محسن الأكرمين.
حلم راود مدينة منذ ثمانية أعوام عجاف، اليوم تحقق الحلم بالحقيقة حين ربحت الكوديم تذكرة العودة نحو القسم الثاني الاحترافي. إكراهات وخلافات عرفها النادي، كانت تتشعب وتتشكل في ظل تلك الأزمة التي كانت تنفك، إلا من خلال يقظة بركان أزمة أعوص منها.العائد نحو الضوء فريق له التاريخ والسند الماضي، ويبحث عن اقتحام كرة المستقبل السليم، وتحقيق السلم الرياضي بمكناس، وعودة الانسجام بالنتائج والتفرد.
عودة الكوديم لم تكن بالهينة ولا السهلة عند مكونات المكتب الذي يسير الفريق هذا الموسم الرياضي، لم تكن بلعبة (التحنقيز) القديمة، ولا بتلاقي الإخوة (الأعداء) في مكتب ينهار منذ البداية، عودة لم تكن بإطلاق سراح (سلوكية) والركوب على أحصنة الكذب والتمويه والمظلومية، وممارسة الإقصاء والتخندق مع زيد ضد عمرو. عودة كانت ثابتة الخطوات بالتأني و(بالمهل) وبقيادة آمنت بالتغيير.
حين نلقي التهنئة لا بد أن تكون الانطلاقة من وقفة احترام للجمهور المكناسي العاشق للكوديم بالقلب والدم (بالروح بالدم نفديك يا كوديم). جماهير بقيت وفية لروح قسم النادي المقدس (الله دايم أعيساوة…). حين نلقي التهنئة والشكر الموصول نُتبعه لمن كان مع الفريق في أشد الشدائد وكان حضوره بالملعب للمساندة والدعم، ونقل أخبار النادي بصدق ومعقولية، فاليوم حين باتت العودة ممكنة اكتنز الملعب بوجوه جديدة ألفت تسويق صورة في يوم الفرح لا في أيام الشدائد.
حين نلقي بالشكر الموصول لمن كان سببا تراكميا في العودة، نقف عند المكاتب السابقة (مهما كانت خدماتها)، ونقول لهم (شكرا) على كل الخدمات التي أسدوها حتى في تأخير موعد العودة نحو صفوة الاحتراف لمدة سبع سنوات(فمن الشدائد تصنع مكناس التميز). نلقي عليهم التحية ببرودة، ونقر لهم بالإعلان أن الكوديم اسم لا ينمحي أبدا، فهو ملك للجميع ومحبوب الجماهير وليس بضيعة خصوصية، وأن التاريخ سجل بمداد الفخر من كان سببا حقيقيا في عودة للنادي نحو التسيير المؤسساتي، ومن كان ذاك المعول الناسف لكل الجهود المؤدية للصعود.
نعم، حقيقة تامة حين آمنت بأفكار رئيس النادي خالد تاعرابت، حين وجدت مَنْطقَ إستراتيجية عمله، لا تلعب على بناء الوهم، بل تمضي رؤيته قُدما نحو بناء الحقيقة مهما كانت شدة حلاوتها أو مرارة متاعبها. آمنت بالرجل حين وضع بناء الفريق بحجم نسبة تحقيق الصعود. حين لم يبع الوهم الفضفاض ولا مارس سياسة التمويه. حين كان صمت الرئيس يماثل حكمة قدماء الفلاسفة. حين كانت خرجاته الإعلامية محسوبة ومضبوطة. حين استطاع تحييد النادي من سوق (النخاسة)، وممتهني الإشاعة والأخبار الزائفة. حين نقل الرئيس التسيير الداخلي للفريق من عشوائية الهواية (المتعرية) نحو تدبير (الاحتراف) الحكيم، وتحصين الفريق من تلك الاختراقات التي كانت وكادت أن تشتت الكوديم غير ما مرة.
ننقل الشكر إلى الدور الذي لعبته السلطات الترابية في دعم الفريق في الشدائد الكبار، وَلَمِّ ملفات الانتفاضات المدوية (لمصلحة الكوديم)، ننقل الشكر إلى السيد العامل عبد الغني الصبار، والذي كان متابعا أمينا وصادقا في رؤيته من أن الرياضة هي الرافعة الأساسية للتنمية بالمدينة. السيد عامل عمالة مكناس الذي كان حريصا على حلحلة كل المشاكل المدوية بالحلول الايجابية والرزينة، نوفيه الشكر الموصول على دعمه المعنوي، وعمله الفياض في فتح بوابات الدعم المادي عند الاقتضاء لتحقيق بطاقة الصعود. ننقل الشكر إلى كل الداعمين المساندين، ولن نذكر صفاتهم ولا مسؤولياتهم ولا مبلغ المساهمة، فمن نقطة السماء ينتفض النهر جريانا. ننقل الشكر إلى كل جنود الخفاء ضمن مكونات الكوديم الداخلية باختلاف المهام والمسؤوليات، وإلى كل من مد يد المساندة الحميدة للنادي.
اليوم، المدينة تحتفي بفتوحات خالد تاعرابت بتحقيق الصعود، ولن أرمي الرجل بالورود فهو يستحق المدح والثناء، فيما قدمه من خدمات جليلة للفريق (المال/ الوقت/ الضغط النفسي/ الفرح/ الصعود…)، وهذا الثناء ليس من عادة كتاباتي أن أوفيه بالزيادة، بل هي كلمة حق فقط. حقيقة خالد تاعرابت حقق طموح مدينة (هرمت) المدينة لأجل بناء هذا النصر، ورفع الرأس عليا في مملكة الفرق الشامخة. أقول : الكوديم فارس الإسماعيلية هو الأسطورة، وهو التاريخ في العلامة الحصرية للمدينة، وهو الطائر الخرافي (الفنيق) الذي يحيى من رماد مشاكله الداخلية، ويصنع الحدث والمفاجأة.
اليوم، تحقق الحلم، وقد ينتهي كابوس قسم الهواة بلا عودة، لكن الأمل الكبير لازال قائما، ويزيد الكوديم ومكوناتها طموحا في العودة إلى قسم الاحترافي الأول. نعم، تنتهي مرحلة صعبة من تاريخ (الهواة) ولكن لا بد من توجيه دفة التفكير نحو المستقبل،والتفكير في رص الصفوف الداخلية، ومجابهة المتنميقين وكل الوصوليين والمتملقين، ولما لا الإبقاء على نكهة مكتب يُدير مكونات الفريق برزانة. اليوم رؤية مدينة وساكنة في صناعة مرحلة ثانية من العهد الجديد قد تأتي بلا محالة مع فريق الرئيس خالد تاعرابت.
عن موقع: فاس نيوز