شكل موضوع ” الهوية المغربية من خلال الثوابت الدينية :الأصول ، الخصائص و التحديات” محور ندوة فكرية نظمتها، يومه الإثنين 25 اكتوبر الجاري، بالمسرح الكبير بمدينة تازة، المجالس العلمية المحلية لجهة فاس مكناس.
وتميزت الندوة الجهوية، التي عرفت مشاركة ثلة من العلماء ورؤساء المجالس العلمية المحلية بجهة فاس مكناس، بمقاربة علمية ثرية، توجت بتوصيات غاية في الجدية والعمق والرصانة العلمية.
وفي كلمته الافتتاحية، أبرز أحمد الجناتي، رئيس المجلس العلمي المحلي لتازة، وظائف المؤسسات العمومية على اختلاف أشكالها وأنواعها وسبب وجودها والتي تتراوح بين ضبط السلوك وتقنين المعاملات وتلبية الحاجيات، تحقيقا للاستقرار بمفهومه الشامل الجامع المانع، موضحا أن تعدد المؤسسات العمومية تعدد تكاملي في الوظائف، لذلك اصبحت الحاجة ماسة إلى ترسيخ علاقة واضحة وواعية فيما بين الأفراد وبينهم وبين مؤسسات المجتمع. مذكرا بأن تنمية الروح أساس التنمية البشرية الشاملة، لأن الإسلام اعتمد هذه الوسيلة التربوية لإحداث التنمية بشتى أبعادها في العمران البشري والخلافة في الأرض، مشيرا إلى أن دستور المملكة المغربية لسنة 2011 يشدد على ركائز الحكامة الجيدة وتخليق الحياة العامة ومحاربة الفساد ونشر القيم الدينية والوطنية والحضارية والنزاهة، وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.
واوضح، احمد الجناتي، أن المؤسسة العلمية هي وحدها القادرة على أن توحد البشر على مستوى تصوراتهم ومشاعرهم، كما أكد علماء الاجتماع، إذ إن الإلزام الديني والعقائدي أقوى من كل القوانين الوضعية التي تحاول فرض سيطرتها على الفرد والمجتمع معا، ذلك أنه لا قوة تستطيع أن تحكم الإنسان وترغمه طوعا على قبول أوامرها، أفضل من قوة الدين وسلطة النص، وحتى تكون للمؤسسة الدينية آثار إيجابية واضحة، تجدر ملازمتها للمجتمع وتتبع حركيته.
المداخلة الأولى قارب من خلالها الأستاذ إدريس الفهري نائب رئيس جامعة القرويين “الثوابت المغربية الدينية و سؤال الهوية، وذلك بمعالجة مقومات الهوية المغربية الدينية من خلال مقاربتهما من التجريد إلى التحديد، ومن التشكل إلى التمثل.
الأستاذ بنعمر الخصاصي، أستاذ بكلية أصول الدين بتطوان، تناول بالمداخلة الثانية ” قيمة الوسطية من خلال الثوابت الدينية المغربية”، بإجابته عن سؤالي، لماذا القيمة الوسطية؟ ولماذا القيم؟ حيث أكد أن هذه القيم تأثرت بشكل كبير، اذ انعكس التقدم سلبا على حياة الناس، مما يدفع بالعلماء الى التدخل لتجاوز المشكل من خلال بدل الجهد للحفاظ على الهوية من خلال الحفاظ على منظومة القيم، كما أبرز أن قيمة الوسطية تكتسي من الأهمية مراقي عليا من بين باقي القيم الإسلامية وأن توجه المغاربة كان عبر التاريخ و لا يزال وسطيا معتدلا. لذا وجب صيانتها من كل فكر قد يخترقها ويشوه معالمها.
الدكتور أحمد الجناتي، بسط في مداخلته موضوع “الهوية المغربية و التحديات الفكرية المعاصرة. واشار الأستاذ المتدخل ان اختياره لهذا الموضوع نبع من الأهمية التي يكتسيها في العصر الحالي عصر التحديات ولكون الهوية هي مقوم من المقومات الأساسية ،وقد جاءت عناصر مداخلته على الشكل الآتي :
تعريف الهوية في بعدها اللغوي الاصطلاحي والروحية والشرعي عقبها تساؤل عن هل الهوية تقوم على الدين واللغة والثقافة و التاريخ…؟
انتقل بعدها للإجابة عن السؤال مؤكدا ان الإسلام دين الله مداقا لقوله تعالى ” الدين عند الله الإسلام ” ثم قوله تعالى ” ومن يبتغ غير الإسلام دينا لن يقبل منه ” مؤكدا بذلك أ ن الدين وحي رباني على أساسه تتشكل الأمم.
الأستاذ بنعيسى بويوزان، رئيس المجلس العلمي بإقليم الدريوش. تطرق بمداخلته لعناصر التصوف السني وأثره في الهوية المغربية، باعتباره كنز اشتغل عليه العلماء في كل من المغرب والاندلس لذا وجب ايلائه من العناية الشيء الكثير، مؤكدا على تحديث هذه الكنوز وتحيينها للأهمية و محاولة مواكبة التفكير لهذه الكنوز خصوصا مع طغيان العولمة . وأشار كذلك، الى أن النموذج التنموي الجديد يؤكد في بنوده على الرقمنة لذا علينا ان نجد موطأ قدم لذا مؤطري الحقل الديني .وعليه وجب تطوير هذا الكنز العظيم كما سماه الأستاذ المتدخل وتقديمه في حلة تواكب أسس النموذج التنموي الجديد ومن خلاله تقديم نموذج مغربي وسطي معتدل في التدين .
وأضاف، بنعيسى بويوزان، ان التصوف يوازي التدين الذي كان عليه سيد المرسلين محمد عليه الصلاة والسلام ولهذا وجب الحفاظ عليه لكي يبقى حيا مستشهدا الاحصائيات التي أكدت ان الإرهاب لم يتضمن ولو شخص واحد اشعري مالكي.
وأشار كذلك، ان العقيدة في بلاد المغرب لها توافق مع التصوف مستشهدا بذلك بعلماء البلاد منهم ” أحمد زروق كنموذج’ و ابن الزيات و عبد الكريم التميمي، مؤكدا على ان تباعد المكان لم يكن له تأثير على وحدة المنهج.