متابعة للشأن المحلي بمكناس/ محسن الأكرمين.
عندنا بمكناس ليس المشكل في من ينتج برنامج عمل الجماعة (مكتب الدراسات يسخر حناجر الديمقراطية التشاركية)، بل المشكل يكمن في المنعرج الغائر(بحدود 2027)، وأفق الاستيفاء بقيمة تمكين المدينة من حقها الوفير من التنمية. قد نتحلق استدارة و جميعا حول مائدة !! ونفكر بالصوت المسموع، ونشخص وضعية المدينة (نقط القوة/ نقط الضعف/ التهديدات/ البدائل)، ونتعمق في تفكيك الإشكالات، والمعيقات الداخلية والخارجية. قد نتبع فصول الديمقراطية التشاركية، ونفتش عنها في الدستور، ونستوثق من صحتها في القانون التنظيمي للجماعات(113/14)، لكنا قد ننتج أضغاث أحلام شكلية (من المشاريع) لا تسمن المدينة من تنمية جدية. فمادامت الإرادة السياسية للمجلس منهكة في الخلافات الهامشية، والمال العام الوطني يغيب عن التنمية الكبرى في ظل ترددات بؤس السياسة بمكناس !!!
من العيب المنهجي، والذي لا يستند إلى تخطيط استراتيجي، حين تمارس المدينة جمعاء الكلام لأجل الكلام (ومكتب الدراسة دايرخدمتو). حين يغيب عن المدينة التخطيط الموضوعاتي (الواقف)، والرؤية المالية الاقتصادية (الداخلية والخارجية). حين لم تستطع جماعة مكناس أن توفر للمجتمعين حول مائدة المشاورات الموسعة الجواب عن سؤال: ما هي الإمكانات والمخصصات المالية لكل قطب من أقطاب التنمية الرباعية الدفع؟ فماذا نشخص إذا !!! الأحلام الوردية !!!
من العيب أن يحضر ميسر الورشة وهو يمتلك الخبرة التقنية الكاملة، ولكن تغيب عنه المعطيات الكمية للمخصصات المالية لكل قطب من مجالات البرنامج، يغيب عنه وضع سقف تام لأحلام المطالب، ويعلن للجميع أن (اليد قصية والغالب الله)، أو يعلن بقوة صوت المكبر: الإمكانات (كاينة) اقترحوا !!! لا تقفوا مثل المسمار !!! (أرى بَرَعْ مكناس بالمشاريع الكبرى !!! ).
نعم أهل مكناس، فقد علمتنا التجارب أن برنامج عمل الجماعة حلم جميل ملون، يُزين رفوف الأرشيفات، ويمنح هدية للزوار، والوفود الرسمية !!! وأن التسيير بمجلس جماعة مكناس يدبر المشاكل اليومية والورقية، وتلك الخلافات الداخلية القديمة والمستحدثة منها. علمتنا التجارب أن الحلم (التنموي) يفوق إمكانية المدينة المادية، فلما نكابد قَضْمَ التفكير، والعضّ على المشاريع الكبرى؟. علمتنا التجارب أن المال العام الوطني يأتي على شكل قطرات متباعدة على المدينة. علمتنا التجارب أن (قضايا مكناس الكبرى) مثل لعبة (لعب وكول)، وفي كل ولاية نتفق على تفعيلها، ثم نختلف عندها في خط النهاية !!! علمتنا التجارب في ظل الوضعيات المستكينة، أن المدينة لن تتحرك في الأفق القريب، إلا بأوامر عليا / مركزية وسيادية، تغنينا عن برنامج عمل جماعة (شكلي وغير مقدور على تنزيله).
قد نحمل مجلس جماعة مكناس ما لا طاقة له بالإكراه والنقد، ولكن القانون المنظم للجماعات يجعله على مرمى حجر المساءلة والمحاسبة. يجعله تحت رحمة الترافع المدني والمتابعة. يجعل القانون التنظيمي، المجلس يلعب دور المحفز للتنمية المحلية لا المعيق لها. يجعله القانون التنظيمي المجلس يدبر قضايا القرب، وصناعة العدل المجالي، و تحصين كرامة العيش الاجتماعية. يجعل القانون التنظيمي المجلس وصيا بالحكامة على المدينة (وعندما تسقط تنمية الصومعة، قد يعلق الحجام) !!! يجعل منه القانون التنظيمي محرك قطار (براق) لاستقطاب التنمية، والاستثمار، والمال العام الوطني لتحريك بركة المدينة الراقدة في الانتظارية !!!
المدينة لا تبتغي برنامج عمل يفوق إمكاناتها المحدودة في الزمن والمكان. يفوق نُفُوقَ الترافع عن قضايا المدينة الكبرى وطنيا وجهويا. فمكناس تبحث عن برنامج عمل جماعة (بلا منشطات مكتب الدراسة)، يحمل الواقعية (لبس قدك يواتيك)، يحمل البساطة ويعتني بأقطاب القرب(المؤسساتية/ البيئية/ الصحية/ التعليمية/ التشغيل…). يحمل البراغماتية من حيث ترتيب (أولويات الأولويات)، والاتفاق على تنزيلها بدون بوليميك سياسي معيق وفضفاض. نهاية ختم، أقول بحق مكناس: تريد الحكامة في صناعة برنامج عمل الجماعة (2022/2027)، يحمل رؤية تطوير المدينة، وكفى الخلافات الهامشية شأنا.
عن موقع: فاس نيوز