ينتظر أن يستقبل، غدا الخميس، والي جهة فاس مكناس، وفدا يهوديا هاما يقوم بزيارة سياحية للأماكن التاريخية بمدينة فاس، التي تزخر بالعديد من الأماكن الروحية العبرية، شكلت عبر التاريخ جزءاً مهما من تاريخ فاس.
و عبر التاريخ، تميزت فاس، كما المملكة المغربية، بالتسامح الديني، سيرا على نهج النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أمر النبيُّ الكريم المُسلمين بمُعاملة اليهود بالبِرّ والإحسان، وجميع أخلاق المسلمين.
ومن الأثر النبوي الشريف في عدله مع اليهود نورد ما يلي:
روى أبو سعيد الخدري([1]) رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ جاء يهودي فقال: يا أبا القاسم، ضرب وجهي رجل من أصحابك! فقال: «مَنْ؟» قال: رجل من الأنصار. قال: «ادْعُوهُ». فقال: «أَضَرَبْتَهُ؟» قال: سمعتُه بالسوق يحلف: والذي اصطفى موسى على البشر. قلتُ: أيْ خبيث! على محمد صلى الله عليه وسلم؟! فأخذتني غضبة ضربت وجهه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُخَيِّرُوا بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ»… الحديث([2]).
وفي موقع آخر ذهب صلى الله عليه وسلم بنفسه، إلى أحد اليهود مستشفعًا لجابر بن عبد الله بن حرام([3]) رضي الله عنهما، وهو من الصحابة الكرام الذين حضروا بيعة العقبة الثانية في طفولته([4]) مع أبيه «عبد الله بن حرام» رضي الله عنه([5])، وشهد المشاهد كلها ابتداءً من أُحُد أو التي بعدها([6])، يذهب مستمهلًا اليهودي، ليُؤَجِّل سداد الدَّيْن، ولمَّا أبى اليهودي قبول الشفاعة كان لا بُدَّ من السداد، فما دام هناك حقٌّ فلا بُدَّ أن يُردَّ إلى أهله، يروي جابر بن عبد الله رضي الله عنهما فيقول: كان بالمدينة يهوديٌّ، وكان يسلفني في تمري إلى الجِداد([7]) -وكانت لجابرٍ الأرض الَّتي بطريق رومة- فجلستُ، فخلا عامًا، فجاءني اليهوديُّ عند الجِداد، ولم أجدَّ منها شيئًا، فجعلتُ أستنظره إلى قابلٍ([8]) فيأبى، فأُخبر بذلك النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقال لأصحابه: «امْشُوا نَسْتَنْظِرْ لِجَابِرٍ مِنَ الْيَهُودِيِّ».