قصة “حياة “
على هامش تخليد اليوم العالمي للسرطان
أكتوبر، فبراير ، نونبر.. أشهر مختلفةلكنها ذات قاسم مشترك على الأقل في المجال الصحي.. كيف لا وهي التي تخلد لمكافحة داء لطالما ارتبط بالخطورة و القسوة و الألم والموت، لدرجة أن عامة الناس تنعته خلسة ب “المرض الخايب”..
نعم إنه داء السرطان.. من منا ليس له قريب أو صديق عانى أو قضى بسبب هذا الداء اللعين .. داء لا يستثني كبيرا أو صغيرا.. ذكرا كان أم انثى.
إن تخليد اليوم العالمي أو الوطني للسرطان يعد مناسبة يتعبأ كل واحد منا للتحسيس والتوعية من أجل رفع درجة الوعي بمدى أهمية الكشف المبكر ..و قبل هذا بتبني نمط العيش السليم .. وأن المصاب بهذا الداء له حظوظ الشفاء، شأنه شأن باقي المصابين بأمراض أخرى، وأنه ليس كابوسا تستحيل معه الحياة و ليس “طابو” يخجل عن ذكره المصاب وأفراد أسرته.
في هذا المقال الذي يصعب فيه الفصل بين الطبيبة و الإنسانة، نستحضر قصة “حياة” لم يكن ممكنا سردها لولا عمقها التوعوي و بعدها الإنساني.. اسم بطلتها مستعار لكن قصتها واقعية، حدثت تفاصيلها في مركز مرجعي للكشف عن السرطان بأحد أقاليم الجهة، حينها كنت في مهمة إعلامية صادف وجودي السيدة “حياة “
ذات الثلاثين ربيعا، حيث بدت في قاعة الانتظار شاردة تنتظر دخول قاعة الفحص بقلق كبير، لم تفلح كلماتي المشجعة في تخفيف وطأة الهلع الذي سيطر على وجهها الشاحب.
وفي قاعة الفحص استقبلتها الطبيبة المشرفة على المركز المذكور (دة غ.ز ) الطبيبة الخلوقة التي حباها الله بأسمى صفات الطيبة وحسن الخلق، ممزوجة بمهارة وحنكة ومهنية عالية.. وبعد الفحص السريري لهذه السيدة تبين أن “حياة” تعاني من كتلة في ثديها في حجم كبير مع تغير في الجلد و تضخم في الغدد المجاورة، أعراض لم يكن للطبيبة بد من تنبيه مريضتنا أن الحالة متقدمة ولابد من الإسراع في مباشرة الفحوصات التكميلية لبدء العلاج مخافة استفحال الأمر و تطوره للأسوء.. حينها سألت الطبيبة في استغراب حياة: كيف تجاهلت الأمر إلى هذا الحد؟ فكان الرد عفويا من حياة: خلال فترة الرضاعة منذ ازيد من سنة اكتشفت هاته الكتلة.. لكنني لم أعرها اهتماما واعتبرتها شيئا عاديا في فترة الرضاعة.. لكنها كبرت واستمرت في النمو بعد الفطام. فسألتها الطبيبة هل كنت واعية أن هذه الكتلة ربما تكون ورما سرطانيا، فردت حياة على الفور .. لم يخطر على بالي شيء من هذا القبيل.. واستدركت قائلة إن السرطان كما أعرف منذ زمن لا يصيب النساء صغيرات السن أو من سبق لهن الحمل و الولادة.. مما جعلني أنكره و أتجاهله وأكره الحديث عنه.
تركتنا “حياة” بعد تحرير ورقة التوجيه والتنسيق مع المصالح المختصة لاستكمال الفحوصات العلاج.. بعدها توجهت بالسؤال لزميلتي ..هل صادفت مثل هاته الحالات حيث تكون كل القرائن تدل على أن هذا المرض خبيث وقد تمكن من الاستفحال؟ فأجابتني بأسى.. للأسف نعم فلايزال أمامنا الكثير من الجهد لتوعية الساكنة بضرورة الكشف المبكر لمضاعفة حظوظ الشفاء.. لن تكفينا أيام معدودة لمحاربة هذا الداء.. بل لابد من تكثيف الجهود دائما وكلما كانت الفرصة سانحة لرفع درجة الوعي بضرورة الكشف المبكر .
حري بنا أن نحيي مجهودات بلادنا ووزارة الصحة و الحماية الاجتماعية في إنشاء مستشفيات وأقطاب ومراكز متخصصة في طب الأورام وتجهيزها بمعدات ذات جودة عالمية وكذلك تكوين أطباء و ممرضين أكفاء وذوو كفاءة عالية.. جميل أن نكثف جهودنا للتصدي للسرطان ولكن الأجمل أن نحاربه مدى الحياة لتنعم “حياة” و مثيلاتها بأمل كبير في العلاج خالي من الألم و المعاناة.
دة.شفيقة غزوي
مسؤولة وحدة التواصل و الاعلام
المديرية الجهوية للصحة و الحماية الاجتماعية
جهة فاس مكناس
عن موقع: فاس نيوز