رســمــيــا : إلــغــاء انــتــخــاب عــضــويــن بــمــجــلــس الــنــواب و المحكمة الدستورية تأمر بإجراء انتخابات جزئية بهذه الدائرة الإنتخابية

المغرب – قضت المحكمة الدستورية، مطلع الأسبوع الجاري، بإلغاء انتخاب عبد المنعم الفتاحي والمصطفى الخلفيوي عضوين بمجلس النواب، على إثر الاقتراع الذي أجري في 8 سبتمبر 2021 بالدائرة الانتخابية المحلية “الدريوش” (إقليم الدريوش)، وأعلن على إثره انتخاب السادة عبد الله البوكيلي وعبد المنعم الفتاحي والمصطفى الخلفيوي أعضاء بهذا المجلس.

و أمرت المحكمة الدستورية، بإجراء انتخابات جزئية بخصوص المقعدين اللذين كانا يشغلانهما به، عملا بأحكام المادة 91 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، و بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى رئيس مجلس النواب، وإلى الجهة الإدارية التي تلقت الترشيحات بالدائرة الانتخابية المذكورة، وإلى الأطراف المعنية، وبنشره في الجريدة الرسمية.

إليكم نص المحكمة كما اطلعت عليه الجريدة بدون تصرف :

باسم جلالة الملك وطبقا للقانون

المحكمة الدستورية،

بعد اطلاعها على العريضة المسجلة بأمانتها العامة في 6 أكتوبر 2021، التي قدمها السيد محمد فضيلي ـ بصفته مرشحاً ـ طالباً فيها إلغاء نتيجة انتخاب السيدين عبد المنعم الفتاحي والمصطفى الخلفيوي عضوين بمجلس النواب في الاقتراع الذي أجري في 8 سبتمبر 2021 بالدائرة الانتخابية المحلية “الدريوش” (إقليم الدريوش)، وأعلن على إثره انتخاب السادة عبد الله البوكيلي وعبد المنعم الفتاحي والمصطفى الخلفيوي أعضاء بمجلس النواب؛

وبعد الاطلاع على المذكرتين الجوابيتين والمذكرة التعقيبية المسجلة بنفس الأمانة العامة على التوالي في 19 نوفمبر 2021 و24 يونيو 2022؛

وبعد الاطلاع على المستندات المدلى بها، وعلى باقي الوثائق المدرجة بالملف؛

وبعد منح الطاعن بصورة استثنائية، بناء على طلبه أجلا إضافيا للإدلاء بمستندات؛

وبنــاء عـلى الدسـتـور، الصـادر بتـنفـيذه الـظهـيـر الـشـريف رقـم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريـف رقم 1.14.139 بتاريـخ16 من شـــوال 1435 (13 أغسطس 2014)؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.165 بتاريخ 16 من ذي القعدة 1432 (14 أكتوبر 2011)، كما وقع تغييره وتتميمه؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.166 بتاريخ 24 من ذي القعدة 1432(22 أكتوبر 2011)، كما وقع تغييره وتتميمه؛

وبناء على القانون رقم 81.03 المتعلق بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.06.23 بتاريخ 15 محرم 1427 (14 فبراير 2006)؛

وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛

من حيث الشكل:

حيث إن المطعون في انتخابهما دفعا، من جهة، بأن الطاعن لم يدرج عامل إقليم الدريوش أو من يمثله ضمن من توجه ضدهم عريضة الطعن، ومن جهة أخرى، بأن عريضة الطعن خلت من بيان صفة الطاعن، ولم ترفق بمستندات؛

لكن،

حيث إنه، من جهة، فإن الطعون الانتخابية، يمكن أن توجه، طبقا لأحكام المادة 88 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب ضد القرارات التي تتخذها مكاتب التصويت والمكاتب المركزية ولجان الإحصاء التابعة للعمالات أو الأقاليم أو عمالات المقاطعات ولجان الإحصاء الجهوية، ولا توجد ضمن أحكام القانون التنظيمي المذكور ما يلزم توجيه الطعن ضد العامل، ومن جهة أخرى، فإن العريضة تضمنت بيان صفة الطاعن كمترشح غير فائز وأرفقت بمستندات وفق ما تتطلبه أحكام المادة 35 من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية؛

وحيث إنه تبعا لذلك، يكون الدفعان المثاران غير مرتكزين على أساس من القانون؛

من حيث الموضوع:

فيما يتعلق بالطعن الموجه ضد السيد عبد المنعم الفتاحي:

في شأن المأخذ الفريد المتعلق بالأهلية:

حيث إن هذا المأخذ يتلخص في دعوى، أن المطعون في انتخابه، بوصفه مسؤولا وطنيا للحزب الذي قدم استقالته منه، كان عليه أن يقدمها للمؤتمر الوطني الذي سبق أن انتخب من قبله أمينا عاما لذلك الحزب، وأن طلب استقالته قد وضع أمام جهة غير مختصة وأن إقدام رئيس حزب سياسي “بين ليلة وضحاها” على الترشح باسم حزب آخر يعد سلوكا منافيا للمشاركة السياسية المسؤولة؛

