أسطوانة (عن بعد) باتت تقضي الغرض، وتسد ما سد الخبر في شتى المجالات والقطاعات. ويمكن أن تكون تجربة التعليم (عن بعد) النموذج القدوة إلى تسويق النموذج التنموي الجديد (عن بعد) من فاس المدينة إلى القطب الثاني مكناس وما والاه من أحواز. لن نقول بأن من حضر قاعة اجتماعات عمالة مكناس، قد تم تأثيث المشهد العام به لرؤية التنمية التفاعلية (عن بعد)، بل هم حقا ممن يحملون رؤية مجتمع مدني قادر على الابتكار و طرح الاقتراحات ورفع التحدي، فمن بينهم حقا من لا يحمل إجراءات الرقابة الذاتية (حشومة) ويمكن له أن يتحدث بالمكشوف الفاضح ويذهب إلى عمق فشل الاختيارات التنموية بالمدينة، وعن رهانات مكناس الكبرى لمعالجة إشكالية التنمية الراقدة. لن نقول حتما بأن نصيب مكناس من التنمية سيكون (عن بعد) مقايسة مع حصة الحضوري بمدينة فاس، بل الساكنة والمدينة تتطلع لأكثر متسع من أبعاد التنمية المندمجة قبل حلول سنة (2035).
أصعب التقديرات حين تحس المدينة بأنها تجاري(الحكرة) جهويا ووطنيا، ولا تقدر أن تترافع عن ساكنتها بامتياز المواقف والحضوري. أسوأ الحديث حين ترمي نفسك في مستنقع الدفاع عن المدينة، ويمكن أن تتمسك بقشة التنمية الموعودة (عن بعد). نعم، لنتفق من الأول فهي لجنة لا توزع الغلاف المالي للتنمية على الجهات والأقاليم، هي لجنة لا ترسم حدود النموذج التنموي الجديد بمقاسات الأقاليم والجهات، هي لجنة لا تخطط لأي تنمية ممكنة بأي جهة أو إقليم، بل هي اللجنة التي تسوق لتقرير تنموي قدم لملك البلاد، وتبحث عن ميثاق شرف العمل.
لجنة توقع براءة نموذج تنموي جديد بحدود (2035). رؤية إستراتيجية تحمل تلك الأبعاد الرباعية كموجهات أساس، فأولها ينحصر في تطوير الاقتصاد الوطني ليصبح اقتصادا متميزا تنافسيا. أما ثاني العناصر فيتمثل في تعزيز الرأسمال البشري بهدف منح المواطنين القدرات التي تمكنهم بكل استقلالية من الأخذ بزمام الأمور. فيما المكون الثالث ففي إدماج المواطنات والمواطنون وكل المجالات الترابية في الدينامية الوطنية والحماية الاجتماعية ومحاربة الإقصاء الاجتماعي. فيما يهم المحور الرابع الركيز بالمجالات الترابية، من خلال الانتقال بها من مجرد وعاء نهائي (ترابي) إلى فاعل رئيسي في إعداد السياسات العمومية و إرسائها وإنجازها.
قد يتحدث تقرير النموذج التنموي الجديد عن الديمقراطية ودولة الحق والقانون بإسهاب، وكذا عن الديمقراطية التشاركية والتنظير لها بالفيض الفائض. لكن اللجنة نفسها، و في نفس المهمة تمارس الإقصاء وتقفز على المعادلة القطبية بين فاس المدينة ومكناس الملحقة. تمارس سياسة التوجيه (عن بعد) للأطراف وكأن مكونات المجتمع المدني بالجهة غير راشد بالتمام. لما لم تسعف مكونات اللجنة النزول إلى مدينة مكناس والإنصات الفعال إلى مطالب المجتمع المدني حتى في بساطتها المتمثل في العيش الكريم والبحث عن “الرفاه وتحرير الطاقات، وبناء الثقة لتسريع المسيرة نحو التقدم والازدهار من أجل الجميع” !!! كيف يمكن أن تنبني الثقة (عن بعد) في نموذج تنموي جديد وطموح في أفق 2035؟ كيف يمكن أن تنبني الثقة بمعادلة الأقطاب المتساوية (الانتظارات والمتطلبات) ومكناس مغيبة من تفكير مناقشة النموذج التنموي الحضوري ؟
عن بعد، لا يغني التنمية التفاعلية بمكناس من تفكير الابتكار والاقتراحات. القفز (عن بعد) يستوجب الدخول في مشاورات استباقية وموسعة و داخلية بمكناس تحت إشراف السلطات الترابية، مشاورات تؤسس لرؤية مدينة وساكنة لاقتراح إستراتيجية تقتحم التحدي وتبتكر الحلول والبدائل البسيطة والواقعية للتنمية في أفق نتائج انتخابات 08 شتنبر 2021.