طلبة الطب: التخطيط غير الممنهج لوزارتي التعليم العالي والصحة يهدد الوضع الصحي لبلادنا

بـيان 04/22

|| التخطيط غير الممنهج لوزارتي التعليم العالي والصحة يهدد الوضع الصحي لبلادنا ||
في خضم المسلسل النضالي الذي يخوضه طلبة الطب، طب الأسنان والصيدلة بالمغرب دفاعا عن الجامعة والمستشفى العموميين وعن جودة التكوين الطبي والصيدلي، وبعد التراجعات الخطيرة والسياسات محدودة الرؤية التي أقرتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، خاصة فيما يتعلق بتأخر الإفراج عن دفتر الضوابط البيداغوجية المؤطر للسلك الثالث من الدراسات الطبية بعد أن توقف العمل عليه، فضلا عن الاكتظاظ المهول الذي أصبحت تعرفه أراضي التداريب الاستشفائية، والذي أصبح معمما على جميع الكليات العمومية ببلادنا وعلى وجه الخصوص موقعي طنجة وأكادير، حيث أشرفت أولى الدفعات بالكليتين على التخرج دون أن يتأتى لها إمضاء يوم واحد من تداريبها بالمركز الاستشفائي الجامعي.
وبدل الشروع في اتخاذ قرارات تصب في توسيع أراضي التداريب الاستشفائية وتحسين جودة التكوين الطبي والصيدلي، تستمر الوزارتان الوصيتان في التعنت والأحادية ونهج سياسات تهدد القطاع الصحي للبلاد عبر قراراتها الهادمة لما نعتبره العماد الأساس الذي تنبني عليه المنظومة، ألا وهو جودة العنصر البشري وفي مقدمته طبيب وصيدلي وطبيب أسنان الغد.
إننا في اللجنة الوطنية، ندق ناقوس الخطر حول الوضعية الكارثية التي يعيشها التكوين الطبي والصيدلي بالمغرب وكذا الوضعية القانونية المهينة للطلبة في المستشفيات الجامعية التي لا تعتبره جزء من مستخدميها. إن حالة الاكتظاظ المهول في غياب أي توسيع لأراضي التداريب الاستشفائية وعدم احترام ضوابط التأطير في كثير من المصالح، وضعف الموارد والميزانيات المخولة للتكوين، وإشكال الحكامة والتنسيق بين القطاعين، على مستوى الوزارتين، والذي نسجل امتداده بين الكلية والمستشفى الجامعي، يجعل من الطالب، كونه الحلقة الأضعف في هاته المنظومة، ضحية هذا الواقع.
كل هذه الإشكالات، وقد ثَبتَ عن الجهات الرسمية وعدٌ بإدماج الطلبة العائدين من أوكرانيا، إلا أنه بعد تدارس شامل ونقاش مسؤول وبَنَّاء، في نطاق واسع شَمَلَ الجموع العامة وطنيا. عَبَّر الطلبة وبالإجماع عن رفضهم المطلق لهذه الخطوة، التي اعتبروها مستحيلة التحقق نظرا للتهديد المباشر الذي تشكله بالنسبة لتكوين طلبة الطب، طب الأسنان والصيدلة في الكليات العمومية في ظل ما سبق ذكره من إشكالات ترتبط بضعف التأطير ومحدوديته وعدم توفر أرضية تداريب استشفائية تتناسب مع الأعداد المتوقعة للطلبة، هذا وقد أكد الطلبة على عدم مشروعية هذه الخطوة من الأساس على المستويين القانوني والأكاديمي، إذ تضرب عرض الحائط المبدأ الدستوري الضامن لتكافؤ الفرص بين جميع أبناء المغاربة.
فضلا عن ذلك، عرفت كليات الطب والصيدلة وكليتي طب الأسنان العمومية تقرير الرفع من عدد الوافدين الجدد بنسب تفوق 20%، وهو ما نعتبره غير ممكن التحقق في غياب توفير الظروف الملائمة والموارد اللازمة لمواكبة تكوين هؤلاء الطلبة الجدد، من رفع عدد الموظفين والأساتذة وتوسيع أراضي التداريب الاستشفائية، وتوفير المعدات وكراسي العلاج التي تخص تكوين طلبة طب الأسنان، بشكل يتلاءم والتوصيات المعمول بها دوليا، والتي لا تتوفر مطلقا في الوقت الحالي في جميع الكليات. كما أن الطلبة في الجموع العامة عبروا عن رفضهم القاطع – حفاظا على جودة التكوين – لأي محاولة لاستبدال التداريب الاستشفائية بالمستشفيات الجامعية بأي حل ترقيعي وهذا يشمل المستشفيات الجهوية والإقليمية والمستشفيات الخاصة، أو الاقتصار على المحاكات الطبية وحدها لكونها تكميل للدروس النظرية فقط.
كما أن تخفيض مدة التكوين من سبع إلى ست سنوات يثير مخاوف عديدة في جودة التكوين، أساسا فيما يخص جودة الدبلوم والاعتراف به دوليا، وكذا ظروف التكوين في السنة السادسة التي يجب تفصيلها، فلا يمكن بأي حال من الأحوال تخفيض سنوات التكوين دون الانتهاء من هيكلة السلك الثالث ووضع تصور واضح حول طب الأسرة.
وبالموازاة مع ذلك، نعبر في اللجنة الوطنية لطلبة الطب، طب الأسنان والصيدلة بالمغرب عن استيائنا الشديد وامتعاضنا من الطريقة التي يتم بها التعامل مع الوضعية المادية والاجتماعية للطلبة، انطلاقا من عبثية صرف تعويضات الطلبة الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان عن مهامهم، والتأخر الدائم الذي تعرفه هذه العملية، إضافة لهزالة قيمة التعويضات التي لا تتجاوز 21 درهما عن يومٍ كاملٍ من العمل الجاد بما في ذلك المداومات والحراسات الليلية، والامتناع غير القانوني عن صرف منحة التعليم العالي – منحتي – للطلبة في السنة الختامية للتكوين. فإننا كذلك، لم نسجل للأسف أي تجاوب من الحكومة مع التقرير الذي أصدرته اللجنة الوطنية حول الوضعية المادية الكارثية والمزرية، التي يعيشها أطباء وصيادلة الغد.
كما نوضح للرأي العام، أننا لن نقبل بأية مزايدات تشكك في روح مسؤوليتنا العالية ووطنيتنا الصادقة، كرد فعل من أيٍّ كان، إذ أننا لم نتخلف عن أية محطة وكنا ولا نزال نبرهن على حِسٍّ وطني عالٍ وإنسانيةٍ ونكرانِ ذاتٍ كبيرين، ودائما ما كان الدافع والمحرك ولا يزال، غيرتُنا على تكويننا الطبي وحرصُنا الشديد على توفير وتفعيل جميع الوسائل والموارد والآليات الكفيلة بجعل طالب اليوم وطبيب وصيدلي الغد قادرا على تقديم رعاية طبية جديرة بالمواطن المغربي.
وبعد استنزافنا لجميع سبل الحوار وأمام التعنت والتماطل المتواصل للمسؤولين، فإننا نحمل وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، مسؤولية حالة الغضب والاضطراب غير المسبوقين التي تعرفها الساحة بكليات الطب، وطب الأسنان والصيدلة بالمغرب حاليا.
وفي سياق هذه الوضعية الحرجة، فإننا ندعو كافة المسؤولين والمتدخلين من قريب أو بعيد، من داخل مؤسسات التكوين الطبي من كلية ومستشفى جامعي، وجميع مكونات الجسد الطلابي والطبي وخارجها من منابر إعلامية ورأي عام إلى التحلي بالمزيد من الحكمة والرزانة والرشد في التجاوب والتفاعل مع هذا الموضوع، والعمل على اقتراح حلول واقعية ومنطقية تكون فيها الأولوية الأولى والأخيرة للطالب الطبيب والصيدلي وصحة المواطن المغربي كخطوة حقيقية نحو منظومة صحية أفضل ببلادنا.
بناء على كل ما سبق، إنه لا يمكننا في اللجنة الوطنية لطلبة الطب، طب الأسنان والصيدلة بالمغرب، وبصفتنا الممثل الشرعي والوحيد لطلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان العمومية، التزام الصمت عن هذه التجاوزات التي خلَّفت حالة من الاحتقان داخل الوسط الطلابي والمهني، وعن السياسات التي تكرس مزيدا من التهديد لجودة تكوين الطالب الطبيب والصيدلي. ومن هذا المنطلق، فإننا سندافع بكل جدية عن الملف المطلبي المتكامل الذي تم التصويت على نقطه الأساسية في الجموع العامة الوطنية، للدفاع عن التكوين الطبي والصيدلي بالمغرب.
وإننا كذلك وبعد الرجوع إلى الجموع العامة، واستقرائنا للوضع الذي دُفِعنا إليه مع كامل الأسى والأسف، نعلن ما يلي:

  • تنظيم وقفات احتجاجية متزامنة على المستوى الوطني بكل كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان العمومية بالمغرب، وذلك يوم الثلاثاء 28 يونيو 2022 .
  • تنظيم إنزال وطني، على شاكلة وقفة احتجاجية وطنية بالعاصمة الإدارية الرباط، مرفوقة بإضراب وطني عن التداريب الاستشفائية، يوم الثلاثاء 05 يوليوز 2022 .
  • دعوتنا عموم الطلبة؛ في حالة عدم التراجع عن القرارات العشوائية؛ إلى عقد جموع عامة تقريرية مصيرية بعد مهلة أسبوع من الوقفة الوطنية لتدارس الشروع في تصعيد مباشر وقطعي.
    كما نحتفظ بحقنا في اتخاذ خطوات نضالية تصعيدية أخرى في حالة عدم الاستجابة الفورية لمطالبنا المستحقة والمشروعة. ندعو جموع الطلبة إلى مزيد من الالتفاف حول إطارنا الوحيد والأوحد، اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة، عاشت حرة مستقلة أبية.
    ما ضاع حق وراءه طالب.
    وما لا يأتي بالنضال، سيأتي حتما بمزيد من النضال.

عن موقع: فاس نيوز

About محمد الفاسي