وحيث إن الدستور نص في الفقرة الأولى من الفصل السابع منه، بصفة خاصة، على أن الأحزاب السياسية: “…تساهم في التعبير عن إرادة الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة، على اساس التعددية والتناوب، بالوسائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات الدستورية.”؛

وحيث إنه، يستفاد من هذه الأحكام، أن تحقيق الغايات التي رام الدستور بلوغها من إسناد هذه المهام للأحزاب السياسية، لا يتأتى، إلا بمزاولة مسؤولي هذه الأحزاب لمهامهم والتزامهم بها على أكمل وجه، لاسيما بمناسبة العمليات الانتخابية التي تعتبر أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي على النحو المقرر في الفقرة الأولى من الفصل 11 من الدستور؛

وحيث إن مسؤولي الأحزاب السياسية، متى تولوا مهام التدبير باختيار من أعضاء الحزب، يصبحون مقيدين، خلال مدة انتدابهم لهذه المسؤوليات، بصفة خاصة، بمبادئ الحكامة الجيدة والمسؤولية والمحاسبة، وهي مبادئ مقررة في المادة 25 من القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية؛

وحيث إن المطعون في انتخابه، قدم استقالته إلى الجهاز المعني داخل الحزب الذي كان ينتمي إليه، في 12 يوليو 2021، توصل بها مقرر هذا الجهاز في نفس اليوم وتم قبولها من لدن الجهاز المذكور في 22 أغسطس 2021، أي أثناء فترة إيداع التصريحات بالترشيح، وقبيل انطلاق الحملة الانتخابية برسم الاقتراع موضوع الطعن؛

وحيث إنه، بصرف النظر عن كون المطعون في انتخابه لم يكن وقت إيداع ترشيحه منتميا لحزبين، إذ أودع ترشيحه باسم حزب آخر في 24 أغسطس 2021، أي في تاريخ لاحق على استقالته، فإن ما أقدم عليه، عشية إجراء الانتخابات التشريعية، وما يتطلبه ذلك من إنفاذ ما هو موكل إليه من مهام الإعداد لهذه العملية باسم الحزب الذي كان يسيره، يعد سلوكا من شأنه النيل من مصداقية المؤسسة الحزبية ومن ثقة المواطنين بها، وتوهينا لصورتها لدى الناخبين، كما يجافي الغايات الدستورية المشار إليها، ويخل بالمهام المسندة بنص الدستور للأحزاب السياسية، ويمس بنزاهة وشفافية الانتخابات، المقررتين بموجب الفقرة الأولى من الفصل 11 من الدستور، الأمر الذي يتعين معه التصريح بإلغاء انتخاب السيد عبد المنعم الفتاحي؛

فيما يتعلق بالطعن الموجه ضد السيد المصطفى الخلفيوي:

في شأن المأخذ الفريد المتعلق بسير الاقتراع:

حيث إن هذا المأخذ يتلخص في دعوى، أن عصابة إجرامية متكونة من عدة أشخاص قادمين من جهات مختلفة بقصد الهجوم على مكاتب التصويت وفق مخطط متفق على تنفيذه “بزعامة شقيق المطعون في انتخابه”، قام أفرادها باقتحام مكتب التصويت رقم 16، الكائن بدوار بني مدين بجماعة تفرسيت تحت التهديد والقوة بملء الصندوق بأوراق التصويت لفائدة لائحة الترشيح للمطعون في انتخابه، ثم توجهوا إلى مكتب التصويت رقم 7 الكائن بدوار بني مقرين بجماعة افرني وقاموا تحت نفس التهديد والعنف بملء صندوق التصويت بأوراق التصويت لفائدة نفس المترشح، إلى أن انكشف أمرهم ولاذ بعضهم بالفرار، وقامت الضابطة القضائية بتوقيف الباقي منهم وتمت متابعتهم وأحيلوا على قاضي التحقيق، وأن تلك الأفعال وما صاحبها من مناورات تدليسية، تشكل إخلالا بشفافية ونزاهة وصدقية الانتخاب، وأنها أثرت على نتيجة الاقتراع وحرمته من الفوز فيه؛

وحيث إن الدستور، ينص في الفقرة الأولى من الفصل 11 منه على أن: “الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي.”؛

وحيث إن أحكام المواد 52 و54 و58 و59 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، تورد جملة من العقوبات بالحبس والغرامات في حق مرتكبي أفعال استئجار وتسخير أشخاص على وجه تهديد الناخبين، واقتحام قاعة التصويت بعنف والتهديد بالسلاح، وانتهاك عمليات الاقتراع بكسر صندوق الاقتراع أو فتح الأغلفة أو القيام بإبدالها والاستيلاء على صندوق الاقتراع أو أية مناورات أخرى يراد بها تغيير أو محاولة تغيير نتيجة الاقتراع؛

وحيث إن الدستور أسند للقضاء الدستوري صلاحية البت في صحة انتخاب أعضاء البرلمان بما يضمن حرية ممارسة الحق في التصويت ويصون العملية الانتخابية من كل فعل من شأنه التشكيك في مصداقيتها وسلامتها؛

