مائة يوم من عمر مجلس جماعة مكناس في انتظار إقلاع قطار التنمية.
متابعة للشأن المحلي بمكناس محسن الأكرمين.
من الصدف التي لن تعاد مرتين، حين يصادف مائة يوم من عمر مجلس جماعة مكناس نهاية سنة 2021. نعم، تنصيب المجلس رسميا كان في 20 شتنبر 2021، حيث تُطوى الأيام تباعا، وبات من عمر مجلس جماعة مكناس (100 يوم).
لن نحاسب مجلسا برمته على انقضاء (100 يوم) فهو لازال يحبو نحو الوقوف على رجليه !!! لكن قد نجعل منها مؤشرا رافعا، وعددا تراكميا من الأيام عمَّا سيأتي من قرارات بعدية بالتنمية والرفاه، أم ستعمل على بالتسطيح والسير(في جنب السور). قد يعتقد الجميع أن المائة يوم من عمر مجلس جماعة مكناس تكتسحها الرمادية (شنو ﯕاع دارو) (طاروا على التكليفات ورئاسة اللجان) (دابزوا على المصالح الخاصة) (صلحوا بولات الواجهة)… هي أحكام قيمة غير قابلة للقياس السليم عن الأداء !!!
حقيقة لا يمكن تجاوزها، ألاَّ نحمل رئاسة المجلس وزر مكونات مجلس بالاختلافات والاختلاف في النوعية والأهداف والمشارب السياسية والاجتماعية والطموح النفعي. حقيقة تامة، حين نقيس عمر مجلس ب(100 يوم) فإننا نزن مكونات مجلس بتمام نخبه السياسية(61). حقيقة فعند كل حديث عن مجلس جماعة مكناس تحضر المفاضلة (لا حبا في زيد بل يمكن أن يكون عقابا لعمرو).
كانت الوعود الانتخابية (كبيرة) تفوق طول وعرض الأسوار الإسماعيلية الممتدة بالمدينة السلطانية. كانت الوعود وردية تفترش السجاد الأحمر للساكنة والمدينة. كانت حقا فضفاضة ووعودا انتخابية لا غير. أولى الملاحظات البينة، الارتباك الحاصل في تصفية عوالق الجلسات الاستثنائية (لازالت جلسة آتية لتوضيب الميزانية بالضبط !!!). فقد كان لزاما على رئاسة المجلس أن تنفض يدها عن ملف التفويضات واللجان والتوقيعات بالشفافية التامة وبلا كولسة، وبلا إرضاءات لمصالح (طفولية متطفلة) بارزة وقائمة. كان لزاما على رئاسة المجلس إصدار بلاغات للإخبار (تنديدية)، وترفع اللبس عن القرارات غير المحصنة ديمقراطيا.
نعم، هي مرحلة لازال يوازيها الشد والجذب بين متخندقات بعض مكونات المجلس (البراغماتية) والرئاسة(المهادنة). هي مرحلة نقول فيها: “انتصر فيها الرئيس على الورق التفاوضي، وتسيير الجلسات بأقل الخسائر، فيما اللعبة لازالت قائمة بين بعض مكونات المجلس في خندق المناورات الهامشية (المتسترة)، وحديث الطواحين الهوائية المعارضة بلا سند”. نعم، قد لا نغبن أحدا مركزه التكاملي، فرئاسة المجلس تسعى زاهدة ألا تتصالح مع الفساد مهما كانت منطقته. تسعى أن تكون محاربة ومسالمة في نفس الوقت للمناوئين من البداية !!! لكن، محاربة الفساد (المؤسساتي) لا بد أن يصنع ثورة ضد إسقاط (المصالح الشخصية والريع”حلال”)، وتوطين المنفعة العامة للمدينة والساكنة علوا.
يمكن القول، أن قيادة التغيير لن تتم إلا من بداية التخلص من أيدي الوصاية الآتية من خارج كراسي مجلس جماعة مكناس(61). لن تتم إلا من خلال المكاشفة وفضح الفساد والوصوليين النفعيين الداخليين والخارجيين وإصدار بلاغات (نارية وحارقة) تهم الشأن العام للمدينة. مجلس في مائة يوم لم يخرج من شرنقة الخلافات الداخلية وجمع الشتات (التوافقي). لم يخرج ولو برؤية (صغيرة) موحدة لتصويب المرحلة الانتقالية وسد الخصاص في خدمات الإنارة العمومية، والمجالين البيئي والاجتماعي… لم يخرج نحو الديمقراطية التشاركية، والصوت المسموع للجميع ولو بعتبات جلسات المجلس، وبقي المجلس يدبر شأنه بفصول الديمقراطية التمثيلية.
بين جودة أداء رئاسة المجلس والثقة التفاعلية، لازال مجلس مكناس يدبر شأن الورق اليومي، والمشاكل المفتعلة والقائمة بالضرورة. لازال المجلس لم يرتق إلى سلم التشاركية التكاملية وبناء الثقة (الموعودة). لازال الأمن الاجتماعي للساكنة تفزعه تلك العراقيل العالقة بتدبير الشأن المحلي بالمدينة (التي طال أمدها)، وتحتاج حقا إلى (معول ناسف) يحارب الوساطة والمحسوبية والزبونية. فالفساد سواء منه المالي (الريع حلال) أو الإداري هم أهم المشاكل التي قد تواجه رئاسة المجلس قبل ضعف الميزانية، والباقي استخلاصه.
مائة يوم (100) من فجوة الثقة العامة بالمدينة. مائة يوم من التراشق والحرب الباردة (وشيرعليا نشيرعليك). مائة يوم من صور التفاؤل ومسوغات التبريرات التنويمية. مائة يوم من تفاؤل الساكنة والمدينة نحو الأفضل، ولازال القطار لم يقلع من المحطة المتهالكة. مائة يوم ونحن ننتظر” الرفاه لجميع الساكنة، وتحرير الطاقات بالمدينة، واستعادة الثقة في الدولة والسياسي، وتسريع وتيرة التقدم والتنمية”. مائة يوم أخرى ومكناس تؤجل مطالبها (العام طويل لي باغي يربح). مائة يوم والمجلس غير قادر في الاستجابة الضيقة للمطالب الملحة للساكنة في تنمية تفاعلية. مائة يوم والمطالب المتزايدة للساكنة تزداد تراكما وكميا. مائة يوم والفوارق بين زوايا المدينة الأربع تتسع وتبحث عن العدالة الاجتماعية. مائة يوم في انتظار بلورة منظور جديد ومصغر لتدبير الشأن المحلي بمكناس، يستجيب لحاجيات المدينة والساكنة.