بين القرار الحكومي والقرارات المحلية الصادرة عن مجلس الجماعة بمكناس بون شاسع في التطبيق. الحكومة قررت أن تمنع (الحفلات والأعراس…) وحتى المآتم (10)، ومجلس جماعة مكناس يرخص على إقامة “لافوار” بساحة زين العابدين، والتي كانت تحتسب تسمية على المناطق الخضراء بالمدينة!!! ترخيص لمدة شهرين(02) بتجمع بشري وأسري غير متحكم فيه بالتزام الاحتراز الوقائي. تجمع بشري يخالف التباعد الجسدي (الاجتماعي)، ويمكن أن يشكل بؤرة وبائية شديدة الانطلاق بمكناس في ذروة الإصابات (9128 إصابة/ يوم 30 يوليوز 2021). وما على اللجنة الوبائية والصحية الإقليمية بمكناس إلا التحرك والوقوف في عين المكان والقرب على التجمهر القوي حول الألعاب بلا معقمات ولا كمامات…
قد تكون المبررات لهذا الترخيص جد منطقية، بناء على أن قرار الترخيص أتى قبل القرار الحكومي الوطني، لكن القرار الحكومي ملزم للجميع بأثر رجعي، وليس فيه أي اجتهاد أو تأويل. وهذا “لافوار” يمكن اعتباره من (الحفلات) الجماعية حتى وإن كان في فضاء مفتوح. وقد يكون قرار الترخيص معيبا ليس في المدة، ولكنه معيب في مكان الترخيص أولا، وهو من بين المواقع المستهدفة في تأهيل وتثمين المدينة العتيقة بمكناس (2023). هنا لا بد من الإشارة ثانيا إلى المنطقة التي رخص بها “لافوار” هي من بين المناطق ذات الحساسية في حدوث انهيارات أجزاء من السور (المحاذي سابقا للدائرة الأمنية/ دكاكين المغلقة حاليا)، وهي ثالثا من بين المناطق التاريخية ذات المشاهدة الترددية من حيث قيمة قربها من المعلمة التاريخية ساحة الهديم وباب منصور، وقلب المدينة العتيقة.
قد تسكت الأفواه والأقلام الداعية إلى توقيف هذا الترخيص واحترام القرارات الحكومية وإصدار قرار بتعليق الترخيص لزوما، ومنع التجمهر بساحة زين العابدين وقرب صهريج سواني. قد لا يتم إثارة الموضوع من طرف الجمعيات التي تشتغل على تيمة تاريخ المدينة المادي واللامادي بالمواكبة، قد لا يتم استحضار جل المخاطر الصحية (تفاقم منحى الإصابات) وذروة العدوى، وكل المخاطر الممتدة نحو انهيار جزء من السور (إن قدر الله). من هنا الصمت ليس بالحكمة بل هو صمت يواري مشاكل صحية وأمنية، يواري قيمة الأثر العمراني للمكان (لافوار والتثمين)، يبين أن مكناس انطلق منها النموذج التنموي الجديد من التوقيع على قرار الترخيص لــ “لافوار”.
الكل قد يعاني من الضغط النفسي خاصة الأطفال، لكن الخطر لا زال حاضرا ويتربص بالجميع، من هنا لا بد أن يكون للمجتمع المدني والإعلام رأي في مثل هذه القرارات المعيبة والترافع عن الساكنة والمدينة والأمن الصحي، وتوجيه حملات التوعية نحو ساحة زين العابدين وغيرها. أن يكون للمجمع المدني سلطة الترافع عن أمكنة تدخل في إطار التثمين والتأهيل، ولا يمكن أن توظف لغير ذلك. أن يكون للسلطة الترابية رأي السيادة في استدامة حفظ الأمن الصحي وتخفيض المخاطر الممكنة، وتجنب كارثة مثل ما حدث بمسجد باب بردعين (41).