ذ. المهدي العزوزي محام بهئية فاس يكتب وجهة نظره حول واجب الانخراط في هيأة المحاماة
في سياق تفاعله مع مباراة مزاولة مهنة المحاماة المعلن عنها مؤخرا من طرف وزارة العدل، كتب الدكتور المهدي العزوزي محام بهيئة فاس ورئيس هيئة المحامين الشباب فرع فاس سابقا في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك حول رأيه ووجهة نظره بخصوص واجب الانخراط الذي يؤديه المحامي المتدرب للهيئة التي سينتمي إليها مستقبلا بعد نهاية فترة تدريبه وسيزاول في إطارها مهامه كمحام حيث جاء في تدوينة عنونها ب:”وجهة حول واجب الانخراط في مهنة المحاماة” ما يلي :
“في كل مرة تعلن وزارة العدل عن امتحان الاهلية لمزاولة مهنة المحاماة يثار النقاش حول واجب الانخراط في مهنة المحاماة سواء من داخل المهنة او من خارجها ممن يهتم بالولوج لهاته الأخيرة إما حبا فيها أو لكونه لا يتوفر على المؤهلات التي تخول له ولوج باقي الوظائف و المهن الأخرى.
و مادامت المناسبة شرط فإن المعبر عنه في هاته الوجهة هو من زاوية الطالب ابن الشعب الغيور الباحث عن لقمة العيش و من زاوية المحامي المتمرن و الرسمي لبعض السنوات بهيئة المحامين بفاس.
إن التساؤل الذي يتبادر لذهن الجميع هو ما مدى قانونية هذا الشرط البعدي لولوج مهنة المحاماة.
تساؤل في الكثير من الحالات اساسه واقع مؤسف يعيشه اغلب حاملي شواهد الإجازة الذين لا تتاح لهم فرص اجتياز باقي المباريات لتعقد شروطها او اشتراط أغلبها شواهد اكبر من الإجازة ، أو حصولهم على شواهد الإجازة بمعدلات ضعيفة.
و لا شك بأن الإجابة مهمة لكل مهتم يريد البحث عن الحقيقة، بعيدا عن وجهات النظر المتسرعة و غير العقلانية و من زوايا تدغدغ شعور الطالب الحالم بغد افضل.
أولا : التشخيص : واقع مألم
إن المتتبع لمسار الطالب_ المحامي المتمرن_ المحامي الرسمي يمكن ان يقارب اشكالية واجب الانخراط من وجهة تعتمد على المعقولية و الصدق.
و عليه يمكن القول أن من الاسباب التي جعلت واجب الإنخراط شرطا أساسيا لولوج مهنة المحاماة ما يلي :
1_ تخلي الدولة عن تحمل مسؤولياتها تجاه جميع الأفواج الذين يلجون مهنة المحاماة ، فالمحامي يكلف الدولة 0 درهم منذ ولوجه المهنة لحين وفاته، اذ أن الدولة تكتفي فقط بتظيم الامتحان و السهر عليه و تسلم للناجحين شواهد من ورق ، اذ لا يحظون بأي دعم مالي من طرف الدولة و لا تساهم في تكوينهم، و لا تدعهم في مسارهم المهني، و لا يحظون بأي التزام من طرف الدولة فهي تعتبر امتحان المهنة فرصة لامتصاص البطالة و ايهام شريحة عريضة من الطلبة بأنها تقدم لهم مكان يليق بهم و الحال انها تتخلى عنهم و تضعهم في مواجهة المؤسسات المهنية و المحامين.
2_ الدولة تجعل الشكل الذي تخضع له مهنة المحاماة في الولوج هو الامتحان و ليس المباراة مما يسمح لها بادخال اعداد غير محددة سلفا كما حدث في الفوج الأخير و هو ما انعكس سلبا على التمرين اذ أن اغلب الطلبة الناحجين لم يستطيعو الحصول على سندات الالتزام للولوج للتمرين لكون أغلب المكاتب اصبحت لا تستوعب متمرنين جدد ، فالقانون لا يسمح الا للمحامي الذي قضى خمس سنوات باحتضان متمرن واحد فقط بعد الحصو على إذن من النقيب.
3_ عدم تحديد الدولة لشروط ولوج مهنة المحاماة في علاقة بالكفاءة مقارنة بجميع المهن و الوظائف و السماح باجتياز الإمتحان للجميع بغض النظر عن الكفاءة مما ينعكس في حالات عدة على المنتسبين لمهنة المحاماة.
4_ أن جميع الأنظمة الداخلية لهيآت المحامين تتضمن شرطا يقتضي بأداء واجب الإنخراط.
