الصحافة وأمزازي، من النقد الى الخسة
بقلم: محمد بن التهامي
كم هو جميل أن تكون هناك أقلام تتابع أنشطة المسؤولين وتسلط الضوء على ما يقدمونه ضمن اختصاصاتهم، وكم هو أجمل أن يكون الصحافي رجل مبدأ وموقف صلب، جريئا ينتقد بقوة عندما يستدعي الأمر، دون أن يجد حرجا في التنويه بالنجاحات، وكم هو مؤلم بل ومخز أن يتجند الخصم السياسي في جبة الصحافي ليقصف بشكل عشوائي ضمن طابور الكتائب الحزبية.
في هذا الإطار، كشر أحدهم من غير الشاكرين وبعيدا عما تقتضيه النزاهة والمبادئ الأخلاق الصحافية، كشر عن أنياب صدئة ليوهم الناس أن وزير التربية الوطنية “فشل” في مهامه الوزارية في تصرف بعيد عن التناول المهني للنجاحات والاخفاقات وتحليل الوضع بشكل موضوعي، فارتمى بذلك في حضن الصحافة الصفراء الانتهازية التي لا تتكلم غير لغة الابتزاز والتحرش والاسترزاق.
سلسلة الغربال المثقوب للمعنى بالأمر لم تكتف بتجاهل النجاحات بل إطلاق أحكام قيمة لا تليق بالإنسان المثقف الذي ينتظر منه أن يساهم في صناعة الرأي بشكل مؤسس، وهنا تحاشى المعني الحديث عن تجديد الثقة المولوية في السيد الوزير وهو الذي اعترف سهوا منه بأن الوزارة التي يقودها السيد سعيد أمزازي من أصعب الوزارات وأكثرها حساسية بالنظر الى حجمها وبنيتها المتشعبة وملفاتها المعقدة، ثقة مولوية لا يمكن أن تفسر إلا بكونها دليلا على الأداء الفعال والالتزام بالمشاريع و الأوراش الكبرى التي التزم بها الوزير أمام جناب حضرة صاحب الجلالة الملك محمد السادس. وهنا أيضا نستحضر تتويج سعيد أمزازي شخصية 2020 من قبل المغاربة وينال ثقتهم المغاربة متفوقا بفارق كبير على منافسيه، ولا شك أن هذا التتويج الشعبي الذي شاركت فيه مختلف شرائح الشعب المغربي اعتراف عفوي وتلقائي لنجاحات وتضحيات الوزير.
الصحافي غير الشاكر تناسى من جهة أخرى ما قام به السيد الوزير من مجهودات استثنائية أثمرت مصادقة البرلمان بغرفتييه على القانون الإطار للتربية والتكوين وقانون التكوين المستمر المتعلق بالتكوين المهني، عطفا على التخلي النهائي على نظام التعاقد وإرساء نظام يضمن استقرار مهني واجتماعي لفائدة موظفي وأطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ووضع إطار جديد يضمن لهم نفس الحقوق والامتيازات إسوة مع باقي موظفي الدولة التابعين للوظيفة العمومية، هذا بالاضافة الى تصفية مشكلة السلالم الدنيا وما يرتبط بها من معضلات، ضحايا النظامين او ما يسمون بشيوخ رجال التعليم وأيضا الزنزانة رقم 9 التي عمّرت عقودا من الزمن. الموضوعية تقتضي الاعتراف أن الفضل يعود لسعيد أمزازي في توسيع قاعدة المستفيدين من برامج الدعم والحماية الاجتماعية لمحاربة آفة الهذر المدرسي والانقطاع المبكر عن الدراسة، وفي إطلاق برنامج التكوين الأساسي لفائدة اساتذة التعليم الابتدائي والثانوي عبر الاجازة في التربية والتكوين المفتوحة في جل المؤسسات الجامعية المغربية لتكوين اساتذة المستقبل، ثم إطلاق البرنامج الوطني لتعميم التعليم الاولي تبعا للتوصيات الملكية، والبرنامج الوطني للتربية الشاملة والمدمجة لفائدة تمدرس الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، دون أن ننسى تسريع إحداث المدارس الجماعاتية، ومراجعة الكتب المدرسية وتطعيمها بمقاربات بيداغوجية ملائمة ومبتكرة. لمسة الوزير شملت الرؤوس الثلاث لوزارته، وهنا وتنفيذا للتعليمات الملكية السامية، قام السيد الوزير بإطلاق جيل جديد من مؤسسات التكوين المهني عبر احداث مدن المهن والكفاءات في كل جهة مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات وإمكانات كل جهة، كما بادر الى إصلاح نظام البكلوريا واستبدال نظام الإجازة بالباشلار من أجل تحفيز وتحقيق المردودية في المؤسسات الجامعية ذات الاستقطاب المفتوح، عطفا على إصلاح نظام الدكتوراه لاعطاء البحث العلمي معنى لإنتاج المعرفة ويكون ذا اثر على التنمية الاقتصادية.
سيشهد التاريخ أن سعيد أمزازي بإحداث أكثر من 50 مؤسسة جامعية في جل أنحاء المملكة خصوصا في المناطق المعروفة بالهشاشة لولوج التعليم العالي لساكنة الهوامش وتحقيقا لمبدأ العدالة الاجتماعية والمجالية التي نصّ عليها الخطاب الملكي الذي ألقاه صاحب الجلالة بمناسبة عيد العرش، ثم توظيف أكثر من 1400 منصب لفائدة الأساتذة المساعدين عن طريق إحداث مناصب جديدة أو مناصب تحويلية لمواجهة النقص الحاد في الموار البشرية الذي يهدد الجامعات المغربية بسبب موجة التقاعد، وبفضل كفاءته التواصلية العالية، كما مكن أمزازي منظومة التربية والتكوين من درجة استثنائية اعترافا بمجهودات الأساتذة الباحثين وتحفيزهم ومواكبة أعمالهم ومشاريعهم البحثية.
باختصار، ليس من السهل الخوض في شؤون وزارة بحجم وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي وتقييم حصيلتها في مجرد “خواطر عدوانية”، الوزير سعيد أمزازي يعرفه المغاربة ويعرفون حجم تضحياته ونجاحاته بعيدا عن لغة التجني والابتزاز، عهدوه رجل الميدان الذي لا يكل ولا يمل من رحلات مكوكية للوقوف على المشاريع والأوراش، ومهما قيل، لن نوفي الرجل حقه فيما أسداه للوطن والمواطنين.