لا حديث داخل الشارع بمكناس إلا عن ذاك التدافع السياسي المرئي والخفي، وبناء التحالفات الجديدة القديمة، وتغيير عتبات الأحزاب السياسية. تحالفات المخاض الأخير، مرات عديدة تمرر بالتراضي خوفا على اللحمة الداخلية للحزب، ومرات أخرى بالتدخل العمودي وفرض الأمر، أو بالقتل الرحيم لوجوه أينعت وحان قطافها. لا حديث بمكناس إلا عندما يصطف زيد وعمرو في خندق المنافع المشتركة وتشبيك الأيدي.
اليوم تقتسم كعكة رؤوس اللوائح بين التشريعي و الجهوي والمحلي (وخدم التاعس للناعس)، هم وكلاء اللوائح وما بعدهم ترشيح (نضالي). كعكة (لذيذة برلمانية) لن يفرط فيها الدهاء السياسي ورجال المال بمكناس والشد عليها بالنواجذ، لن يفرط أحد منهم في فرصة مواتية للبقاء ضمن نخبة المركز أو الجهة، فهم في غنى عن تدبير الشأن المحلي بمكناس والذي يحمل (حريق الرأس) وبزيادة، و باتوا لا رغبة لهم بالبقاء داخل (زعلوك) مجلس جماعة مكناس بتاتا.
ذكاء سياسي بلوائح مفخخة مثل ( قطعة صابون بحمام منزلق). ذكاء سياسي يبحث عن امتيازات أكبر وبطموح وطني و جهوي، و يترك جمل رئاسة مجلس جماعة مكناس بما حمل من ثقل الباقي استخلاصه وما بذمة الجماعة من عجز في الميزانية، كالجمرة الحارقة لمن تقدم إليها، وقبل بتحمل أمانتها، باعتباره إما ظلوما أو جهولا.
نعم، لا خوف على كل الأحزاب السياسية بمكناس (حتى ما صغر منها) بأن يكون لهم ممثل أو أكثر داخل التمثيلية بمجلس الجماعة، لا خوف حتى على اللوائح غير المنتمية (غير المثقوبة) بأن يكون لها حضور في مجلس جماعة مكناس، فمادامت العتبة ألغيت والتنافي فلا حرج، والفرجة ستبقى مفتوحة وممتعة.
اليوم الكل يقول للآخر (ألف مبروك) الثقة في سيادتكم، بين عشية وضحاها وجوه باتت تحمل غيرة على مدينة مكناس لكن (من الحب ما قتل)، الكل بات يحمل عصا (سيدنا موسى) ويهش بها على تسويق صورته الانتخابية بدل صورة المدينة البئيسة. الكل بات يوزع الصور والحضور داخل فضاءات المقاهي واللقاءات التسخينية الأولية. لكن حتما، تبقى انتظارات مكناس المدينة مغيبة من قسمة كعكة الانتخابات القادمة، تبقى الوعود فضفاضة وتحمل حرف (السين) سنعمل…، تبقى ساكنة المدينة مغيبة من الفعل السياسي الرزين، و من الاختيارات السليمة بلا موالاة ولا ضغوطات حياتية.
الوعود ثم الوعود التي لن تغني المدينة من جفاف المسار التنموي، ومن ضعف مرد ودية السياسات المحلية. الوعود باتت عند الساكنة مثل مسلسل انتخابي كوميدي ينتهي شهر العسل به يوم الاقتراع، و(كفى السياسة والسياسيين شر التنمية). من هنا تعلن مكناس أنها (باغية) حقها من التنمية الموعودة في البرامج السياسية الواقعية والبسيطة، وليس في حملات تسويق الوجوه التي تركب المناصب وتسلق السلم السياسي. (باغية) مناخ سياسي ديمقراطي، وشفافية ومصداقية في الاستحقاقات الانتخابية بالمدينة. (باغية) حقها في النموذج التنموي الجديد والرفاه الاجتماعي الموعود للجميع. (باغية) مجلس جماعة قوي ومجتمع مدني قوية بالترافع والمتابعة والتقويم. الساكنة (باغية) القضاء على الفقر كهوية (صنع بمكناس). (باغية) القبول بتطلعات المدينة والتي باتت أكثر إلحاحا وأكثر تعقيدا.
مكناس أخيرا (باغية) اتجاهات سليمة وإيجابية تجاه العملية الانتخابية ليوم 08 شتنبر 2021، وذلك بسلك خيارات أكثر وضوحا وشجاعة لتحقيق توافق سياسي وتنموي منشود للمدينة، وفق بناء الثقة ميثاق أخلاقي للعمل بالمدينة. (باغية) نتائج تحمل رؤية التغيير وإستراتيجية بنائية، وتحمي المدينة والساكنة من الهشاشة والأزمات الممتدة كأضعف الأيمان.