محسن الأكرمين.. لفاس نيوز ميديا
بقدر ما كانت الساكنة منتشية بشعارات الحملات الانتخابية، بقدر ما ازدادت المخاوف عن المدينة بعد نهاية عاصفة دغدغة مشاعر الساكنة. لقد بات فقدان الثقة في أفق مستقبل يستعيد (خشيبات) العد التنازلي. وباتت بداية تلاشي الثقة في أشخاص بعينهم داخل مجلس جماعة مكناس تزداد علوا، إنها بحق البدايات عبر إيقاع بطيء في المسؤوليات وتوزيع الأدوار، ومباشرة إصلاحات التمكين لا الترقيع.
غياب الالتقائية بين الرؤية المحلية والبعد العمودي الوطني، يزيد من تضييق حدود مكناس التنموية. في حين يُكَون غياب الالتقاء الأفقي مع الجهة تنافرا كبيرا وتدافعا في نموذج اختيارات القطبية المشتركة (فاس مكناس)، ويشكل الجميع ثالوث إعاقة لنهضة تنموية فعالة بمكناس. كما أن ضعف التنسيق الداخلي بين صناع القرار بالمدينة ( مجلس جماعة مكناس/ مجالس المدينة (القروية والشبه الحضرية) / مجلس العمالة/ الغرف المهنية والتجارية والخدمات/ مجالس القطاعات الخصوصية /الاتحاد العام لمقاولات المغرب CGEM ) يساهم في عدم وضوح المسؤوليات، وضعف الانسجام التكاملي، و غياب رؤية التنمية الالتقائية وتضييع الأداء.
مكناس تكبلها إكراهات مستديمة وممتدة من الزمن الماضي نحو الحاضر، ويمكن نحو المستقبل (2035). مكناس باتت مثل (رأس اليتيم بها يتم تعلم السياسة) وانتهى الكلام !!! مكناس المدينة التي تشعر بالحكرة من ضعف الرعاية الوطنية القائمة على استثمار المال العمومي في تنميتها، والذي لم يجدد طريقه لرؤية تنموية الكبرى غير تثمين المدينة العتيقة. مكناس تعيش على تحصيل تمثلات الريبة وغياب الثقة في السياسي، وفي مستقبل تنمية مدينة. مكناس ترتب أولوياتها بالضعف ومطالب الاستكانة، ولا تستثمر الترافع الجدي في التغيير وقيادة تنمية بنفس طويل مشبع بالحكامة.
من الملاحظات الرئيسة، وتتمثل في تدهور جودة الخدمات العمومية، مما يزيد من الفجوة السحيقة بين آمال الساكنة في إنماء تنموي عادل ومتفاعل، وفي توافر شعور محبط بأن (ولاد عبد الواحد واحد) وأن (حليمة السياسية لن تغير من عاداتها القديمة). نعم، ولن نزيد ذكرا من مساوئ مدينة (بالعرام). ففي غياب رؤية تنموية شاملة، تتقاطع بين ما هو وطني وجهوي ومحلي، فإن مكناس ستراعي حدود الإمكانات الداخلية بالبساطة والقرب، ولن تصنع نقلة نوعية للمدينة، وذلك بتنفيذ خدمات عمومية ذات جودة عالية.
ففي النقص البين في أداء القطب المؤسساتي، وكذا في غياب توضيح وتوزيع الأدوار بين المستويين الاستراتيجي/التنفيذي، تضيع تنمية مدينة السلاطين. حقيقة لا مناص من ذكرها، فاقتصاد مدينة ليس مفتوحا بالشفافية والممارسات النزيهة، وتعشش ثقافة الامتثال داخل إدارة القطب المؤسساتي لمجلس جماعة مكناس، بدل ثقافة الإبداع والريادة، وحسن الأداء. للملاحظة الرديفة حصة، فإننا لا نتحدث عن إصلاح مصباح معطل، أو ترميم حفر، أو إنشاء مخفض السرعة، بل تنمية ذات أبعاد كبرى.
ما يزيد عن شهر، ومكناس تدبر أمرها بالصور الاحتفالية (أنا الرئيس)، وبالخرجات الإعلامية التي لا تحلحل أزمة إشكالات مدينة، بل تزيدها حدة، من خلال استصغار المشاكل والبحث عن الحلول الترقيعية الآنية. حقا، دخلنا عصر الصورة التي تفي بالغرض وتسوق أن المسؤول الأول في حركة مستديمة، ويستبق قرارات شتات المجلس. نعم، هو عهد الديمقراطية الجديدة والتي فيها الرئيس (تيدير كلشي). هنا لا يسعنا إلا أن نقول: أن انتظارات وتطلعات ساكنة مكناس باتت مؤجلة إلى حين !!! وأن تحسين جودة الخدمات العمومية (التعليم/ الصحة/ النقل والتنقل/ الثقافة… المجال البيئي، والانتقال الرقمي على وجه الخصوص (المدينة الذكية)، والحكامة الترابية قد أضحى من عمر البداية الحثيثة في خبر كان.
قد تحكمنا الصور والبروفايلات من الزمن القديم بمكناس والجديد، لكن في هذه العهدة الانتخابية باتت صورة الرئيس تؤثث المواقع الاجتماعية (الفيس)، بات الرئيس يبحث عن صناعة اسم له بعيدا عن الحزب الذي يمثله داخل المجلس، بات الرئيس يبحث عن تلميع صورته وبدون تعهدات مالية مع مواقع إعلامية/ إشهارية.
هذه البداية (مازال مازال) في ظل التحولات السياسية المحلية والجهوية والوطنية، لكنا قد نستأنس خيرا في مآلات التمكين الممكن. لذا نتمنى الاشتغال وفق مقاربة الديمقراطية التشاركية، وإشراك ممثلي المدينة في الإصلاحات الأولوية ذات القرب والبعد الاجتماعي، يتمنى الجميع تنمية بمسارات متعدد الأبعاد، تنمية تتجاوز تراكم الثروة وتركيزها عند الأقلية (اقتصاد الأسر).
يجب حقا، القطع مع ممارسات (قالها الرئيس)، و الانكباب على تفعيل قرارات مجلس جماعة مكناس، والفرق التقنية المسؤولة. يجب حلحلة مشاكل الجماعة الداخلية (ضعف الأداء في القطب المؤسساتي)، قبل حلحة مشاكل مكناس الكبرى الخارجية. فالباقي استخلاصه يبقى جاثما بقوة على مدينة، تدبر ماليتها وفق اقتصاديات الريع ( حلال). يجب الحد من سيولة العجز المالي المتفاقم، والذي قد يزيد من إكراهات المدينة، حينها لن يبقى لمكتب المجلس غير الاستدانة لسد كفاف ميزانية التسيير والخدمات ذات الأبعاد الاجتماعية.
مكناس تعيش معيقات نسقية و كوابح في وجه التنمية الكبرى، بقدر ما تعيش طفرة في تنمية الصورة التسويقية وبهرجة التحركات. هي ذي الحقيقة التي تغيب عن المسؤول الأول بمجلس جماعة مكناس. نعم، مكناس بدون تعبئة ترافعية لأجل تنمية مندمجة تفاعلية، ستعيش المدينة حتما ضبابية وضعف الثقة في المؤسسات العمومية