تطرق الخطيب “رشيد جد” بمسجد عبد الله بن عمر بفاس، في خطبة صلاة الجمعة الموافقة لـ 10 يناير 2020، لموضوع وحدة الأمة الأسلامية ولذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالإستقلال.
واستهل الخطيب حديثه بحمد الله عز وجل وبالثناء عليه، ثم بالإستعاذة من السيئات ومن شرور النفس، مستسرسلا بالصلاة على النبي الكريم على صحابته الميامين وعلى التابعين بإحسان إلى يوم الدين.
وشدد الخطيبعلى أن كل ما يجمع صفوف الأمة، ويوطد الأواصر بين أعضائها فهو محبب بل ومندوب.
وبالمقابل فإن كل ما يفرق صفوف المسلمين، ويباعد بينهم ، ويتسبب في اختلاف الكلمة داخل صفوفهم، فهو محرم شرعا في كتاب الله عز وجل.
قال تعالى في محكم التنزيل: و“َاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ”آل عمران (103).
وهكذا فمن الواجب على كل فرد من أفراد الأمة الإسلامية أن يقوي جانب المحبة والإيخاء لديه تجاه المسلمين، حتى يجتمعوا على كلمة واحدة. ويجب على كل مسلم أن يبتعد بنفسه و يترفع عن كل ما يجلب العدواة و الكراهية تجاه إخوانه، و أن يتجنب سبل إشعال فتيل النزاعات والشقاق بينهم.
وعن أبي هريرة قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: “لا تَحاسدُوا، وَلا تناجشُوا، وَلا تَباغَضُوا، وَلا تَدابرُوا، وَلا يبِعْ بعْضُكُمْ عَلَى بيْعِ بعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللَّه إِخْوانًا، المُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِم: لا يَظلِمُه، وَلا يَحْقِرُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ، التَّقْوَى هَاهُنا ويُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاثَ مرَّاتٍ بِحسْبِ امرئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِر أَخاهُ المُسْلِمَ، كُلّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حرامٌ: دمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ” رواه مسلم.
فغاية الإسلام أن تكون أمة واحدة، تحت راية واحدة، بدون عصبية ولا عنصرية ولا اختلافات توزع القوى بما لا يفيد الأمة.
يقول جل من قائل: “وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ” الأنفال (46).
وعن أبي موسى – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا” متفق عليه.
وعَن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى “.
ويستدل من كل ما سبق أنه لا يمكن لأي مجتمع أن يمشي قُدما إلا إن كان قائما على الإتحاد وتوحيد الكلمة والأهداف.
وفي الجزء الثاني من خطبة الجمعة، ذكَّرالخطيب بذكرى وطنية عزيزة على المغاربة، وهي ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالإستقلال التي كانت يوم 11 يناير 1944.
الوثيقة قدمتها مجموعة من المواطنين للمرحوم محمد الخامس.
فحَرِيٌّ بالمغاربة أن يتذكروا بطولات الأجداد ونضالاتهم لتحقيق الحرية للأبناء وللأحفاد ولكل المغاربة اللاحقين.
وواجب على الخَلَف أن يذكر الناشئة بالتاريخ النضالي للأسلاف، بما فيذلك ذكرى المسيرة الخضراء التي أبدعها الملك الراحل المرحوم الحسن الثاني وكل المغاربة.
وختم الإمام خطبته بالدعاء لأمير المؤمنين الملك محمد السادس، و لولي العهد وللأسرة الملكية، و كذلك دعا الإمام لجميع الأمة المسلمة بالسداد وبوحدة الصف وبمغفرة الذنوب.