قد نخرج من الحجر الصحي نحو الرفع التدريجي ولو بتخوفات لازالت تتكاثر وتتفاقم عبر تحطيم أرقام قياسية في أعداد المصابين والمخالطين. قد نخرج من حالة الطوارئ الصحية لكن الاقتصاد الوطني و تحريك آلة التشغيل والعمل قد لا تخرج من عنق الأزمة التي باتت حاضرة وتقتضي المواجهة و استدامة الصبر. ففي استمارة تم تمريرها عبر الموقع الاجتماعي (فيسبوك):هل أنت (مع) أو (ضد) منحة عيد الأضحى تصرف من صندوق تدبير ومواجهة وباء فيروس “كورونا”، أو لك رأي آخر؟.
سؤال لن نعتبره للاستهلاك، ولا للترف التسويقي، ولا لطلب الإحسان المجاني، بل قد نستمد من العينة الضابطة التي أجابت عنه بالتنوع والتراكم (مشكورة) مورد حقيقة لاستنباط رأي الأوساط الاجتماعية المغربية بكل حرية، ومنه بالضبط يمكن التعميم بلا تعويم كلي. ومن الإجابات التي أثارت انتباهي حين قال صاحبها (لا) بتعليل (واش عندك شي عقل ولا كورونا أثرت عليك… !!!).حقيقة هذه الإجابة أضحكتني وأبكتني في نفس اللحظة !!! لأني أعلم أن صاحبها يحمل عزة النفس وأنفة مواطن بسيط، حتى وإن كان مصدر رزقه متوقفا أو مقفولا بقرار من الدولة، لكنه أبى أن يعتبر مال صندوق (كورونا) يخص دعم الأساسيات (الفرض الحياتي/ المعيشة اليومية) دون السنن المؤكدة التي لا يترتب عن عدم أدائها إثم (ذبيحة عيد الأضحى).
لم تكن الإجابات المتنوعة دون ذكر (نعم أو لا) إلا دعوة صريحة نحو استهداف من يستحق الدعم، لم تكن تلك الإجابات الأخرى إلا دعوة نحو بناء مجتمع المناصفة وأخلاق العناية، لم تكن تلك الإجابات المتنوعة إلا تعبيرا صادقا عن أن المواطن المغربي يعيش أزمة في المورد المالي(الحركة متوقفة)، يعيش الفاقة التي كبست عن مصدر رزقه جراء طول مدة (الحجر الصحي)، يعيش المنزلة بين المنزلتية بتوفير(الخبر للأسرة) ثم التوجه نحو الارضاءات الأسرية ( باغي نفرح الوليدات بحولي).
مجموع إجابات وصل حدود (120) في حين كانت غالبية الرأي الذي أقر الجواب ب(نعم) في حدود (63) بنسبة (52.50%)، فيما من قالوا (لا) فقد كان العدد (36) بنسبة (30.00%)، فيما (رأي آخر) وتعليقات متنوعة فقد تم حصرها في (21) بنسبة (17.50%).
قد تغلبت (نعم) على (لا) ليس بالضربة القاضية، ولكنها تغلبت من جانب تضمين روح التضامن الوطني الذي أقره الدستور(2011). من جانب أن المواطن لازال ينتظر الكثير من الدولة والدعم (حتى يوقف على رجليه). من جانب العادات التقليدية الاجتماعية والتي تضع سنة (العيد الكبير) المؤكدة مثل الفرض الملزم الأداء (قدام الجيران). تغلبت (نعم) من جانب أن الدولة مسؤولة عن مواطنيها حين ألزمتهم القعود ضمن(الحجر المنزلي). تغلبت (نعم)حين نجد أن المواطن يلجأ إلى القروض الربوية ليؤدي سنة مؤكدة مصحوبة بدعوات الغفران وتقبل القربان الدموي.تغلبت(نعم) حين فكر المستجوب أن السنة القادمة انتخابية (2021) وهنالك بالقرب من يتربص باقتناء أصوات (الأضاحي الانتخابية) ولو البعد الزمني، ودون تلطيخ الأيدي باسم الرشوة والفساد المباشر. قد تغلبت (نعم) وكأن المواطن باغي (حقوا) من الدولة، باغي حتى هو (يشد الحولي) مثل بعض البرلمانيين والوزراء مجانا.
فيما (لا) والتي بصدق أوثر رأيها بالتبني والثبات، لو كنا نستعمل قول (لا) في صناعة انتخابات نزيهة، وفي بناء استحقاقات وطنية شفافة. لو كانت (لا) تحرك بحدة المعول الناسف ضد الفساد و(الحكرة)، و ضد الفوارق الاجتماعية. لو كنا نقول (لا) لكل سياسة لا تراعي خدمة العقد الاجتماعي. لو كنا نقول (لا) لكل سياسة نخبوية لا تستهدف ترسيم الكرامة والعدل والمساواة. هي قوة (لا) الحقيقية في التبني والنطق بها دون خوف ولا فزع. أما قول (لا) في رفض مساندة الدولة لمواطنيها حين أتى دور الشعب صدفة لينال شيئا من حسنات الدولة في (زمن كورونا)، لينال أول (مانضة/ حوالة) في حياته من الدولة، فقد رسبت ولكنها بقيت حاضرة في الاستمارة (36) بنسبة (30.00%).
الأهم أن كل الآراء يتم احترامها بالقوة والحجية. لكن، في غربلة رزين (رأي آخر) كان هو الجواب عن أسئلة المحبوسات دون كمامة ( مسودة قانون 22-20). كان متسعا لتفريغ مطالب الشفافية والحكامة ومعايير الاختيار، لتوجيه اللوم لبعض (الملهوطين)وخشونة نيل الدعم بدون وجه حق، لرفع الشكوى وملتمس قرار سيادي في خلق فرحة لما يزيد من ثلث العائلات المغربية و إقرار(منحة للعيد). قرار قد يلغي ذبيحة اللاعبين الكبار من فئات الملوثات السياسية، قد يسد نفق توزيع المواطنين (هاذا ديالي) و(ذاك ديالك) والبحث (واش مقيد في اللوائح الانتخابية أم لا).
في التوجه الآخر من الرأي، هنالك من يطالب بإلغاء سنة العيد المؤكدة لهذا العام مثل إلغاء فرض (الحج)، وهو رأي قد يلغي بتاتا تلك التحويلات المالية نحو البوادي والأرياف (مثل ما ورد في التعليقات)، وتلك الحركية المرتبطة بتدابير عيد الأضحى. كانت هذه نتائج استمارة بريئة ودون خلفيات سبقية، لا تجاه المواطن ولا الدولة. استمارة حسمت في أن التوجه العام نحو (نعم) وملتمس منحة استثنائية تغطي مصاريف عيد الأضحى من صندوق تدبير وباء فيروس كورونا.