محسن الأكرمين.
يكثر الحديث ضمن بوابات المواقع الاجتماعية الاليكترونية حول مسودة اتفاقية الشراكة والتعاون بين مجلس جماعة مكناس وجمعية مكناس للثقافات، والتي تهم تنظيم (مهرجان عيساوة وموسيقى العالم). مهرجان يتعرض لصيحات استهجان جماعية في ظرفية مدينة تئن تحت رحمة الهشاشة والمعيقات المتنامية (البلوكاج + السابوتاج).
من فقه علماء قانون الاتفاقيات، حين تم اقتناص المرجعية الدستورية (مادة 31)، لكي يتم الاستناد عليها كداعم مؤسساتي. ولكن، لما لا يطبق مجلسنا الموقر فصول الدستور في عمومه (الجميل) كالحق في تعليم ذي جودة وجاذبية، والحق في صحة استباقية، وتشييد المستشفى من الجيل الرابع، والحق في الشغل والتنمية المندمجة، والحق في تمكين المدينة من الكرامة والحكامة. فبئس لكل من يستغل فصول الدستور بالتقطيع والانتقائية لقضاء مآربه الخاصة!! من فقه علماء قانون الاتفاقية، حين أشير إلى الشراكة بلفظ الجمع (اتفاقيات الشراكة والتعاون) بالتضخيم، وكأنه الفتح المبين للثقافة المَوءُودَةُ في مدينة عرس الأعاجيب والأحاجي (العيساوية) التي لا تنتهي.
قد لا تحتمل تلك مسودة (البدائية) حتى لفظ المفرد (اتفاقية الشراكة) وكفى !! نعم، اتفاقية لا تستوفي حتى البناء التعاقدي السليم للاتفاقيات القانونية، ذات الأبعاد الكبرى والمؤشرات العددية بالأثر والإحصاء. اتفاقية لأجل تمرير مبلغ مالي مليح (1500.000.00درهم)، باعتبارات قانونية تماثل سياسة الريع (حلال).
اليوم تبدو الاتفاقية تماثل سياسة الريع (حلال)، توازي السياسة الضعيفة والأسس الواهنة لمجلسنا الموقر !! فالمال العمومي من خلال بنود مسودة تلك الاتفاقية، أصبح مجرد لعبة قابلا للمصادقة والموافقة بالإجماع، في غياب التبادل السياسي والرأي الذي تحكمه الضوابط السامية للدولة والدستور والحكامة ( تبذير المال العام) بلا ضوابط.
قد نستمع خلال جلسة المجلس (سفسطة) من علماء السياسة الجدد والقدماء، قد تخرج الألسن وتُرْجِعْ تلك الاتفاقية (إلى الأوامر العليا) !! لكن، كل الأوامر العليا هي بَراءٌ من العبث السياسي ومن (السابوتاج) بمجلس جماعة مكناس. قد تخرج الفصائل بالترافع للدعم والتمرير بالإكراه وتعلي من شأن هذه الاتفاقية، وكأن المدينة لا تحتاج غير الليالي العيساوية و(الشخدة) و(الغيطة) و(الطبل) و(النفار) !! لا ننتقص شأنا من التراث العيساوي الأصيل وعلامة المدينة الحصري، ولكنا نقول: (أن مال زعطوط العمومي لا ينتج غير خاتم العريان) وموسيقى العالم !!
من مهرجان مكناس الذي راكم خبرات وأداء وأثر، إلى نقطة رجوع إلى السطر (مهرجان عيساوة وموسيقى العالم). هي مكناس(التالفة) عند حلاق درب الفقراء، و(تَعْلاَمْ) صنعة (تقريع) المال العمومي في أنشطة لا تتجاوز (حدود 40كلم ).
فمجلسنا الموقر سخي بكرم حاتم الطائي فقط من المال العام، ويوفر (1500.000.00درهم)، ويزيد (توفير اللوجستيك للمهرجان)، وتوفير الفضاءات… فما أكرم مجلس (حاتم الطائي) مَنْ (شَحَمْتٌو نَكْوِيهْ)!! في حين بقيت مساهمة (جمعية مكناس الثقافات)غير محددة، فَيَا الروعة !! (المساهمة ماديا لتنظيم مهرجان عيساوة وموسيقى العالم)، هنا يَخْبُو التعاقد ويَبُورُ، حتما لا بد أن تلتزم الجمعية بمبلغ مالي محدد (يفوق حتما الدعم العمومي) بثلاث أرباع.
إشكاليات مكناس تشتغل على تيمة (أنا وحدي نضوي لبلاد)، تشتغل على (الردم) وليس (التراكم) و(البناء)، لكن التاريخ والتوثيق يبقى يشهد على تضحيات فاعلين وخبراء من هذه المدينة (المجرورة). أولا: الترافع عن مهرجان عيساوة الذي هاجر نحو البيضاء. وثانيا: خبراء اشتغلوا على توثيق التراث العيساوي، ونقله نحو العالمية التسويقية، وليس برؤية التحنيط بصيغة (التراث الللامادي).
حين سألت صديق له خبرة وافية في المورد الثقافي والتراثي بمكناس، كيف يرى فكرة مهرجان عيساوة وموسيقى العالم؟ قال بنكهة التهكم المألوف في طبعه، إنه يماثل عصير (بَانَاشِي البَايَتْ) !! إن أيامه مثل توليفة عصير (زعزع) بين (عيساوة وموسيقى العالم)، والذي لا يسمن المدينة من خطاب سياسي بئيس وتدبير ارتجالي، ومن ذاك (السابوتاج) المنتج لعمليات (اسْطُوبْ مكناس…انتظري مرور قطار غودو !!).
عن موقع: فاس نيوز