٍ من الكلمِ العربيِّ التي اعترى دلالاتِها تطوّرٌ على النحو الموصوف في العنوان، عن طريق تلمسُ ذلك الانتقالِ، واستبطانُ المعنى الجامع بين المعنيين: الحسي والمجرد، محاولا استشراف ذلك، في ثني الوقوف عند الكلمات، في معجم الدوحة، واستصفاء مقولاتٍ كلّيّة تأتي عقبَ الأمثلةِ الجزئيّةِ لتكونَ كالموجِّهات الكلّيّة.
قدّم الشاذلي الهيشري، أستاذ اللغة العربية بجامعـــــة منوبــــة بتونس ورقة بعنوان: “المصدر الصناعي وتحوّلاته المعنويّة في معجم الدوحة التاريخي للغة العربيّة” حيث رصد الباحث التحولات الدلالية للمصدر الصناعي في معجم الدوحة التاريخي للغة العربية في مرحلتيْه الأولييْن، إلى حدود 500 للهجرة، لوصف المنجزات السابقة ورصد التحوّلات الدلاليّة للمداخل، وفي مرحلته الثالثة، الممتدّة إلى العصر الحديث حيث قدم جملة من المقترحات.
وفي ختام الجلسة الثانية قدمت الباحثة حليمة الخيروني، أستاذة اللسانيات زائرة بجامعة عبد المالك السعدي بالمغرب، ورقة بعنوان: “قوانين التطور اللغوي نماذج من معجم الدوحة التاريخي” سلطت فيها الضوء على جهود معجم الدوحة في رصد مظاهر التطور الدلالي للألفاظ بوصفه قانونا من قوانين التطور اللغوي. واعتمدت الوصف والتحليل والمقارنة والتصنيف منهجا في بحثها الذي توصل إلى أن معجم الدوحة سجلٌّ تاريخي لفكر الأمة العربية وحضارتها، بما بذله القائمون عليه من جهد في تتبع معاني الألفاظ على امتداد تاريخها.
قضايا عامة عن تحوّل المعنى
واختتمت أعمال اليوم الأول بجلسة أدارها إدريس موحتات، أستاذ التعليم العالي بجامعة مولاي إسماعيل بالمغرب، بعنوان “قضايا عامة عن تحوّل المعنى”، وقد بدأت بورقة من تقديم المهدي المنهابي، أستاذ اللسانيات بجامعة مولاي اسماعيل بالمغرب، حيث تناول في ورقته التي حملت عنوان: ” المعجم التاريخي وتحولات المعنى: القضايا والإشكالات”، أهم الإشكالات والقضايا المعجمية والدلالية التي يعالجها البحث المعجمي التاريخي بغرض الكشف عن الآليات المعرفية المتحكمة في معجمة المفردات والتعابير. فبدأ ببيان المدلول اللغوي والاصطلاحي لكل من المعجم التاريخي ومقولة المعاني بأنماطها المختلفة، ثم استحضر أهم الخطوات الإجرائية التي ينبغي احترامها أثناء بلورة معجم لغوي خاص باللغة العربية وفق ما بينه معجميون بارزون في مجال الصناعة المعجمية في العالم. وتطرّق المنهابي في نهاية ورقته إلى خلاصة عامة تضمنت أهم النتائج المتوصل إليها بخصوص بلورة مدلولات الوحدات المعجمية وفق الآليات المعرفية المميزة للصناعة المعجمية التاريخية.
وشارك في هذه الجلسة الباحث بمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية، علاء الشاطر، ورقةً بعنوان “تطور المعنى من اللغة العامة إلى اللغة الخاصة ومستويات تمثيله في معجم الدوحة التاريخي للغة العربية” حيث سعت ورقته لتحليل أساليب تمثيل المعنى وتطوراته في معجم الدوحة التاريخي، وفحص الآفاق التمثيلية التي يوفرها لخدمة ذلك مستعينًا بطرق تمثيل المعرفة والمفاهيم في المقاربة المعرفية لعلم المصطلح. وقد خلص إلى أن معجم الدوحة التاريخي يقدم نظاما متكاملا محكم البناء لتمثيل المعاني وتطورها، مبينا بعض الآفاق الممكنة لرصد تطور المعاني في مجالات لم يتطرق إليها المعجم بسبب محدداته المنهجية المرحلية.
واختتمت الجلسة الأخيرة من اليوم بتقديم لبحث مشترك للباحثين عزيز العماري وعبد الرحمن رحموني، الذي جاء تحت عنوان: “حقل الحجاج في النظريات المعاصرة وأصول تطوره في معجم الدوحة التاريخي للغة العربية”. وقد سعى الباحثان إلى اقتراح معايير تصدر من صميم المقاربة الوظيفية للغة، وإلى إعادة رسم خريطة الحجاج وفق شروط تضبط فتراته التاريخية المتعاقبة وقيود تحكم خلفياته المعرفية التي وجهت مجاله وموضوعه، طبقا لوروده في النظريات الحجاجية المعاصرة. كما سعت الدراسة إلى تسخير نفس المعايير المقترحة لحصر حقل الحجاج في معجم الدوحة التاريخي مع التمثيل ببعض المواد التي يتيحها المعجم.
وتتواصل أعمال المؤتمر حتى 12 ماي 2023 في كل من كلية الآداب والعلوم الإنسانية والمدرسة العليا للأساتذة بمكناس،حيث يقدم زهاء خمسين باحثًا وباحثةً أوراقهم البحثية تحت محاور متنوعة كالمصطلح في معجم الدوحة والمعاجم المتخصصة، ومعجم الدوحة في خدمة النص الديني، والتاريخ والتطور اللغوي في معجم الدوحة، ومعجم الدوحة وتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها.
عن موقع: فاس نيوز