رغم وضوح و شفافية قانون الصحافة و النشر 88.13، و رغم جهود و توصيات و مقررات المجلس الوطني للصحافة، وكذا تواجد العديد من النقابات المحلية و الوطنية و الجهوية و التي كان من الأجدر أن تتحدث هي الأولى في الموضوع وتساهم في الرقي بالمشهد الصحفي، يعيش المشهد الإعلامي بفاس حالة من الفوضى لا تشرف نساء و رجال السلطة الرابعة.
ففي السنين الأخيرة و مع ظهور صحافة “الموبايل”، و بعض المعاهد الصحفية الخاصة التي تتعامل مع الطلاب في تكوينها كبضاعة يجنى من ورائها المال لا كأطر مستقبلية، و مع اقتحام ميدان الصحافة من لدن بعض الشبه جمعويين و الشبه سياسيين الأميين المتلهفين لربط الصداقات و التقرب من المنتخبين و المسؤولين بغية جني أموال الاسترزاق و قضاء المصالح، أضحى كل من هب و ذب يقدم نفسه صحفيا مهنيا.
فالمثقفون و ذوي الاختصاص يعرفون تمام المعرفة بأن الصحفي المهني بالإضافة إلى ما ورد في قانون الصحافة و النشر، ينبغي أن يتقن لغتين أجنبيتين أو أكثر، كما ينبغي أن يكون مثقفا و ملما بكل مجالات الحياة، حتى يتسنى له الحصول على المردودية و الظهور بمستوى مشرف سواء في التقديم بالسمعي البصري أو في الصحافة المكتوبة، و خير تقييم على ما وصلت إليه المهنة بفاس، تصريح رئيس مجلس الجهة عقب اختتام إحدى الاجتماعات في وجه الصحفيين المهنيين و الشبه صحفيين من الأصناف السالفة الذكر، حيث قال :” نظموا أنفسكم”، و هو تصريح أثار موجة من الغضب لدى الغيورين على مستقبل مهنة المتاعب، كما عرى إلى حد ما عن واقعها المرير بفاس.
صفحات فيسبوكية يقدم أصحابها أنفسهم صحفيين مهنيين في الملتقيات، مهمتها التطبيل و التهليل للمسؤولين مقابل أموال الاسترزاق :
لا يخفى على احد أن فاس في الآونة الأخيرة، عرفت ظهور صفحات فيسبوكية معروفة بتطبيلها و تنويهها بكل المسؤولين و المنتخبين بفاس، إذ بروبورطاج واحد يمكن لصاحب الصفحة أن يصف مزبلة بكونها حديقة من حدائق بغداد على سبيل المثال، كما أن صاحب الصفحة الفيسبوكية و بالخصوص إذا كانت معروفة بالشكر و الثناء على المنتخبين و المسؤولين، يمكنه أن يلج كل المرافق العمومية بفاس بما فيها مؤسسات الدولة الحساسة من أجل تغطية الأنشطة دون حسيب و لا رقيب وفق مبدأ – أنت معي أنت قديس أنت ضدي أنت إبليس-، لم تتوقف تلك الصفحات الفيسبوكية عند ذلك الحد بل و أضحى أصحابها يحصلون على العديد من الإعلانات الإشهارية بمبالغ مالية هائلة دون أي تكلفة و لا حتى تأدية الضرائب كما هو الشأن بالنسبة للمؤسسات الإعلامية و شركات الإشهار، خروقات هاته الصفحات الفيسبوكية لا يمكن حصرها و لا تعدادها، إذ أضحى أصحابها يضرب لهم ألف حساب و حساب من لدن المسؤولين و المنتخبين، و أضحت لهم قيمة أكثر من الصحفيين المهنيين المعترف بهم من طرف المجلس الوطني للصحافة.
مرتزقة و شبه جمعويين و شبه سياسيين يمكن الإصطلاح عليهم بصحافة “الموبايل” :
فبهاتف ذكي و التصنع و التطبع و ادعاء المعرفة في كل شيئ و التلحس بأعتاب المسؤولين و المنتخبين و تقديم نفسك أنك مثقف و صحفي مهني، رغم الأمية و الجهل و الماضي السيئ بالسياسة و العمل الجمعوي، إذ يمكنك حضور كل الملتقيات و الانشطة و المهرجانات و ولوج كل الجماعات و مؤسسات الدولة دون حسيب و لا رقيب، كما يمكنك أن تجني أموالا، لا يجنيها حتى الصحفي الموظف بقنوات القطب العمومي بالمغرب.
جرائد إلكترونية غير خاضعة لقانون الصحافة و النشر تموه المسؤولين و الرأي العام و تنادي بالسماح فقط للصفيين المهنيين بالإشتغال :
لا يخفى على المسؤولين على قطاع الصحافة بفاس، كما لا يخفى على الرأي العام أن بفاس توجد العديد من الجرائد الإلكترونية الغير حاصلة على الملائمة، و المحسوبة على الصحافة الصفراء لا شغل لها سوى التشهير و نشر الأخبار الكاذبة، بعيدا عن المهنية و بعيدا عن مقتضيات قانون الصحافة و النشر، و الذي ينص في بعض بنوده على ضرورة إعلان الجريدة الإلكترونية عن الشركة الحاضنة و مدير النشر بالإضافة إلى العديد من الضوابط، و هو ما لا نجده في العديد من المواقع الإلكترونية بفاس، و الأخطر في الموضوع هو أن مؤسسات الدولة و المجالس المنتخبة تعترف بهاته المواقع رغم عدم قانونيتها لا لشيئ سوى لكونها من المطبلين و المهللين وفق مبدأ : ” قولوا العام زين”، و لنا عودة في الموضوع….
بقلم : عبد الله الشرقاوي، طالب باحث بالقانون، كاتب رأي.