يبقى الجفاف ظاهرة طبيعية تخيم بظلالها على كل موسم فلاحي بالمغرب، ويتحتم أن يعتبره الاقتصاد المغربي منطلقا لأي بناء تنموي جديد. هذه السنة يبدو أن مؤشرات عدم تساقط الأمطار الموسمية تماثل الجفاف الكامل الذي مرَّ موسم عام (1981/1982). ورغم أن مخططات الدولة التنموية تكيفت مع معطيات سنوات الجفاف واحتمالاته، لكن يبقى أثر الجفاف مدمرا على القطاع الفلاحي، ويزيد من إشعال المعاناة الاجتماعية، وذلك باتساع دائرة الفقر، و تنامي ظاهرة الهجرة المكثفة نحو الحواضر، وهوامش المدن.
هذه السنة نوع الجفاف يتوزع بين الجفاف المناخي، والجفاف الهيدرولوجي، والجفاف البيولوجي، والجفاف الفلاحي الحاد، وآخر تصنيف لمستويات الجفاف، الجفاف سوسيو اقتصادي. فالارتباط بين الأنواع الخمسة متداخلة المعالم، ولا يمكن الفصل بينها نهائيا. ولكن عموما يتجلى الجفاف في انخفاض مستوى التساقطات السنوية في أوقات هطولها وانتظامها. مما يتراجع معه الإنتاج الفلاحي، والنمو الاقتصادي. ويتوزع حتما بنسب متفاوتة على مجموع الأنشطة المرتبطة بالقطاع (الدائرة الاقتصادية).
من هنا نقول: أن سنة (2021/2022) جافة المورد المائي، وصعبة بكل المقاييس على المغاربة عامة، وأشد صعوبة على الطبقات الاجتماعية الهشة والمرتبطة أساسا بالفلاحة. ومن بين المؤشرات غير المريحة، فقد بات أثر الجفاف يلقي بضلاله الساخنة في هذه السنة بأزمة عطش (ممكنة) مع حول فصل موسم الصيف على مدن كبرى، ويتعلق الأمر وفق مصدر في مديرية الماء (جريدة الصباح) بأكثر من عشر (10) مدن (الدار البيضاء،وجدة، مراكش، الناظور، مكناس، برشيد، سيدي قاسم، الرشيدية، أكادير، شفشاون).
قد نقول أن مدنا، وقرى، ومداشر هي الأخرى ستعاني من ندرة المياه. من تم لا بد من إحداث مقاربات استشرافية تروم إلى تدبير المخاطر المتنوعة (العطش). مقاربة تدرس وضعية تزويد المدن بالماء الصالح للشرب، و ما هي الكميات المستهلكة في فصل الصيف، بمستوى متغير النمو الديموغرافي المتزايد؟ وكذا وضعية الروافد المائية الأساسية، وما هي قدرتها القصوى لسد الخصاص الممكن؟ لا بد على مستوى الوحدات الترابية، والسلطات العمومية التحرك باستعجال لتدبير مخاطر انخفاض حصة الفرد من الماء، و البحت عن سبل تعويض هذا الخصاص المحتمل، ولو بإحداث ثقوب مائية جديدة.
نعم، مكناس قد تعرف شح المياه الصالحة للشرب في فصل الصيف، ولكن بشكل طفيف. من هنا، لا بد من تحريك إجراءات استعجالية بتضافر الجهود الشمولية، لوضع حلول ممكنة للتصدي لمخاطر ندرة المياه الصالحة للشرب المحتملة. لا بد من مراقبة تلك الثقوب العشوائية التي استنزفت الفرشة المائية بطرق جائرة (قرب منابع وادي بوفكران/ عين معروف… وبمحيط المدينة الفلاحية عموما). لا بد من تحريك حملات ووصلات إشهارية، وكبسولات تدعو إلى ترشيد استعمال المياه الصالحة للشرب.
ناقوس خطر شح المياه الكافية للاستهلاك اليومي بمكناس بات محتملا، وممكنا. بات الوضع المائي للمدينة يستلزم تطوير العرض المائي، والبحث عن دعم مائي من مدينة فاس واستكمال مشروع تقوية تزويد مدينة مكناس بالماء الصالح للشرب انطلاقا من محطة المعالجة القائمة ب” عين النقبي” بفاس. وهذا المشروع يندرج في إطار إستراتيجية المكتب الوطني لكهرباء والماء الصالح للشرب (2021) . دعاؤنا جميعا (اللهم اسقينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين…).