استعرض وزير العدل عبد اللطيف وهبي، اليوم الأربعاء 20 يوليوز الجاري، جهود المملكة لمنع التحريض على العنف وخطاب الكراهية، وذلك بمناسبة الذكرى الخامسة لخطة عمل فاس.
وألقى وزير العدل السيد عبد اللطيف وهبي كلمته بهذه المناسبة، حيث قال “يسعدني أن أتواجد معكم اليوم في افتتاح أشغال هذا المنتدى الدولي الذي تحتضنه المملكة المغربية:.
ورحب وهبي بكافة الضيوف الكرام من المؤسسات والهيئات الدولية والمنظمات غير الحكومية والخبراء والفاعلين للاحتفال بالذكرى الخامسة لوضع خطة عمل فاس المنبثقة عن منتدى فاس المنظمة في أبريل 2015 حول دور الزعماء الدينيين في منع التحريض المفضي إلى الجرائم البشعة”.
و يشكل هذا اللقاء مناسبة على قدر كبير من الأهمية لتقييم منجزات إعمال خطة عمل فاس بعد مرور خمس سنوات من اعتمادها، وطرح ومناقشة تحديات جهود مكافحة ظاهرة التحريض على العنف وخطاب الكراهية، والبحث عن سبل ناجعة وفعالة لمواجهتها من طرف كل الفاعلين في ظل ظرفية دولية ما زال يشكل فيها التطرف العنيف ظاهرة معقدة تشغل بال المنتظم الدولي الذي ما فتئ يبذل قصارى الجهود لمواجهتها في إطار احترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان”.
وذكر وهبي أن المملكة المغربية باعتبارها بلدا يتوفر على رصيد تاريخي غني بالتسامح والتعايش والتمازج بين الأديان، بحكم الدور التاريخي والمركزي لمؤسسة إمارة المؤمنين التي يمثلها رئيس الدولة، جلالة الملك حفظه الله، في بعدها الرمزي والروحي والوظيفي، كضمانة وركيزة أساسية لحماية الحقوق والحريات المكفولة بموجب الدستور والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي يعد المغرب طرفا فيها، مما يضمن الطمأنينة الدينية والروحية، ويحمي المجتمع من كل غلو أو انحراف في تفسير الدين لأغراض التحريض على العنف والتمييز والكراهية، فضلا عما تخوله إمارة المؤمنين من أدوار في إطار الديبلوماسية الدينية الموجهة إلى البلدان المجاورة والصديقة المهددة بالتطرف الديني، من حيث نشر العبادة، وخاصة تدريب الأئمة.
وأضاف المتحدث ذاته ” تولي بلادنا أهمية قصوى لمسألة التحريض على الكراهية ونبذ العنصرية والعنف المفضي إلى الجرائم البشعة، ويجعلها تدعم التوجهات الدولية الهادفة إلى تعزيز الحوار والنقاش الدولي حول نشر قيم التسامح والاعتدال، ولاسيما من خلال الحرص على احتضان لقاءات ومنتديات دولية تنبثق عنها وثائق مرجعية، مثل خطة عمل فاس التي نلتقي اليوم لتقييم تنفيذها، وباعتبارها امتداد لخطة عمل الرباط بشأن حظر الدعوة إلى الكراهية القومية والعنصرية والدينية، المعتمدة سنة 2012؛ وإعلان مراكش لحقوق الأقليات الدينية في العالم الإسلامي، المعتمد سنة 2016″.
وفتا “لعل الاستقبال الرسمي الذي خصه أمير المؤمنين لقداسة البابا فرانسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، للمغرب خلال سنة 2019 والخطاب السامي الذي ألقاه جلالته بالمناسبة والذي ذكر فيه بقيم التسامح والتلاحم الذي تجمع بين المغاربة، بغض النظر عن اختلاف معتقداتهم، نموذجا ساطعا في مجال التعايش والحوار بين الأديان والحضارات.
حضرات السيدات والسادة؛
إن التطرف الديني والفكري والعنف المفضي إلى ارتكاب الجرائم، كما لا يخفى علينا جميعا، يقوض السلم والأمن والتنمية المستدامة ويشكل تهديدات مباشرة وانتهاكات جسيمة لجميع أصناف حقوق الإنسان، وفي مقدمتها الحـق في الحيـاة والحـق في الحريـة والأمـن الشخصـي وحريـة التعـبير وحريـة الفكـر والضمير والدين، مما حدا بالأمم المتحدة إلى تسخير مختلف الإمكانيات والوسائل والعمل على تطوير المعايير والآليات المناسبة واتخاذ المبادرات الدولية والإقليمية لمواجهة هذا التحدي الكوني، ومنها خطة عمل فاس كوثيقة مرجعية نوعية تنصب على دور القيادات الدينية والجهات الفاعلة لمنع التحريض على العنف الذي من شأنه أن يؤدي إلى الجرائم الوحشية”.
وأردف “إذا كانت خطة عمل فاس، تروم في جوهرها حماية وتعزيز حقوق الإنسان، خاصة حرية الرأي والتعبير وحرية الدين والمعتقد والتجمع السلمي، فضلا عن توصياتها الوجيهة ومقترحاتها البناءة الموجهة إلى كل الفاعلين للإسهام في منع انتهاكات حقوق الإنسان والحد من التطرف العنيف وجميع أشكال النزاعات العنيفة، فإن المملكة المغربية تواصل بفخر واعتزاز إعمال هذه الخطة ليس فقط كالتزام دولي تمخض عن مشاورات قبلية استكملت محطاتها بمدينة فاس قبل سبع سنوات، وإنما أيضا كتجل ملموس لانخراطها المسؤول منذ عقود في جهود مختلف آليات الأمم المتحدة المعنية، التي ما فتئت تدعو إلى تنويع مداخل مواجهة التطرف ومناهضة خطاب التحريض على الكراهية أو العنف على أساس الدين أو المعتقد”.
وهكذا انسجاما مع روح وأهداف هذه الخطة، واصلت المملكة المغربية طيلة الخمس سنوات الأخيرة، تجسيد إرادتها الراسخة لمكافحة كل تطرف أو انتشار لخطاب الكراهية أو التحريض عليه من خلال منجزاتها الميدانية في مختلف المجالات الدينية والأمنية والتشريعية والحقوقية والثقافية والتنموية.
وقال “ففي مجال تدبير الشأن الديني، ولأجل تعزيز مقاربتها الوطنية في نشر قيم الاعتدال الديني والوسطية والتسامح ونبذ العنف، تتم مواصلة جهود إصلاح وإعادة هيكلة الحقل الديني من خلال برامج تكوين وتأهيل الأئمة والمرشدين الدينيين والمرشدات الدينيات بخصوص الوظائف الاجتماعية للمساجد، وتيسير نقل فهم صحيح وسليم لإسلام منفتح ومعتدل”.