وحيث إن الطاعن، أدلى، للاستدلال على الوقائع المدعاة، بصورة من محضر الضابطة القضائية المنجز من طرف المركز القضائي أعزيب ميضار بتاريخ 08/09/2021 وبنظير محضر مكتب التصويت رقم 7 فرعية مجموعة مدارس 20 غشت بالدائرة الانتخابية الجماعية رقم 4 (جماعة افرني إقليم الدريوش)؛

وحيث إن الضابطة القضائية، استمعت في إطار البحث التمهيدي، إلى الأشخاص الموقوفين، واعترفوا بالأفعال المنسوبة إليهم كما تم الاستماع إلى شقيق المطعون في انتخابه حول إيواء أفراد المجموعة طيلة ثلاثة أيام بالمنزل الذي تعود ملكيته لشقيقه المذكور، وتلقت أيضا تصريحات رئيسي وأعضاء مكتبي التصويت رقم 7 و16 المشار إليهما، فأكدوا جميعهم أن مجموعة من الأشخاص، غرباء عن المنطقة، يتراوح عددهم ما بين 12 و14 فردا يضعون كمامات ونظارات شمسية سوداء اللون على أعينهم، ويحمل بعضهم بخاخا مسيلا للدموع، قاموا باقتحام مكتبي التصويت وأغلقوا باب المكتبين من الداخل وأخذوا يصرخون ويهددون بالضرب كل من حاول أن يتدخل في ما يقومون به، وقاموا بوضع علامات بالأوراق المخصصة للاقتراع على رمز الحزب الذي ينتمي إليه المطعون في انتخابه ويضعونها داخل صندوق الاقتراع، وكان أحدهم يقوم بأخد صور عن تلك الأفعال ويسجل مقطع فيديو عنها؛

وحيث إنه تبين للمحكمة الدستورية، من خلال التحقيق الذي قامت به، بمراسلة السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالناظور، في 4 فبراير 2022، حول مآل البحث التمهيدي الذي أنجزته الضابطة القضائية في 8 سبتمبر 2021، ومن جوابه بتاريخ 22 فبراير 2022 تحت عدد 788/2022، أن السيد قاضي التحقيق بالغرفة الثانية لدى محكمة الاستئناف بالناظور أصدر، في 25 أكتوبر 2021، بملف التحقيق عدد 212/15/2021، أمرا بإحالة المتهمين على غرفة الجنايات بنفس المحكمة، وأن هذه الأخيرة أصدرت قرارها في الملف الجنائي الابتدائي عدد 656/2610/2021 بتاريخ 23 فبراير 2022 بإدانة المتهمين ومؤاخذتهم بما نسب إليهم ومعاقبتهم بأربع سنوات حبسا نافذا في حق الفاعلين الأصليين وبسنتين حبسا نافذا في حق شقيق المطعون في انتخابه؛

وحيث إنه من الثابت من هذه الوثائق القضائية المستحضرة نسخ منها من قبل المحكمة الدستورية، أنه بناء على خطة مدبرة اتفق على تنفيذها في عدة دوائر انتخابية، قامت مجموعة من الأشخاص القادمين من مدن مختلفة، تم إيواؤهم بمنزل في ملكية شقيق المطعون في انتخابه لمدة ثلاثة أيام قبل يوم الاقتراع، انطلقوا منه، يوم الاقتراع، وتوجهوا إلى مكتب التصويت رقم 16 بمركز تفرسيت (جماعة تفرسيت – إقليم الدريوش)، واقتحموا قاعة التصويت بالعنف والتهديد لمنع الناخبين من ممارسة حقهم في التصويت، وأرغموا أعضاء مكتب التصويت على تسليمهم هواتفهم النقالة باعتبارهم “لجنة مكلفة بالتفتيش” وشرعوا في وضع أوراق التصويت بصندوق الاقتراع لفائدة الحزب الذي ينتمي إليه المطعون في انتخابه، ثم انتقلوا لمواصلة هذه الأفعال بمكاتب أخرى للتصويت؛

وحيث إن فحوى هذه الوقائع ضمّن أيضا في خانة الملاحظات بنظيري محضري مكتبي التصويت رقم 16 (جماعة تفرسيت) ورقم 7 (جماعة افرني) المودعين لدى المحكمة الابتدائية بالدريوش والمستحضرين من قبل المحكمة الدستورية؛

وحيث إن مهمة المحكمة الدستورية، عند ممارستها لاختصاصاتها في المجال الانتخابي، تتمثل، طبقا للفقرة الأولى من الفصل 132 من الدستور، في البت في صحة العملية الانتخابية عبر مراقبة صدقها وسلامتها، وأن الوقوف على وقائع ثابتة، وخطيرة، ومخطط لها، يكفي لعدم اطمئنان هذه المحكمة لسلامة الاقتراع والتصريح بإلغاء انتخاب السيد المصطفى الخلفيوي؛

ومن غير حاجة للتعرض إلى باقي المآخذ المثارة؛

About أحمد النميطة