كنا نتحدث فيما مضى وما بقي من حاضر المستقبل عن المغرب النافع والمغرب المنسي. اليوم توزعت الإشارات بالتقسيط المريح وبتنا بمكناس نتحدث عن فوارق كبيرة من داخل المدينة في الخدمات العمومية، ومستوى العيش، ومستويات البنيات التحتية، ومكناس غير النافع فقط إلا في الانتخابات. إنها بحق مكناس التي لم يتم تحريك الاستثمار الشمولي فيها، في إطار رؤية التغيير والإبتكار، إنها المدينة بامتياز التفرد التي تبقي على ذهنية وعقلية التسيير مركونة الوقوف بعلامة قف وأوامر (تحرك)، إنها المدينة التي تحسن استثمار التدوير في السياسي فقط.
فحين نتحدث عن مكناس يقفز تخاصم الأفكار نحو مجلس جماعة مكناس بالإصابة، يقفز النقد في التسيير ويصيب رئاسة المجلس وأحزاب التوافقات على قضايا مكناس الكبرى والتي غابت طيلة الفترة الممتدة ما بين ( 2015/2021). يقفز التخاصم الجدالي، و نسجل بأن أوضاع المدينة في تراجع مستديم ولا تقدم تنموي تصادمي مع ماضي التراجعات بسياسة التمكين الحديث. مكناس، مدينة المشاكل بامتياز، مدينة (كيف ما درتيها، راها ناقصة) و (تنتسناو ديرها باش نصورها ونتكلموا بزاف عليها في المواقع الاجتماعية)، هي ذي العلامة الحصرية الجديدة بمكناس العاملة من وراء (الحجاب الأزرق).
هي مكناس التي لا استثمار لها مزدهر غير في (القيل والقال) و(تقطار الشمع) من هنا وهنالك. هي المدينة التي تبحث عن الحلول التوافقية لا التنافسية، هي المدينة التي تعيش في غرفة انتظار هبة قدرية غيبية. هي المدينة التي فشلت فيها الساكنة بتقديم أنفسهم ومشاكلهم والحلول الممكنة برؤية معاودة المطالب غلابا وباستماتة، وليس بالتمني.
تقترب الانتخابات والمدينة لازالت لم تجب عن سؤال: كيف يمكن اقتحام سلم التغيير وإبداع نموذج تنموي تعاقدي بمكناس ما بعد2021؟ من الحسنات المفرطة في التسويف أن جميع الأحزاب السياسية بمكناس تتوافق على (قضايا مكناس الكبرى) المغيبة حقيقة والمسوقة انتخابيا. أن جميع الأحزاب تتبارى على المناصب (فقط) وعلى الريادية وليس على سواد عيون المدينة و جمالية الساكنة. أن جميع الأحزاب تحس بغياب الثقة عند الساكنة والناخب، وتجد الفارق الشاسع بين الوعود وما يضبط على أرض واقع المدينة من تنمية. لكنها، تراهن على كسب رهانات التأجيل في الإجابة عن السؤال، وتقوم بالمساومة في صيغ كسب الأغلبية.
قد يغيب البديل السياسي (الحزبي) بمكناس القادر على خلق المفاجأة. قد تغيب الرؤية السياسية البديلة بالثقة والوثوقية، وكأن مكناس قدرها (قدي بلي كاين) منذ الزمن الماضي. فمن تمرين الانتخابات (2021) يعود تحالف المال والسياسة (وما عليكم إلا الاستطلاع عن رؤوس قوائم اللوائح الانتخابية الكلية). يعود التدافع لخلق مساحات أرحم للمناورات الممكنة ورمي الآخر السياسي بالضعف وعدم القدرة على تحمل المسؤولية المحلية. ومن الملاحظات، فقد تغيب التحالفات السياسية السبقية الممكنة، في ظل وضعية التشتت في الرؤى الحزبية، والترحال السياسي المفرط. فمن المستبعد بروز تحالفات قبلية بين الأحزاب بمكناس، لأن الشخصنة السياسية بمكناس تمرر عبر أسماء بعينها، من تم فلا حاجة من الكشف عن رؤية الأحزاب للمشهد السياسي بالمدينة وبرامج التمكين لأجل الاستثمار في التغيير، لا في الوجوه السياسية.
من موضة السياسة بمكناس خطابات يتم تداولها (التشبيب/ التجديد/ الإنصاف/ التنويع… قيادة التغيير…)، هو خطاب مستهلك بالتمام وغير مجدي (حليمة راجعة لعادتها القديم) وهذا من بين مؤشرات نتائج الانتخابات القادمة (الضغط على الوجوه المرشحة 40ذكور و21إناث). اليوم مكناس تحتاج أولا إلى ناخب متحرر من الضغوطات الاجتماعية ومن قفة(رمضان) ومن مواسم (الختانة) ومن (حولي )العيد، ومن التبعية الانبطاحية، والهرولة نحو منافع (الريع حلال). مكناس تحتاج إلى ناخب متحرر من كل الضغوطات والاحتمالات، ناخب يستوعب منتجات الأحزاب بالمفاضلة العقلية لا بالتبعية (المريدين الأوفياء).مكناس يحتاج إلى تعاقد مع منتخب بقانون المحاسبة والمساءلة والحكامة. مكناس يحتاج إلى “الاختيارات الصعبة التي لا تأتي من الأعلى، ولا من القدر الغيبي، بل من الساكنة بعينها بصيغة الأصلح لخدمة المدينة والساكنة، لا أشخاص بعينهم”.