الكاتب فاعل جمعوي
ان المحافظة على نظافة بيئتنا وما يحيط بها يتخذ عدة جوانب، من جانب انساني على كل فرد من أفراد المجتمع السعي نحو توفير بيئة نظيفة خالية من أي تلوث، فكما نقدم الرعاية والاهتمام لأطفالنا ولأنفسنا ونخشى الإصابة بأي مكروه، كذلك هو الحال بالنسبة للبيئة فواجبٌ علينا إعطاءها حقها الكامل.
يقع على عاتقنا كأفراد تقديم الأفضل لها، فنحن نستطيع التأثير بشكل إيجابي ولنا أهمية ودور كبيرين عليها من خلال تأثيثها بالأشجار وتجميلها بالزهور والاعتناء بنظافتها.
يأتي بعد الجانب الإنساني الجانب الوطني، فمن خلال روح الانتماء وروح التعاون والولاء من قبل الافراد نحو بيئتهم يمكن كسب هواء نقي وتربة صالحة للزراعة ومياه صالحة، كمياه وادي العنبرة بمقاطعة زواغة مما يعود بالنفع علينا.
يمكننا رفع مستوى الوعي لدى الافراد من خلال تشجيع مؤسسات الدولة الاجتماعية والدينية والاقتصادية وغيرها في مجال الحرص على التنوع الحيوي، وأيضاً تنمية الوعي لدى جميع فئات المجتمع العمرية. باعتقادي أن البدء بتثقيف الصغار منذ نعومة أظافرهم يكون ذا مفعول أقوى وأسرع من الكبار كونهم هم ” شباب المستقبل البيئي”، فعندهم سيبدأ التغيير وبوساطتهم سنستطيع بناء جسور الحياة السليمة والآمنة. بغض النظر عن دور الصغار في تحقيق بيئة مستدامة لكنه لا يُلغي أثر الكبار على الصغار ايجابياً، فلديهم الفضل الأكبر في ترسيخ مفاهيم البيئة التوعوية.
يمكن تفعيل دور الأطفال بإشراكهم في نشاطات تطوعية لخدمة بلدهم في تنظيف الشوارع وزراعة الاشجار، وبالاتفاق بين المدرسة والمجالس المنتخبة أو مؤسسات البيئة المعنية بذلك، وبالتالي يساعدهم ذلك على تحمل المسؤولية وتقديم الأفضل لبيئتهم دون مُقابل وعدم تقبل الإساءة لها.
هنالك جانب أخر وأخير وهو الجانب الأخلاقي المندرج تحت مقولة” النظافة من الايمان فبقدر ايمانك تكون نظافتك”. لدي سؤال وأريد منك الإجابة عليه بصدق، أيعقل بأن تخرج من منزلك دون أن تكون حسن الهندام والمظهر وذو رائحة زكية؟ بحسب تصوري لا فكما تُعطي اهتماماً لنفسك أعطي جزءاً منه لبيئتك، أليس من الأفضل أن تُحافظ على نظافة شوارع بلدك ومؤسساتها ومكان عملك الى جانب نظافتك الشخصية؟
تتراءى لنظري يومياً الكثير من المشاهد والسلوكيات غير المحبذة والمستفزة، كأن يقوم أحدهم برمي النفايات من شباك السيارة على اعتبار أنه لا يُريد أن تتسخ مركبته، ما هذا المنطق الذي يسمح بتلويث الشوارع مقابل الحرص على مقتنياتك؟! أرى بأنه من المستحسن التوقف عند احدى سلال المهملات فكل كم متر تجد مكب للنفايات. ان الطبع يغلبه التطبع فحتماً يكتسب الطفل سلوكه مما يُشاهده ويسمعه من الأكبر منه وبالأخص الوالدين. في الحقيقة أن النظافة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمفهوم “الثقافة”، فإن كانت ثقافتك تحثك نحو المحافظة على نظافة بلدك فأنتَ وأنتِ في بر الأمان.
توجد مشكلة لا يمكن حلها الا من خلال تنفيذ وتطبيق القوانين المعمول بها، والتي تحمي البيئة من الاضرار الناتجة عن السلوكيات السلبية، وذلك من أجل حماية الغطاء النباتي والمحافظة على نظافة بلادنا وتراثها الطبيعي والبيئي مما سيؤثر على عناصر ومصادر التنوع الحيوي ايجابياً.
يجب ألا نلوم غيرنا وننسى أنفسنا، فمعاً وسوياً يمكننا أن نُحافظ على بيئتنا، فلنبدأ واجبنا الان اتجاهها ولا نسأل من المسؤول؟، فكل فرد فينا قادر على تقديم الأفضل لها وتعميرها باهتمامنا ورعايتنا وحبنا لها، فالحلول متعددة، وفقط خطوة جريئة منا وسنحقق هدفنا.
في الختام، أشدد على ضرورة احترام وتكريم عمال النظافة الذين يعملون، دائماً بدون كلل أو ملل، من أجل بقاء بلادنا نظيفة سليمة وآمنة، واقترح كمواطن مُحب للطبيعة ويحرص على جمالية بلاده أن يتم تخصيص يوم للإحتفال بعامل النظافة المغربي، تقديرا لدوره في الحفاظ على الوجه الحضاري لبلدنا، وتذكير المواطنين بضرورة المحافظة على النظافة.
بقلم عبد المجيد المتوكل الادريسي رئيس جمعية المجد للاعمال الاجتماعية والثقافية والبيئة.
عن موقع: فاس نيوز