بقلم : محسن النية
عاش حزب العدالة والتنمية إبان المرحلة الثانية من التجربة الحكومية تغيرات جذرية في قراءاته السياسية في المشاركة السياسية بالمغرب ، فبعد أن تم إعفاء الأستاذ عبد الإله بن كيران وما سبقه من بلوكاج ساه فيه ( ربيب الأحزاب … أخنوش) بأحزاب ( التجمع الوطني للأحرار و الحركة الشعبية والإتحاد الدستوري و الإتحاد الإشتراكي ….إلخ)فكان دخول الإتحاد الإشتراكي الذي فرض فرضا وبحقائب وازنة علامة على تراجع الحزب في قراءة أساليبه التفاوضية خصوصا والإتحاد دخل عبر نافذة الأحرار ، تراجع حزب العدالة والتنمية من ناحية ريادة الأغلبية إلى حزب تتحالف عليه احزاب الأغلبية الحكومية لتمرير قراراتها ، بعد هذا المخاض يأتي قانون فرنسة التعليم والذي كان لحزب العدالة والتنمية موقف واضح بشأنه قبل الولاية الثانية منسجما مع موقف حزب الإستقلال في ذات الموضوع، حشر حزب العدالة والتنمية رأسه في الرمال كالنعامة تاركا اللاعبين الكبار يقررون عنه رغم أنفه، تعالت أصوات الرافضين في أوساطه وخصوصا من شبيبته ولكن دون أدنى نتيجة تذكر، بعدها جاءت الضربة الأخرى لقانون تكميم الأفواه الذي وافق عليه المجلس الحكومي ولولا الفضيحة التي أحدثها تسريبه لكان في تصويت البرلمان ، وعلت الأصوات من جديد ، فكان لزاما على الحزب عقد لقاءات للنقد الذاتي و دراسة المرحلة عبر لقاءات للمجلس الوطني وللأقاليم والجهات ، هاته اللقاءات والقراءات والنقاش لم يخرح بأي جديد يذكر وكأنه كان مرحلة لفرملة حماس المعارضين .
البلوكاج في بعض الجماعات والجهات ضد الحزب لم يتم التعامل معه بشكل قوي خصوصا والحزب يعتلي منصب رئاسة الحكومة والسؤال : ماذا كان سيفعل حزب آخر يعتلي الحكومة إذا وقع له بلوكاج في جهة أو جماعة…..؟
وكان مشروع قانون القنب الهندي ( الكيف) هو النعش ماقبل قانون ( العلاقات الرضائية) الذي ربما سيكون في الولاية القادمة.
هاته الأحداث مرتبطة بضعف تبرير القرارات من الأمين العام للحزب وفريقه الوزاري وهذا أكدث شرخا لمناضلي الحزب وجعلهم في مرمى نيران الشعب الذي انتدبهم ولا اقصد بذلك ( المرتزقة) ولكن أفراد الشعب العادي ، كل هاته العوامل وغيرها ساهمت في إستقالة الدكتور الأزمي المنافس على الأمانة العامة لأنه وجد نفسه في وسط مياه آسنة لا تتحرك وكلما حاول الحركة تجره إلى القعر الموحل.
شخصيا كنت أتمنى من حزب العدالة والتنمية أن يخرج للمعارضة ويبقى عزيزا وتبقى قاعدته واسعة ويكون آنذاك منسجما مع مبادئه وأوراقه المذهبية، إستقالة الأزمي لها ما بعدها من ناحية أنه يمثل صوتا من أصوات المعارضة داخل الحزب.
فأسباب الإستقالة واضحة كما جاءت في رسالة الإستقالة وهو الإنسلاخ عن المبادئ والقيم التي بني عليها الحزب، فهل أصبحت المناصب الوزارية مغنما ساهم في تليين القرارات والمبادئ؟
حزب العدالة والتنمية اليوم لا علاقة له بحزب العدالة بالأمس و الأيام المقبلة ستكون حبلى بقرارات في هذا السياق.