في 14 يونيو من كل سنة، يحتفل المركز الوطني لتحاقن ومبحث الدم باليوم العالمي للمتبرعين بالدم بهدف الاحتفاء بالأشخاص الذين يهبون قطرات من دمهم لإنقاذ الأرواح ومساعدة المرضى على استعادة عافيتهم، والاعتراف بهذا السلوك التضامني وتحسيس أكبر قدر من العموم بأهمية التبرع بالدم.
في حوار خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، يعرف مدير المركز محمد بنعجيبة بواقع عملية التبرع بالدم بالمغرب في سياق مطبوع بتفشي وباء (كوفيد-19)، مشددا على رهان تحسيس المواطنين بمسألة التبرع بالدم.
1- هل من تعريف للمركز الوطني لتحاقن ومبحث الدم؟
المركز مؤسسة وطنية تابعة لوزارة الصحة يضطلع بمسؤولية تنفيذ السياسة الوطنية في مجال تحاقن الدم، مع مهمة أساسية تتمثل في تنظيم خطة نقل الدم في المملكة والتشجيع على التبرع به، كما يعمل المركز على تكوين الطاقم الطبي وشبه الطبي في المجال، وتحسين وتطوير ونشر تقنيات تحاقن الدم، وكذلك السهر على ضمان جودة وسلامة نقل هذه المادة الحيوية. من ناحية أخرى ، يسهر المركز على مراقبة وتفتيش وتدقيق حسابات مراكز تحاقن الدم عبر المملكة.
2- ماذا عن وضعية عملية التبرع بالدم بالمغرب؟
نحن مرتاحون نسبيا اليوم لكون بعض الأهداف نجحنا في تحقيقها، وأقصد هنا الارتفاع المتزايد لعدد المتبرعين منذ نحو عشر سنوات. وهذا الارتفاع يمكنني وصفه بالمذهل بمعدل سنوي ب7 في المائة.
غير أن الاحتياجات لهذه المادة الحيوية تزداد بشكل متسارع أكثر من التبرع. وهنا يمكنني أن أشرح ذلك بالكم الهائل من الخدمات الصحية على المستوى الوطني. فعلى سبيل المثال، قبل عشر سنوات كان مرضى السرطان ، وهم المستهلكون الأساسيون لهذه المادة الحيوية ، لم يكونوا يلجون للعلاج، أما اليوم فيستفيد منه حوالي 85 في المائة منهم، كما أن عمليات زرع الخلايا الجذعية تطورت بدورها في المغرب، مما رفع من الحاجة الكبيرة للدم. بصفة عامة ومن دون سرد كافة الأمثلة، بعض العلاجات الطبية عرفت تطورا خلال السنوات الأخيرة.
حاليا، نحن عند نسبة 0.99 في المائة من المتبرعين مقارنة بالعدد العام للسكان. صحيح يبدو رقما ضعيفا لكنه محدد كهدف منذ نحو عشر سنوات عندما كنا في نسبة 65. 0 في المائة، لمواكبة هدف منظمة الصحة العالمية التي توصي بنسبة 1 في المائة. والمهم جدا هو أنه من بين 99، 0 في المائة من الفئة المتبرعة، هناك 93 في المائة هم متبرعون متطوعون و7 في المائة المتبقية من الوسط الذي ينتمي إليه كل مستفيد.
وعلى صعيد التصنيف، نستعمل وسائل متطورة لتصنيف الدم بفضل الأنظمة الآلية التي تم وضعها في مراكز تحاقن الدم، وكذا تطبيقا رقميا يتكفل بتدبير الدم المتوفر على المستوى الوطني، مما يمثل تقدما كبيرا في هذا المجال. من الآن فصاعدا، لم يعد العنصر البشري هو الذي يدبر الدم في مراكز التحاقن بل العملية أصبحت أوتوماتيكية ويتم من خلالها التجميع والتحليل وقراءة النتائج وتسليم أكياس الدم.
وهنا يمكننا القول بأننا بلغنا مستوى عال من تأمين تحاقن الدم بالمغرب كما هو معمول به في البلدان المتقدمة، خاصة وأن المركز الجهوي لتحاقن الدم بالرباط حظي بالتصديق بشهادة (إيزو 9001) كأول مصلحة للصحة تحظى بهذا التصديق. ومن الآن وحتى 2021 نعمل من أجل أن تظفر كافة مراكز تحاقن الدم على الصعيد الوطني بهذه الشهادة.
2- ما هو تأثير أزمة (كوفيد-19) على عملية التبرع بالدم بالمغرب؟
إن هذه الجائحة كان لها الأثر على المستوى العالمي لأنها فيروس غير مرئي. يمكن القول أن العالم قبل الجائحة ليس هو نفسه بعدها، والنظام الصحي بكامل عناصره سيكون من المعنيين المباشرين بها ضمنه تحاقن الدم. وعند ظهور أول حالة إصابة بكورونا المستجد بالمغرب، انتابنا تخوف من حدوث نقص في أكياس الدم.
بتاريخ 18 مارس، سجلنا فقط 200 متبرعا عوض ألف متبرع يوميا في الظروف العادية. لذلك كان لابد لنا من إطلاق نداء ، عبر وسائل الإعلام ، إلى المؤسسات الوطنية وللمواطنين، وهو النداء الذي لقي استجابة، لاسيما من طرف المجتمع المدني الذي تعبأ من أجل ضخ أكياس من الدم في المخزون بكافة مدن المملكة.
وإذا كانت أزمة (كوفيد-19) لم تمنع المواطنين من التبرع بالدم، فإن الإجراءات المتعلقة بالتدابير الاحتياطية الموضوعة من قبل السلطات العمومية بالمملكة، ساهمت في خفض التبرع بالدم بنسبة 50 في المائة. ولحسن الحظ، انخفض الطلب على هذه المادة بحيث لم يكن هناك إلا عدد أقل من الإصابات الخطيرة في أقسام المستعجلات، أضف إلى ذلك إرجاء العمليات الجراحية المستعجلة. ولحسن الحظ أيضا أن بعض المؤسسات تبرعت لسد الخصاص المسجل مما سمح لنا عمليا بتلبية الطلب خلال فترة الوباء.
4- ما هي رسالتكم للمتبرعين بالدم بمناسبة يوم 14 يونيو؟
بداية، أوجه الامتنان لهذه الفئة من المواطنين بما لها من حس تجاه المرضى الذين ينتظرون كيسا من دمها كي تبقى على قيد الحياة.
رسالتي التوعوية دائمة، لا يمكننا مواجهة تحدي إرضاء كافة طالبي الدم الذين يتزايد عددهم، إلا من خلال وفاء المتبرعين به. التحدي الرئيسي الذي نعمل على مواجهته هو إقناع المتبرع بالعودة مرة أخرى. لا ينبغي أن يكون التبرع إجراء مؤقتا أو مناسباتيا بل مستمرا ومنتظما، بحيث أن الذكور يمكنهم التبرع من 4 إلى 5 مرات سنويا، بينما الإناث يمكنهن القيام بذلك حتى 3 مرات في السنة.
وأود أثير انتباه المتبرعين بضرورة تنويع تبرعاتهم حتى يتم تلبية احتياجات كافة المرضى وليس حالات بعينها. على اعتبار أن هناك أنواعا أخرى من التبرع تمثل تحديا. من خلال هذه الرؤية سننجح في إرضاء جميع طالبي الدم وإنقاذ المزيد من الأرواح.