نشرت بعض المواقع الإلكترونية بيانا أصدره من قدموا أنفسهم مكتبا محليا للنقابة الوطنية للتعليم العالي بالمدرسة العليا للأساتذة بمكناس. وقد تضمن هذا البيان، الذي اتخذ صبغة الوشاية، كمّا هائلا من التضليل وقلب الحقائق والجهل بالقوانين والتطاول على هياكل المؤسسة ورئيسها. ولهذا السبب قررت إدارة المدرسة العليا للأساتذة الرد على ما ورد في البيان تنويرا للرأي العام وحفاظا على سمعة المؤسسة وأساتذتها وهياكلها التي وصمت بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بالتبعية وانعدام الإرادة.
وأول تضليل أورده البيان هو ادعاؤه وجود صفقة لشراء معدات علمية لم تحترم فيها المساطر التي حددها البيان في “عدم إمكان اقتناء معدات بيداغوجية ضمن ميزانية الاستثمار” وكذا “ضرورة الإدلاء بمحضر تسعير Devis “من قبل الشعب التي اعتبرها، دون أدنى سند قانوني، “الوحيدة التي لها الحق في تحديد ما يصلح وما لا يصلح”. وكل من اطلع على قانون الصفقات العمومية يعرف أن طلبات العروض المفتوحة لا تتضمن تسعيرا، بل إنه يمنع كشف التقديرات التفصيلية التي تتضمنها محاضر التسعير لأن الغاية هي التنافس الشفاف والحصول على العرض الأقل تكلفة. وأما تحضير ملفات الصفقات، بما فيها التقديرات، فإن ذلك من واجب المصالح المالية للمؤسسات، وليس على عاتق الأستاذ الباحث الذي يفني وقته خدمة للعلم والتدريس في مكتبه ومختبره وقاعة درسه.
أما ميزانية الاستثمار فإنه، عكس ما يدعي أصحاب البيان، يمكن استغلالها للأشغال والخدمات والمعدات بجميع أصنافها. وقد تجاهل (أو جهل) أصحاب البيان أن المدرسة العليا للأساتذة قد أبرمت صفقتين برسم سنة 2022 من ميزانية الاستثمار خاصتين باقتناء معدات لمختبر الفيزياء ومختبر الكيمياء لإجراء الأشغال التطبيقية التي هي حاجات بيداغوجية. وقد ساهم في اللجنة التقنية للصفقتين بعض أساتذة شعبة العلوم الذين أضافوا على أعبائهم مشكورين مهمة ليست من واجبهم.
وأما التضليل الثاني فهو أن البيان لم يذكر موضوع الصفقة كاملا، ولا مصدر تمويلها. والواقع أن موضوع الصفقة، كما نشر في موقع الصفقات العمومية وكما صادق عليه مجلس التدبير بالجامعة وكما عرض على أنظار لجنة تتبع الميزانية ومجلس المؤسسة بما هو موثق في كل المحاضر، عكس ادعاءات البيان، هو التالي: اقتناء معدات علمية وتقنية لمختبر تصنيع. فالأمر يتعلق بما يسمى Fablab. وقد جاء تمويله بميزانية خاصة توصلت بها جامعة مولاي إسماعيل الهدف منها تطوير البحث العلمي داخل المؤسسات الجامعية. ومختبرات التصنيع معروفة معداتها. وقد كان مبتغى اقتناء مختبر من هذا النوع ضمن مشروع تطوير المؤسسة قبل إنشاء شعبة العلوم التي ليست هي الوحيدة المستفيدة منه بل كل الباحثين وكل طلبة المؤسسة والموظفين بالمصالح التقنية للمؤسسة. ويمكن لكل راغب في معرفة أهمية اقتناء هذا النوع من المختبرات أن يطلع على تاريخ ظهوره بالجامعات الأمريكية قبل أن تصبح له شبكة دولية أصبحت لها فروع وطنية.
وأما التضليل الثالث فهو الادعاء بأن اللجان المنبثقة عن مجلس المؤسسة تم تشكيلها بالتعيين وليس بالانتخاب، والواقع أن المادة 26 من القانون الداخلي للمؤسسة الذي صادق عليه مجلس الجامعة تتضمن ما يلي : “تتألف كل لجنة دائمة من مدير المؤسسة رئيسا ومن المديرين المساعدين ومن رؤساء الشعب ومن عضوين يختارهما أعضاء المجلس”. وهذا هو الذي جرت به العادة دائما في المؤسسة وهو ما حصل بالفعل. وإن إدارة المؤسسة، ورئيس المجلس تحديدا، احتراما منها للمادة 31 من القانون الداخلي الذي يلزم أعضاء مجلس المؤسسة باحترام سرية المداولات، لن تفصل في الوقائع التي تكشف تزوير الحقائق التي وقع فيها البيان المذكور.
وأما الادعاء أن إدارة المؤسسة تخلق قوانين، عبر الهياكل، الهدف منها التضييق على الأساتذة وبعض فرق البحث، ثم الادعاء بأن الإدارة تسير المؤسسة بشكل أحادي، فهما ادعاءان ينسف أحدهما الآخر. ذلك أن القرارات المقصودة اتخذت في مجلس المؤسسة وبعضها سيحسم فيه مجلس المؤسسة القادم. وهما قراران يؤكدان رغبة الإدارة في تجويد الحكامة داخل المؤسسة. ويتعلق الأمر بإقرار قانون يحدد المساطر التي يجب اتباعها عند طلب فرق البحث أو الشعب دعم المؤسسة للمؤتمرات والندوات والأيام الدراسية، ويحدد السقف المادي للدعم حسب نوع النشاط وفق شروط علمية وتقنية شفافة. وأما القانون الثاني الذي سيتم الحسم فيه بعد مناقشته في مجلس المؤسسة القادم فيتعلق بوضع مساطر لطلب دعم المنشورات. وهي مساطر تشرف عليها لجنة البحث العلمي بالمؤسسة، بمعنى أن القرار بشأن طلبات الدعم سيكون جماعيا. فإذا كان أصحاب البيان يرون في ذلك تضييقا عليهم، فإنه يحق للإدارة أن تتساءل إن كانوا يفضلون منطق “دعنا نفعل ما نريد، ولا داعي للمساطر الواضحة الشفافة”.
