بعد إغلاق قسري دام أزيد من ثلاثة أشهر بسبب وباء فيروس كورونا المستجد، تمكن برج إيفل، أحد أبرز معالم العاصمة الفرنسية وواحد من أقطاب الجذب السياحي الرئيسية للبلاد، أمس الخميس، أخيرا من إعادة فتح أبوابه، الأمر الذي أسعد بعض الزوار، غالبيتهم من الفرنسيين، ولكن أيضا الأجانب من بين العالقين في باريس أو السياح الذين اغتنموا الافتتاح التدريجي لحدود فضاء شنغن الداخلية.
فمنذ الساعات الأولى للصباح، اصطف نحو خمسين شخصا من جميع الأعمار في طابور أمام مختلف مداخل برج إيفل. وتحت أشعة الشمس الحارقة، انتظروا بفارغ الصبر، فتح الأبواب قبل الانطلاق في اكتشاف “السيدة الحديدية” التي ظلت مغلقة لمدة 104 يوما.
وعلى غرار المواقع السياحية الأخرى لمدينة الأنوار، اضطر المسؤولون عن إدارة هذه التحفة المعمارية لإغلاقها، امتثالا للقيود المفروضة من طرف السلطات منذ دخول الحجر الصحي حيز التنفيذ في 17 مارس الماضي.
وأوضح كل من برنارد جوديلير، رئيس شركة استغلال برج إيفل، ومديرها العام باتريك برانكو رويفو، في تصريح للصحافة، أن الأمر يتعلق بأول إغلاق للبرج في زمن السلم، والذي يستقبل حوالي سبعة ملايين زائر سنويا، نحو 80 بالمائة منهم أجانب، ما يجعله أكثر المعالم الأثرية المؤدى عن زيارتها في العالم زيارة.
وحسب المسؤولين، إذا كان هذا الإغلاق لمدة ثلاثة أشهر ونصف قد مكن من القيام بأعمال الإصلاح، فلقد كان له بالموازاة مع ذلك وقع كبير على الإيرادات مع خسائر بقيمة 9 ملايين يورو شهريا، أي ما مجموعه أزيد من 27 مليونا، مشيرين إلى أن الافتتاح سيتدرج على مراحل حسب تطور الوضع الصحي في البلاد.
ومع هذا الاستئناف للأنشطة، أكدا أنهما يتوقعان تدفقا يتراوح تعداده ما بين 3000 و4000 زائر يوميا مقابل زهاء 23 ألف زائر قبل الأزمة، مسجلين أنه خلال اليوم الأول من إعادة الافتتاح، تم بيع 700 تذكرة عبر الإنترنت، ثلثاها لزوار من الجنسية الفرنسية.
وقد جرى استقبال الزوار الأوائل تحت تصفيقات مسؤولي الشركة التي تشرف على إدارة الموقع، وذلك في جو احتفالي تخللته أصوات الطبول والمزامير، بحضور عدد كبير من ممثلي وسائل الإعلام المحلية والدولية.
وقال عدد من الزوار، لاسيما من السياح الأجانب، الذين استجوبتهم وكالة المغرب العربي للأنباء، إنهم سعداء بزيارة هذه المعلمة الباريسية الوازنة والظفر بفرصة الاستمتاع بها إلى جانب قلة قليلة من الناس.
وبالنسبة لإعادة الافتتاح، كان الولوج محدودا عند الطابقين الأولين لهذه الأيقونة المعمارية، وذلك عن طريق السلالم فقط، في حين أن المصاعد لن تعود إلى الخدمة حتى 1 يوليوز المقبل، بينما سيتم إعادة فتح قمة “السيدة الحديدية” يوم 15 يوليوز.
وعلى الرغم من الحرارة الخانقة ليوم أمس الخميس، لم يثني صعود 700 درجة من أدراج السلالم للوصول إلى الطابق الثاني، الزوار الذين أسعدهم اكتشاف “السيدة الحديدية” بأدق تفاصيلها، والاستمتاع في ذات الآن بالمنظر المذهل للعاصمة الفرنسية.
من جهة أخرى، جرى فرض تدابير صحية صارمة، بما في ذلك الارتداء الإجباري للكمامات الواقية بالنسبة للزوار ابتداء من سن 11 عاما، وتحديد مجموعات الزوار في الساحة الأمامية، عند الطابقين الأول والثاني وكذا في المصاعد، وتثبيت لافتات كثيرة وعلامات عديدة على الأرضية بغية تيسير الامتثال لمسافة التباعد الاجتماعي بـ 1,5 متر بين الزوار أو مجموعات الزوار.
وفضلا عن العروض الترويجية لإعادة الافتتاح الكبير هذا، تم إعداد باحة صيفية كبيرة في الطابق الأول، بينما ستقدم مجموعات “دي.جي” ابتداء من في 9 يوليوز عروضا كل يومي خميس وجمعة. كما تعد الشركة المشرفة على التسيير بتنظيم تظاهرات ثقافية في عين المكان إذا ما سمحت الوضعية الصحية بذلك.
وبارتفاع قدره 324 مترا ووزن هائل يبلغ 10 آلاف و100 طن، يتربع برج إيفل بعظمة منذ العام 1889، على ضفاف نهر السين على البساط الأخضر لحدائق تروكاديرو، داعيا إلى تسلقه، والاستمتاع به من الداخل، تحت أعمدته الحديدية.
وقد جاء قرابة 300 مليون زائر، من مختلف الأعمار والجنسيات من جميع أنحاء العالم، لاكتشاف هذه المعلمة منذ افتتاحها في العام 1889، بمناسبة المعرض العالمي الذي احتفى بالذكرى المئوية الأولى للثورة الفرنسية.