افتتاح مهرجان سينما التحريك بمكناس وسدود التنافر في العلاقة المغربية الفرنسية.
محسن الأكرمين.
في ظل الأزمة الصامتة المستطيلة بين المغرب وفرنسا، ينعقد المهرجان الدولي لسينما التحريك (فيكام) في دورته (21)، والتي كالعادة ستحتضنها مكناس خلال الفترة الممتدة (من 3 إلى 8 ) مارس. لا علينا مهرجان يُقام بالمدينة، فيما الندوة الصحفية فيتم تهريبها باللزوم خارج مكناس، وتنعقد بمدينة الدار البيضاء !! إنها المفارقات غير السوية التي تمارسها البعثة الفرنسية بمكناس كرها على هذه المدينة الطيعة حتى في الإعلان الرسمي لتظاهرة فنية راكمت (21) سنة.
في عمق الجدال المستدير، والغبن العقيم الذي يتعرض إليه المغرب من طرف سياسة فرنسا الخارجية، لازلنا ونحن بمكناس، نسوق لغة وثقافة من يحاربنا في المحافل الدولية والبرلمانية. لا زلنا نلتمس العذر لفرنسا وقيادتها النفعية، التي لا تعرف غير سياسة لَيِّ الأيدي وصناعات الفقاعات الدبلوماسية ضد المغرب، واللعب على المتناقضات غير المتجانسة تماما (الجزائر / المغرب).
فرنسا لم تخرج من منطقة الظل وتفكير الصندوق، والتصريح الصريح عن موقفها الدبلوماسي من الحكم الذاتي والمخرج الوحيد والواحد. فرنسا ترش زيت الحرب والمناوشات العقيمة بين المغرب الآمن/ السلمي وجزائر العسكر. فرنسا تلعب لعبة تحريك دمى اللوبيات المتنوعة في البرلمان الأوروبي ضد مصالح المغرب العادلة. فالمملكة حتما لن تركع أبدا لكل تلك الاستفزازات الفرنسية الفاشلة، والمملكة سائرة في الطريق الصحيح نحو تنويع الشركاء الدوليين، والانفتاح على القارة السمراء، وحماية مجالاته الحيوية والإستراتيجية عبر دبلوماسية واقعية.
مهرجان (فيكام) حمولة ثقافية للبعثة الفرنسية بمكناس، يماثل في تسويقه الإعلامي ما تنجر نحوه فرنسا، وبضغط من شريكتها الجزائر، فهي تلعب على تحريك خيوط لعبة صعبة المآلات والمخارج، وليست بالسهلة في العلاقات الدولية. تُحرك فرنسا وتغذي الحقد بالسند والدعم للجزائر المتهورة، و تزيد من صب زيت العداوة الأسود في أنفس عسكر الجزائر الحكام الفعليين. فرنسا تمارس التبعيض (الخاوي) واستغلال الغاز والنفط الجزائري كأسوأ نوع من الابتزاز الامبريالي الجديد.
لن ترعبنا لا فرنسا ولا ثقافها النفعية البراغماتية، ولا حتى كل الدول ومن يماثلها في سياسة (التَنُوفِيقِ)، ولكن الرعب آت من جيل داخلي يمكن أن يتشبع بقيم وثقافة غير بريئة في مخططاتها المستقبلية بتحريك أدمغة التبعية (الفرنكروفونية). ما يرعب فرنسا أن المملكة تنسجم مع أصولها وقيمها وثوابتها ومقدساتها الدستورية، وبقيت فرنسا دائما تلعب دور المهرج البارع في سينما التحريك العالمية، وعلى حبل غسيل بلون النفط الأسود.
فيما مضى كان المغرب يتحدث بمفهوم عمق الروابط التاريخية، اليوم المملكة باتت تبحث عن شركاء بانسجام المصالح والوضوح، من حيث الاعتراف بالصحراء المغربية، ومن حيث دعم وحدة الدولة والخريطة، واحترام سيادة المغرب القانونية واختياراته الاقتصادية، وكذا تشكيل تحالفاته الدولية.
نحن لسنا ضد (ماما) فرنسا الجزائر، ولكنا ضد مناوشاتها غير السوية تجاه المملكة المغربية خاصة في المحافل الدولية. لسنا ضد شبكات المعاهد الفرنسية بالمغرب، ولا ضد اللغة الفرنسية، بل المغرب يريد أن تخرج فرنسا فقط من منطقة الظل والكمونية السلبية، وتعلن للعالم موقفها من الحكم الذاتي المقترح من المملكة.
تقنية التحريك بالدمى في فيلم (حتى الفئران يذهبون إلى الجنة) والذي سيعرض بالمهرجان، لن يحفل بالتصفيق من ثقافتنا وقيمنا المغربية الأصيلة، فنحن نؤمن بالثقافة الكونية واختلاف الفكر، لا بالتبعية والتنميط التحويري (التحريكي)، وقد نجعل من تلك الفئران البريئة تماثل كراكيز (التَنُوفِيقِ الدبلوماسي) الذين يذهبون للتغذية من نار غاز ونفط الامتيازات في ذاك البلد الشرقي الجزائر.
عن موقع: فاس نيوز