شأنها شأن كل الحواضر الكبرى بالمملكة المغربية، عانت مدينة الألف عام من تفشي ظاهرة احتلال الملك العمومي، سواء من لدن الباعة المتجولين، أو من لدن أرباب المتاجر والمقاهي بشكل عام.
وجاء الوباء، كوفيد 19.
شيئا فشيئاً، و تنزيلا لمقتضيات حالة الإستثناء، و الحجر الصحي المنزلي الذي تقتضيه الفترة الوبائية، بدأت السلطات العمومية، تدريجيا، بمجمل المدن الكبرى المغربية بالحد من التجمعات البشرية، عبر إغلاق المقاهي و المطاعم، ثم تقنين أوقات الخروج، وصولا إلى إزالة الأسواق العشوائية “السويقات” المنتشرة خصوصا بالأحياء الشعبية، والتي تعرف إقبالا كبيرا من لدن المواطنين، ليس فقط من ذوي الدخل المحدود، بل من جل الطبقات الإجتماعية، متسببين في تجمعات بشرية كثيفة، من شأنها، و الحالة الوبائية واقع لا مفر منه، أن تكون عاملا قويا في تفشي الفيروس، و انتقاله عبر المخالطة.
واقع الأمر أن فاس تخلصت من كل الأسواق العشوائية. كان آخرها “سويقة بندباب”، التي طالما شكلت نقطة سوداء في الحي، و موضوع استنكار عدد من جمعيات مهنيي التجارة بالحي. وبدوره تخلص حي واد فاس من سوقه العشوائي، الذي كان يحتل مدارة طرقية، مانعا، أو على الأقل مصعبا، السير و الجولان وولوج سيارات المصلحة العامة، كالإسعاف والمطافئ وجمع النفايات.. أضف إلى ذلك مونفلوري، زواغة، المسيرة…
أيا كان الأشخاص، أو الجهات، خاصة أو مسؤولة، من تسببت أو سمحت بإقامة هذه العشوائيات، على امتداد العهدات الإنتخابية، و المسؤوليات الترابية، فالنتيجة كانت واحدة.. وهي فوضى ونقاط سوداء بالمدينة، إلى أن جاءت كرورنا فخلصت فاس من واقع لا يرضي الساكنة، ولا يشرف تاريخ المدينة العريق..
ختام القول، و مربط الفرس مما سبق ذكره هو سؤال، من واجبنا كإعلاميين، و من حق المواطنين كساكنة أن نطرحه..
“هل ستستفيد المصالح المعنية، منتخبة كانت أو ترابية، هل ستستفيد من أخطاء، مقصودة أو غير مقصودة، من سبقوها فيما يخص تدبير الفاضاءات العمومية؟؟ وبالعربي الدارج “واش باقيين غادي يخليوا الفارشة يحتلوا الملك العام بالواحد بالواحد تا كتصبح سويقة أو سوق كيصعاب التعامل معه؟؟”.
ولكي نكون منصفين، لا يجب إغفال المقاربة الإجتماعية في الموضوع. يجب التفكير في حلول بديلة ومرضية لشباب السويقات، حتى لا تقطع أرزاقهم، فغالبيتهم أيضا أرباب أسر و لديهم زوجات للإطعام وأطفال للتمدرس.
هيئة التحرير