لم أجد بدا من استعمال مصطلح (الجوطية) في انتخابات 08 شتنبر 2021، لوصف المترشحين المتنافسين في هذا الاستحقاق الوطني إلا تعبيرا أمينا. هم وكلاء لوائح من (الخردة السياسية) تم استهلاك رصيدهم السياسي والنضالي والاجتماعي، ولا زالوا قابعين على أنفس الناخبين وغير (مسوقين) لفعل التغيير والتجديد السياسي شأنا. نفس اللعبة والوجوه (السياسة من جوطية الانتخابات) تكرر نفسها وتنادي: باغيين التشبيب، باغيين الكفاءات، باغيين التغيير… ولا شيء البتة سيحدث بمكناس (حليمة وعادتها القديمة هي التي ستخرج من صناديق الاقتراع) المبلقنة.
من قتل السياسة بمكناس ؟ الكثير منا سيقول الدولة في سنوات الجمر والرصاص، والقبض على الرؤى المتنطعة بيد حديد من قبل المخزن، هنا النسبة موجودة وغير مكتملة العد بحدود المائة. لكن ثقل وزر من قتل السياسة بالمغرب عموما وخصوصا بمكناس، هم السياسيون أنفسهم. حين انتقل السياسي من خدمة الشأن العام، إلى نمط نفعي يتجلى في السياسة التي (تخدم عليه) ويقتات منها، ويمكن أن تغير وضعه الاجتماعي والمالي والاعتباري(لا تعميم). حين تم فقدان الثقة في السياسة والسياسيين ولعنها المواطن البسيط مثل لعنة الشيطان إبليس ثلاثا. حين انكسرت شوكة فورة النضال الوطني الشعبي إلى صناعة نماذج من السياسيين نست العباد والأرض والوطن، ونالت (كعكة) غلة السياسة بامتياز الفساد والريع(حلال).
من قتل السياسة بمكناس؟ المال المتدفق على أرصفة الحملات السياسية بلا حسيب ولا رقيب. التغرير بالمواطنين والخطابات الشعبوية المتحكم في العواطف والمشاعر دون جدال فكر سياسي، ولا تدقيق في طرح البرامج الإستراتيجية للتنمية والتدبير. طريقة الاقتراع (اللوائح /وكلاء اللوائح) والتي جلبت للحقل السياسي مول (الشكارة) و(البزناس)، والمتملق، والنفعي، ولي باغي حقوا من (وزيعة) قسمة المشاريع والريع (حلال)بلا تعميم مفرط.
من قتل السياسة بمكناس؟ هي تلك الوجوه التي تضع صورها في نهاية اللوائح الانتخابية بمكناس، وحين تسأل ما الفائدة؟ يكون الجواب ساذجا (ترشيح نضالي) أو (حشمت) من فلان. حسابيا في الانتخابات الجماعية بمكناس لا يمكن أن يفوز حزب بأكثر من عشرين منصبا (ما بين 12و16). حسابيا حتى الأحزاب التي كانت لا تشم رائحة التمثيلية بمجلس الجماعة، ستكون لها تمثيلية في واحد(ة) !!! سيمثل مجلس جماعة مكناس بلقنة سياسية بامتياز الصورة والمكونات، سيكون المجلس يمثل الشتات لا التوافق.
من قتل السياسة بمكناس؟ التنمية الراكدة بالمدينة بلا تفاضل بين المجالس المتعاقبة. المال العمومي الذي لم يستطع ممثلو المدينة الترافع عنه كي يتدفق نحو المدينة. (الحكرة) التي يحس بها المواطن بمكناس من سوء الحكامة الإدارية والأنشطة العشوائية غير المهيكلة. السياسيون أنفسهم بمجلس المدينة حينما توافقوا على (قضايا مكناس الكبرى) ولم يتحقق أي مشروع منها(الملعب الكبير/ المسرح الكبير/ المستشفى من الجيل الرابع/ كلية طب الأسنان…) واللائحة تطول ولا تصغر.
من قتل السياسة بمكناس؟ أرانب السباقات نحو التمثيلية الجماعية أو الجهوية أو التشريعية، وقد يقدمون خدماتهم بالتكلفة المالية أو بالوعود والمواثيق المكتوبة. (البحلاسة) وملمعو رؤوس لوائح (سياسة الجوطية) غير المحروقة.هي النخب السياسية بمكناس والتي تنقسم وفق المواد الخام، من الذهب (المشحر) والتي توارت وراء، ومعدن الفضة (المصقولة) التي ركبت التنظير من بعيد، والحديد (المصدي) الذي بقي في سوق (سياسة الخردة) متداولا بكثرة الطلب والتدوير. كثرة الأحزاب المتنافسة والتي باتت تبحث في سوق (الخردة) المحروقة عن رأس اللائحة ولو بالتلميع. بعض الأحزاب باتت منافستها السياسية ليست في ربح الانتخابات، بل في ربح دعم الدولة فقط وانتهى النشاط ب (0) مقعد وبلا محاسبة ولا مساءلة ، وأين صرف مال الدعم العام؟
من قتل السياسة بمكناس؟ كفاف وجفاف نخب سياسية التمكين من قلب (طرحة) بالتنمية والرقي بالمدينة. غياب (كاريزما) سياسية غير هاوية تكون قوية وموثوقة النية والعهد. الناخب الذي لا يفرك البرامج السياسية بالتفضيل، ويبحث فقط عن النفعية (لا تعميم). المجتمع المدني والذي لم يقدر عن فرض الترافع وفتح قنوات المحاسبة لمن دبروا شؤون المدينة. الطواحين الهوائية الكبرى والتي لا تنتهي من بعث الفشل والفخاخ المميتة بالمدينة.
التغيير ليس شعارا ترفعه الأحزاب المتنافسة وتدغدغ به مشاعر الناخبين الطيبين. قيادة التغيير يجب أن يكون عملا بيد الناخب الحر والنزيه في قراراته ومواقفه العادلة. يجب أن يكون التغيير مما يريده الناخب لا المنتخب الآتي من أسواق (جوطيات) مكناس الممتدة. هي المدينة التي الكل يبكيها وينقص من مكانتها الاعتبارية والتاريخية، هي مكناس التي يمكن أن نصفها مثل طائر الفنيق الذي ينهض من رماده.