ويعيب البيان على الإدارة تشجيعها للمبادرات الفردية، وهي فعلا تشجع المبادرات الفردية وتحتضنها كما تشجع المبادرات الجماعية وتزكيها، ضمن إطار القانون ومقتضياته، لأن الهدف في المحصلة هو جعل المؤسسة في خدمة المنظومة الجامعية وفي صالح تنويع العرض التربوي وتوسيعه والاستجابة للحاجات الوطنية والدولية في تطوير البحث العلمي. وتؤكد الإدارة أنها رغم رفضها للعراقيل التي يتعرض لها أحيانا بعض حاملي المشاريع من قبل بعض زملائهم، فإنها دائما تيسر الأمور في احترام تام للضوابط القانونية.
أما ادعاء البيان بأن الإدارة تختار منسقي المسالك، فهو كلام غير دقيق ومجاف للحقيقة، ذلك أن رئيس المؤسسة يعين منسقي المسالك بمنطوق القانون ومسطرته. ولم يحدث قط أن اختار أعضاء فريق للتكوين منسقا لم يعينه رئيس المؤسسة.
أما المسطرة التي تتبعها إدارة المؤسسة في توزيع المناصب المالية فهي من أفضل المساطر التي يمكن اتباعها لأنها تضع مقاييس للتوزيع شفافة وواضحة تتم مناقشتها في اللجنة البيداغوجية الموسعة، تراعي عدة جوانب. وبعد الاتفاق عليها، يعهد إلى الشعبة تحديد التخصص المطلوب، إن لم تكن قد حددته بطريقة استباقية. وأيضا لم يحدث قط أن وقع خلاف في توزيع المناصب.
وقد ورد في البيان أيضا نعت ما تحقق في المؤسسة خلال السنوات الماضية “بالإنجازات الوهمية” رغم أن كل المؤشرات الكمية والكيفية تؤكد أن المؤسسة عرفت في أقل من ثلاث سنوات تحولا جذريا مس كل جوانبها من توسعة للمرافق التربوية والإدارية وتنويع للعرض التربوي واكتماله بتكوينين للدكتوراه وفتح تسعة مسالك للإجازة في التربية منها ثلاثة مسالك للعلوم ومسلك للإنجليزية وإضافة ثلاثة ماسترات ليصبح عددها ستة ورقمنة المصالح التربوية والإدارية وإدماج طلبة المؤسسة في الأنشطة العلمية والثقافية بما يجعلهم فاعلين حقيقيين، والرفع من عدد الطلبة الذي انتقل من 450 طالب في سنة 2019 إلى 2150 طالب حاليا. هذا فضلا عن مضاعفة عدد الأساتذة والرفع من عدد الموظفين وتنويع اختصصاتهم. والأهم من كل هذا هو الانخراط الإيجابي التام لأغلب مكونات المؤسسة في النهضة التي تعرفها، بشهادة كل الملاحظين.
وتتحفظ إدارة المؤسسة عن الرد على الألفاظ والاتهامات وأحكام القيمة التي وردت في البيان/الوِشاية الذي لا يليق بمستوى الجامعة وأهلها.
وتعلن إدارة المدرسة العليا للأساتذة أن انفتاحها الدائم على كل الفرقاء قد مكنها دائما من خلق علاقات مثالية مع ممثلي الأساتذة في النقابة. وتشهد على ذلك كل البيانات التي صيغت خلال السنوات الأربع الماضية، والتي تؤكد روح المسؤولية والحوار والشفافية التي طبعت علاقة المكتبين المحليين السابقين للنقابة بإدارة المؤسسة التي كانت دائما سباقة لاستقبال المكتب وإطلاعه على كل المستجدات وطلب الاستماع إليه. ويذكر أعضاء المكتبين السابقين أنه حتى في أزمة كورونا كانت الإدارة دائما سباقة للحوار والتشاور.
ورغم أن إدارة المؤسسة تنأى بنفسها عن التدخل في الشأن النقابي، فإنها تستغرب من إقحامها في موضوع أزمة تمثيلية وما يحدث من نقاش بين الأساتذة عن شرعية ومشروعية المكتب المحلي. وبدل أن يهتم بأزمة تمثيليته، امتهن “المكتب” كتابة بيانات يضع لها أرقاما تسلسلية تشويها لسمعة الإدارة ورئيسها. ولم تسلم الهياكل والأساتذة من القصف. وهو بهذا يحاول يائسا تحويل الأنظار عن أزمته الداخلية.
وأخيرا، تؤكد إدارة المدرسة العليا للأساتذة، أن هناك ما هو أهم من هدر الطاقات والوقت في البيانات والردود، وهو الاستمرار في تطوير المؤسسة وتوسعتها وتوفير الشروط المثلى للتكوين والبحث وخدمة الطالب، خاصة في ظل الانخراط التام للسيدات والسادة الأساتذة والموظفين الذين يستحقون كل التقدير والتوقير.
بتاريخ 08/06/2023
عن موقع: فاس نيوز