جَريمة الصَّمْت
من أنذل و أحقر الجرائم المسكوت عنها نجِدُ جرائم التحرش و محاولة الاغتصاب ضد الفتيات، سواء كُنَّ صغيرات أو كبيرات، لِما يَعْتبره الآباء و الأمهات بمثابة تشويه لِسُمعة الفتاة التي ستظل تطاردها حتى و إن لم يَنَل المعتدي ما يصبو إليه.
و في تتبع لحالة تحرش أحد الوحوش الآدمية بمدينة فاس طالت إحدى الفتيات في سن الحادية عشرة سنة قبل أسبوعين، قادتني الصُدفُ و التقينا أحد الآباء الذي تعرضت طفلتين له (إحداهما ذات تسع سنوات)، لمحاولة تغرير من طرف شخص بنفس الصفات التي سردت الضحية الأولى. و كان الأب هو الآخر ينتظر من يؤازره في شكواه. و ذكر أن حالات اعتداء هذا المجرم على الفتيات عديدة بنفس الحي، لكن الأهالي لم يتحركوا و فضلوا الصمت ربما لنفس السبب السالف ذكره، في حين أن الأمر يتطلب تظافر جهود الآباء و الأمهات و الجهاز الأمني.
و تَمَّ التنسيق والتبليغ و تحرير محاضر للضحايا الثلاث في انتظار انضمام آخرين للائحة المشتكين للٌإيقاع بهذا المتربص بفئة عُمرية قد تختار السكوت خوفا أو خجلا. و ربما كان هذا هو السبب في انتقاء ضحاياه بدِقة جعلتهُ حُرًّا طليقا لمدة طويلة، حيث ذكرت إحدى الضحايا أن حادثة محاولة التحرش بها من طرف المشتبه فيه تَرْجع لسنتين خَلَتا.
و بمثل هذا الصمت يُصبحُ الآباء بمثابة شركاء في جريمة قد تطال أبرياء إن لم تكن قد طالتهم فعلا، وقد تتكرر حالات الاعتداء ضد أطفالهم و تكون العواقب وخيمة و لا ينفع ساعتها التباكي و لا الندم .
بقلم : الغريب