المقامة الكروية
الكبير الداديسي
حدثنا القذاف بن كروان قال: زعموا أن كرة القدم نشأت في أرض العجم، واعتقدوا أنهم تفوّقوا فيها على باقي الأمم، وأنهم خير من تسعى بهم قدم، إذا لعبوا أبهروا، وتركوا من يشاهدهم في صمم، وما غيرهم في اللعب سوى أقزام… لهم وحدهم حق التنظيم، كل تحليلاتهم في الصميم، وحصادهم في نهاية كل موسم عميم، والفوز بالكأس لهم على الدوام في التأخير والتقديم… وأن الرياضة بها الإفادة، قد تغتي عن الحروب وتقرب القلوب، ويجتمع في عشقها الشعوب. تتطلب النِّدية وكفُّها كريمة ندية.
تواضعوا يوما ومنحوا التنظيم للأفارقة، فندموا وقرروه حسب القرابة والصداقة… نظموا حفلة اختلفت عليهم فيها المعايير والمكاييل، ولم يفرقوا بين العرب وإسرائيل، ولما صحوا اكتشفوا أنهم وقعوا الوثيقة، وقد منحوا التنظيم لدولة غير شقيقه، وكل خاف الا يتأهل فريقه، ألبوا عليها الأصدقاء والأعداء، واتهموها بالرشوة والرياء، كبح حرية الارتداء، وتخلف لباسها بين الأزياء…
ولما عرفوا أن قوة المال، قد تقرب الجنوب من الشمال، أضفوا على المنظم كل صفات الكمال، فجحوا إليها في الميعاد، وكل فريق حمل ما يكفي من الزاد، أطلق الحَكَم بداية مهرجان، شعاره التنافس فيه للشجعان، والفرق الكبرى تبحث عن التيجان، كما يبحث عن الماء العطشان، كان اللقاء الأول بالنسبة لهم حسب المراد، فليس لهم اللعب أنداد، والكرة ورثوها عن الأجداد… بدأ النزال والملعب قد ضاق بالعباد، وهم واثقون أن الفوز لا يكون إلا للأبطال الأفذاذ… وما هزيمة البلد المنظم إلا قطرات رداد. وظنوا أن توالي هزائمنا شيء معاد…
لكن هزيمة قطر، أشعرت العرب بالخطر، فجندوا أحفاد أُحد وبدر، صلوا الصبح والفجر، وأقسموا أن ينتقموا قبل صلاة العصر، فالكُرة سجال، تظهر معدن الرجال، ولا تنازل عن الفوز ذرة مثقال، ولكل مقام مقال، حاولوا التشويش علينا بالمثليين، قدّموا قادتهم الأرجنتين عساها تجهض الحلم و وتوقظ الحنين، والهزيمة على أعتاب مكة عار على الجبين، وكما أحبوا، بدأت الحفلة، أصاب العقول جفلة، لما صاد ميسي من الجزاء ركلة، فرحوا وقد انتهت من المقابلة جولة، واعتقدوا أن الأمر قد حسم، ودخلوا وهم في غفلة، لكن الثعلب رونار، العالم بالخبايا والأسرار، في المستودع كمن أدخل الجنود إلى غار، وأوقد قي قلوبهم النار: اسموعوا يا عرب أنها الفرصة لنفض الغبار، فجاء الأول والثاني وقضي الأمر قبل متم النهار، وفي اليوم الثاني أرسلوا لنا جندا من الفايكينغ أقوياء الأبدان، على أقمصتهم صلبان، فانبرى لهم جند القيروان بأجسام كالخيزران، وما نظروا إليهم نظرة الأقران، سيسحقونهم قبل أن ترف الأجفان، ونسوا أن عند الامتحان قد يعز المرء أو يهان، فوقع لهم ما لم يكن في الحسبان، وأحسوا أن المباراة انتهت قبل الزمان، وليخففوا عن قلبهم الخفقان، قالوا ما زال للمعركة جولتان، وأن أنصارنا من الكروات جيران الجرمان، سيربطون الغد بالأمس، وسيذلون أسود الأطلس، لكن الأحرار الأمازيغ، أقسموا أن يكبحوا جماحهم كما كبح الفايكينغ ، وأن الحسم سيكون في النزال، وانتهى اللقاء بالتعادل، اعتبره الكروات إدلال، والأسود تكرر وهذه مجرد بداية ومازال مازال.
عن موقع: فاس نيوز