عندما تلح على حكومة التطبيع مع الفساد، لتكثف من تواصلها مع المواطنين، فإننا ننبهها إلى أن أخطاءها ستكون مكلفة، وطبعا من الضروري أن نشكرها على كل مبادرة تواصلية، ومنها البلاغ الصادر يوم 14 مارس، حول تموين الأسواق بالمنتجات الغذائية ومراقبتها، وإن كان هذا البلاغ لم يحقق كافة الأهداف المرجوة منه، ولم يأتي بكافة المعطيات المطلوبة والمنتظرة، ومنها الإعلان عن المخزون المتوفر من المواد الأساسية، وكم من شهر يمكن أن يُغطيه، بالإضافة إلى غياب أي إشارة للأسعار التي سيجدها المواطن أمامه في الأسواق، حتى إذا توفرت فعلا هذه المواد بكثرة، لأن المشكل القائم اليوم يتعلق بغلاء الأسعار، والمواطنون ينتظرون إجراءات لتخفيضها، ولم يسألوا بعد عن تموين الأسواق ووفرة المواد.
وما دامت الحكومة تلصق غلاء الأسعار بالظروف الدولية وغلاء المواد الأولية في الأسواق العالمية، فإننا نبشرها بأن هذه الظروف في تصاعد مع الحرب الروسية الأوكرانية، وستزداد تعقدا مع ما يُثار هذه الأيام في الصين، بعد رصد السلطات هناك أعداد قياسية من حالات الإصابة بكوفيد 19، وإعلان شركات كبيرة تعليق نشاطها في الصين.
لكن الحكومة ليست وكالة أنباء، تنقل إلينا أخبار الظرفية الدولية وارتفاع أسعار المواد الأولية في الأسواق، ثم تصمت على الارتفاع الصاروخي للمواد الأساسية في الأسواق الوطنية، وخاصة المحروقات، فمهمة الحكومة هي التدخل لحماية القدرة الشرائية للمواطنين، من خلال إعمال القوانين المتاحة أمامها، والتدخل عبر ما هو موضوع رهن إشارتها من إمكانيات، أو التدخل عبر حلول مبدعة، وليس الوقوف موقف المتفرج إزاء استمرار رفع الأسعار من طرف الشركات المعنية.
وفي هذا السياق، لابد من إعادة طرح سؤال يتعلق بإلغاء أو تأجيل زيادة في أسعار المحروقات يوم 16 فبراير الماضي، بحيث أنه وحسب المعطيات المسجلة حينها، فإن الزيادة التي كان من المقرر أن يتم الإعلان عنها من قبل شركات المحروقات، بلغت ما بين 40 و60 سنتيم، لكنها لم تتم، وهنا نتساءل من أوقف هذه الزيادة، هل هي جهة ما، أم عزيز أخنوش، وإذا كان أخنوش، فبأي صفة، هل بصفته رئيس الحكومة، أم بصفته الفاعل الرئيسي في سوق المحروقات بالمغرب؟
ونحن مقبلون على موعد لتغيير أسعار المحروقات، يوم 16 مارس، فهل سيتم اتخاذ قرار الزيادة وكم ستبلغ، بعد أن بلغت 50 سنتيم يوم 1 مارس، أم أنها ستنخفض بالنظر إلى نزول ثمن البرميل تحت عتبة 100 دولار، علما أن السعر المسجل بسوق روتردام مثلا، يومه 15 مارس، يعادله سعر 9.7 درهم للتر (دييزل)دون احتساب باقي التكاليف..
ثم هناك ملاحظة أخرى مرتبطة بالزيادات المتواصلة في أسعار المحروقات، أليس بإمكان الحكومة أن تتدخل للتخفيف على المواطنين، من خلال الضرائب الموجهة للمحروقات؟ أجيب مكانها أن هناك إمكانية، والأمر يتطلب فقط الشجاعة في اتخاذ القرار، وهذه الشجاعة تتطلب أن تكون للحكومة “الكبدة” على المواطنين، وأن تجسد بالفعل شعار تستاهل أحسن” الذي دلّس به الحزب الذي يرأس الحكومة، على الذين صوتوا عليه، إذا كانوا فعلا قد صوتوا عليه.
ومن المقترحات في هذا الصدد، أن تفكر الحكومة في إجراءات تتخذها من خلال الزيادة المتوقعة في الرسم الداخلي على الاستهلاك وفي الضريبة على القيمة المضافة، ما دام أن قانون المالية لسنة 2022 قد اعتمد سعر البرميل في حدود 80 دولار خلال اعداد ودراسة قانون المالية، وطبعا سينتج عن هذا الفارق بين 80 والسعر المتداول الذي تجاوز 130 دولار فائض في المداخيل الضريبية المتعلقة اساسا بالضريبة على القيمة المضافة والرسم الداخلي على الاستهلاك والذي يقدر بملايير الدراهم بحيث يمكن استثمارها في دعم القدرة الشرائية للمواطنين والتخفيف بل والمساهمة في خفض الاسعار لعدد من المواد الاساسية بالسوق الوطنية..
وبغض النظر على إقدام الحكومة، من عدمه، على قانون مالي تعديلي، استحضارا لتغير كافة المؤشرات والفرضيات التي بني عليها قانون المالية 2022، فإن هناك إمكانية لدعم نقل المواد الأساسية حتى تصل إلى المواطنين في مختلف الجهات، إما عن طريق دعم مهنيي النقل، أو لما لا التدخل مباشرة من خلال شركات اللوجيستيك والنقل، لتأمين نقل المواد الأساسية إلى الأسواق، لأن النقل عامل من عوامل الإنتاج، ومن عوامل الزيادة في الأسعار.
إلى جانب هذا هناك مقترحات أخرى في الجانب الاجتماعي أساسا، للتخفيف عن الأسر المغربية، وجعلها تحس بأن الحكومة تفكر فيها، في هذه الظروف الصعبة، وستكون لنا عودة بحول الله وقوته، لمزيد من الملاحظات والاقتراحات المجانية لهذه الحكومة الهيمنية التي لا تراعي سوى تكديس شركات بعينها للأرباح.
د.بووانو عبد الله
عن موقع: فاس نيوز