سؤال قد يعرضه اي فاعل جمعوي على نفسه، خصوصا في المراحل الاولى من انخراطه في العمل الجمعوي…و الجواب عليه يتطلب جرأة و حكمة في آن واحد..
– الجرأة : و باعتبار أن النفس الانسانية لا تهوى الا ما هو سهل و يسير و تنفر من كل عمل متعب و شاق خصوصا اذاا كان هذا العمل لا يرجى منه ربح مادي و إنما ترويض هذه النفس على فعل الخير و الالتزام به، و نأخذ مثال بسيط على ذلك و هي الصلاة ، فإذا لم ترغم نفسك على الالتزام بالصلاة و تفرضها عليها، سرعان ما تتخلى عنها و تتهاون في أدائها، كذلك العمل الجمعوي التطوعي، فإن لم تلزم نفسك وتصارعها من اجل الانخراط في العمل الجمعوي، تحافظ تراتبية مواعيده، فستنكسر عزيمتك و سرعان ما تبدأ تتسرب الى دهنك افكار سيئة حول العمل الجمعوي و عن اهدافه، ويتمثل لك ذلك كلعب صبيان لا طيلة فيه ولا منفعة بل يخال اليك انه مضيعة للوقت …
– الحكمة: و لأن العقل يحكم المنطق في كل صغيرة وكبيرة، فلا بد من وجود حكمة وراء القيام بالعمل الجمعوي، و إليكم بعض هذه الغايات التي من أجلها قام العمل الجمعوي، – خلق جسر تواصل بين أفراد الجمعية أنفسهم و بينهم بين المجتمع الذي ينتمون اليه من جهة اخرى، – تكوين وتأطير الشخصيات المنخرطة في العمل الجمعوي و تحسين و توسيع قدراتهم المعرفية والابداعية، – المساهمة في التنمية الاجتماعية ثقافيا او رياضيا او اجتماعيا، – استغلال الوقت الثالث في ما هو مفيد و مثمر و يعود بالنفع على الفاعل الجمعوي بالدرجة الاولى و هذا من الناحية المعنوية النفسية.. و قد أكدت مجموعة من الدراسات ان إنخراط الشباب المدمن في الجمعيات وخصوصا التي تساعد على تخطي الادمان يساهم بشكل كبير في توقف هؤلاء عن تعاطي ما يدمنون عليه و تساهم في حل عقدهم النفسية و تسرع وثيرة اندماجهم في محيطهم الاجتماعي…
العمل الجمعوي فعل نبيل و عمل خيير، إلا أن المحيط البيئي يورث بعض المغالطات حول ما هية العمل الجمعوي، وكأنه لعب ولهو ومضيعة للوقت في حين ان الدول الغربية المتقدمة وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية لعبت الجمعيات فيها دورا مهما ورئيسيا في تطويرها و الرقي بها حضاريا و اجتماعيا، بعيدا عن التحزب والتسيس و الحقد والحسد و التدمر من أجل مصلحة المجتمع و صلاحه…
فالمجتمع يحتاج الى جمعيات والى فاعلين جمعويين يلملمون شتات أطفاله من الضياع و يؤطرون شبابه و يساعدونه على الابداع و تحسين القدرات..و يساهمون في ترسيخ مبادئ ديننا الحنيف خصوصا في مجال التكافل والتضامن الاجتماعي و التعاون على البر والعمل الصالح و نبد العداوة والشر و الفساد..
يدا في يد من أجل غد مشرق، الكل فيه يجد ويكد من أجل تنمية مجتمعه دون تدمر ولا انكسار و لا تخاذل، فرقي المجتمع دليل على رقي افراده، والعكس صحيح، و رسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم يقول ” مثل المؤمنون في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد يشد بعضه بعضا اذا تداعى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى” او كما قال الحبيب محمد صلوات الله عليه وسلامه.
عبدالمجيد المتوكل الإدريسي.