5_ عدم وجود معهد لتكوين المحامي المتمرن تتحمل فيه الدولة مسؤوليتها تجاه هاته الفئة المهمة ماديا و وظيفيا.
6_ ثم إن من بين الأسباب الأساسية التي جعلت واجب الإنخراط الزاميا بالنسبة للهيآت هو أن المحامي المتمرن يكلف الهيئة مبالغ مالية مهمة لا يمكن أن يكون ملما بها من يرى الامتحان من الخارج.
أ_ فبمجر نجاحه تتحمل الهيئة التأمين عن أخطائه فيما يسمح له القانون بممارسته.
ب_ و بمجرد ولوجه تتكلف الهيئة بأداء مبالغ مهمة للتعاضدية العامة لهيآت المحامين بالمغرب لاستفادتهم و ابنائهم و زوجاتهم من التعويضات عن الأمراض و الحوادث و الوفايات …
ج_ المحامي المتمرن يخضع لتكوين مستمرة و الزامي ينص عليه القانون تتكفل الهيئة بجميع مصاريفه دون مساعدة من الدولة طيلة ثلاث سنوات عكس باقي المهن و الوظائف.
د_ المحامي المتمرن يستفيد من جميع الخدمات الإجتماعية التي توفرها الهيئة مجانا و على نفقة الهيئة.
و_ الهيئة ملزمة بتوفير سند التزام لطالب الالتحاق بالمهنة في حالة تعذر حصوله على ذلك بصفة منفرة.
و هو ما يدل على ان الدولة تعتبر المهنة مجالا لامتصاص البطالة لا غير غير آبهة بمستقبل المهنة و تحصينها من الفساد.
7_ إن الولوج لمهنة المحاماة في الأنظمة المقارنة بعيد كل البعد عن المعايير المعمول بها في المغرب سواء من حيث مدة التمرين أو شكله و مكانه و تكلفته بما يجعل المقارنة معها غير متناسبة و غسر منطقية و لنا عودة لذلك.
8_ الولوج للمهنة في حالات عدة قد يكون بمعايير لا يتقبلها العقل على اعتبار ان الناحجين في بعض الامتحانات لم يستوفوا حتى نقطة 10/20 بل اقل من ذلك ، مما يدفعنا للتساؤل حول امكانية التوفيق بين تدعيم المهنة بالكفاءات و بين امتصاص البطالة.
كلها اشكالات و غيرها كثير تحتاج لتصور جديد قد يكون مدخله مايلي.
ثانيا : الحلول الممكنة لهاته الإشكالية
1 : التوجه نحو تحديد عدد الطلبة الذين يحق لهم ولوج المهنة بناء على الخصاص الموجود ، مع مراعاة توفير تكوين متميز لهاته الفئة بما يسمح بتطعيم المهنة بكفاءات متميزة تسمح بتطوير المهنة .
2 : تحمل الدولة مسؤوليتها في توفير الوظائف المتعددة لامتصاص البطالة، و توفير مناصب الشغل بشكل عادل و متكافئ بعيدا عن إغراق بعض المهن و بيع الوهم للطلبة.
3 : العمل على التخلي عن التخصصات التي لم يعد يستوعبها سوق الشغل و التوجه نحو احداث تخصصات جديدة منتجة.
4 : التفكير في مدى فاعلية بعض الشواهد (شهادة الإجازة نموذجا) و حاجة سوق الشغل لها ، مع السماح للطلبة في حالة التخلي عنها بولوج سلك الماستر دون قيود أو شروط.
5 : دعم الدولة للمحامين الحديثي العهد بالمحاماة بمنح تسمح لهم بتمثيل المهنة أحسن تمثيل.
6: دعم الهيآت للتخفيف من عبء الواجبات التي تتحملها ماديا نيابة عن المحامي المتمرن.
7 : إخراج معهد التكوين لحيز الوجود لتوفير تكوين تتوفر فيه معايير موحدة وطنيا، و لتقليل العبء على الهيآت من جراء التكوين و التكوين المستمر.
8: التخلي عن واجب الإنخراط بعد تحقق الشروط اعلاه.
هاته رؤية مختصرة و الكثير مما لا يسمح الوقت و المكان لذكره ، و القول هذا بشكل موضوعي ، فعلا على الدولة أن تتحمل مسؤوليتها في توفير مناخ ملائم للطلبة للولوج للمهنة فهم مرحب بهم و من حقهم الولوج و ليس من حق اي كان منعهم و على الدولة أن تتحمل مسؤوليتها المادية و الوظيفة تجاه المهنة لنجاح اندماجهم فيها بشكل عادل و منصف”
ذ.د المهدي العزوزي
محام بهيئة فاس
عن موقع: فاس نيوز