كلمة السيد مولاي الحسن الداكي رئيس النيابة العامة بمناسبة افتتاح أشغال الندوة المنظمة من طرف رئاسة النيابة العامة حول موضوع: “دور القضاء الوطني في تطبيق أحكام القانون الدولي الإنساني”
الأربعاء 23 فبراير 2022
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين؛
السيدة رئيسة اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني؛
السيدة ممثلة السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية رئيسة قطب الشؤون القضائية؛
السيدات والسادة المسؤولون القضائيون؛
السيدات والسادة القضاة؛
السيد نقيب هيئة المحامين بالرباط؛
المشاركة معكم اليوم في افتتاح أشغال هذه الندوة الهامة حول موضوع دور القضاء الوطني في تطبيق أحكام القانون الدولي الإنساني، وأود باسمكم جميعا أن أرحب بضيفنا الكريم، الدكتور شريف عثلم، الذي تحمل أعباء السفر للمساهمة في تأطير هذا اللقاء.
حضرات السيدات والسادة؛
إن تنظيم هذه الندوة يأتي في إطار العناية الخاصة التي توليها كل من رئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية لمسألة التكوين والتكوين المستمر بشكل عام، ولتعزيز قدرات القضاة في مجال القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني بشكل خاص، وذلك استحضارا للالتزامات الدولية للمملكة المغربية في هذين المجالين، ووعيا منا بالدور الهام الذي يقوم به القضاء في إعمال المعايير الدولية المترتبة عن التزام بلادنا بمقتضيات الاتفاقيات الأساسية المعتمدة في المجالين.
ويجدر، بهذه المناسبة، التذكير بالتفاعل المبكر لبلادنا مع منظومتي القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، إما بالمساهمة في إنشاء وتطوير آلياتهما أو بالانخراط الفعلي في منظومتيهما من خلال المصادقة أو الانضمام إلى الاتفاقيات الأساسية المعتمدة في هذين المجالين.
فبعد مرور ثمان سنوات على اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، شرعت المملكة المغربية في الانضمام الفعلي إلى منظومة حماية حقوق الإنسان في بعديها المتعلقين بالقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، حيث صادقت سنة 1956 على الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين وعلى اتفاقيات جنيف الأربع الخاصة بالقانون الدولي الإنساني والبروتوكولات الملحقة بها.
وقد أدت جهود المملكة المغربية المتعلقة بمواصلة الانضمام إلى آليات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني إلى جعلها اليوم من بين الدول التي تتبوأ مكانة متميزة في هذا الشأن من حيث كونها استكملت الانخراط في الاتفاقيات الأساسية التي تشكل ما يسمى بالنواة الصلبة للقانونين.
كما تعزز هذا المسار بما تضمنه دستور 2011 من مقتضيات كرست ضمانات حماية حقوق الإنسان بدءا بما أكدت عليه ديباجته من تشبث المملكة بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا والتزامها بما تقتضيه المواثيق الدولية من مبادئ وحقوق وواجبات وبحماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما والإسهام في تطويرهما.
حضرات السيدات والسادة؛
بما أن محاور هذه الندوة تتعلق بدور القضاء في إعمال أحكام القانون الدولي الإنساني، فإننا على يقين أنكم ستستفيضون في مناقشة كل الجوانب ذات الصلة بالموضوع من خلال التعرض لأهم مقتضيات معاهدات وآليات القانون الدولي الإنساني والتزامات الدول بموجبها، ولا ضير من التذكير بأن اتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1949 والبروتوكولان الإضافيان لسنة 1977، من بين المعاهدات الدولية التي تضم القواعد الأكثر أهمية لحماية الإنسان في حالة النزاعات المسلحة للحد من همجية الحروب، كما توفر الحماية للأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية ومن بينهم المدنيون وعمال الصحة وعمال الإغاثة، وللأشخاص الذين توقفوا عن المشاركة في الأعمال العدائية أي الجرحى والمرضى وجنود السفن الغارقة وأسرى الحرب.
وإذا كانت إحدى موجبات اعتمادنا لبرنامج تعزيز قدرات القضاة في مجال حقوق الإنسان تتعلق بتفعيل إحدى التزامات بلادنا بموجب معاهدات حقوق الإنسان التي صادقت عليها والمتعلقة بتكوين وتعزيز قدرات المكلفين بإنفاذ القانون بشكل عام والقضاة بشكل خاص بالنظر لدورهم في إعمال المعايير الدولية المترتبة عن الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان، فكذلك الأمر بالنسبة لأحكام القانون الدولي الإنساني حيث يندرج تنظيم هذه الندوة ضمن الالتزام المتمثل في احترام وكفالة احترام ونشر أحكام القانون الدولي الإنساني خاصة بين الموظفين المكلفين بتنفيذ القانون، وذلك تفعيلا لما ورد في المادة الأولى المشتركة من الاتفاقيات الأربع على أنه “تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بأن تحترم هذه الاتفاقية وتكفل احترامها في جميع الأحوال”، وللتأكيد على ضرورة التزام وتعهد الدول بنشر أحكام الاتفاقيات على نطاق واسع، طبقا للمادة 47 من اتفاقية جنيف الأولى والمادة 48 من اتفاقية جنيف الثانية والمادة 127 في فقرتها الاولى من اتفاقية جنيف الثالثة والمادة 144 في فقرتها الاولى من اتفاقية جنيف الرابعة والمادة 83 من البرتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف.
حضرات السيدات والسادة،
في ختام هذه الكلمة أود أن أجدد الترحيب بكم مرة أخرى وأشكركم على تلبية دعوة المشاركة في فعاليات هذه الندوة التي ستساهم بلا شك في إغناء النقاش وتبادل الخبرات وتعميق المعرفة بمقتضيات وأحكام القانون الدولي الإنساني وتعزيز دور القضاء الوطني في إعمال المعايير الدولية ذات الصلة. والشكر موصول للسيدة رئيسة اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني على هذه المبادرة، والشكر موصول أيضا لكافة الخبراء الذين سيؤطرون بمداخلاتهم هذه الندوة متمنيا لأشغالها كامل النجاح والتوفيق.
وأسأل الله القدير أن يوفقنا جميعا لما فيه خير بلادنا تحت القيادة الرشيدة لمولانا المنصور بالله صاحب الجلالة الملك محمد السادس دام نصره وعزه وحفظه الله بما حفظ به الذكر الحكيم وأقر عينه بولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن وشد أزره بصنوه الرشيد الأمير مولاي الرشيد وكافة أسرته الشريفة.
والله ولي التوفيق
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.