المدينة العتيقة بمكناس بين رؤية التثمين والإهمال.
متابعة محسن الأكرمين.
تعيش المدينة العتيقة على الخصوص وكباقي أحياء مدينة مكناس الإهمال وسوء تخطيط وتنظيم تدخلات أشغال التثمين وغيرها من الأشغال المرفقة. فإذا كانت الساكنة بمكناس تعتبر تثمين المدينة العتيقة مكسبا ثمينا وهبة ملكية سامية للمدينة بامتياز، فإن عمليات التثمين والترميم وما يتبعه من هيكلة (مجاري التطهير) وتصفيف للأزقة بالمدينة العتيقة بات يشكل عائقا مزعجا ومقلقا للساكنة، باتت كل الأزقة تحمل نذوب التثمين غير المكتمل أو حفرا ومتاريس متلاحقة بالردم الترابي، وبقايا المتلاشيات.
في جولتك بالمدينة العتيقة تلحظ أن التثمين لازال يسير سير السلحفاة بالبطء الرتيب، تسمع من الصناع التقليديين والحرفيين والتجار الشكاوي من كثرة ما أصاب دكاكينهم وتجارتهم من متاريس وحفر يصعب الالتحاق بهم لقضاء حاجيات معينة للساكنة. تسمع أن الساكنة والمنظومة الاقتصادية بالمدينة القديمة قد تأثرت بمخلفات “كوفيد 19″، وزاد من الطين بلّة تلك الأشغال غير المنتهية لا في الزمان ولا في المكان.
مدينة عتيقة تعيش أزمة اقتصادية حادة ومضنية، تعيش بين خوف الدور الآيلة للسقوط والترميم والتدعيم، تعيش هيكلة لم يشرك فيها المجتمع المدني بها لإبداء رأيه وملاحظاته، ولما حتى مواكبة تلك الأشغال بالرأي والدعم. مدينة عتيقة باتت تطالب بنصيبها من الاقتصاد التضامني والتنمية المندمجة، مدينة عتيقة تعيش الظلام ليلا من سوء إنارة باهتة لا تستوفي في بعض الأزقة نور شمعة من أضرحتها ومساجدها المغلوقة.
قد نعترف أن المدينة العتيقة بمكناس قد أهملت لأزمنة متلاحقة من المجالس الجماعية المتلاحقة. قد نقول أن التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي لازمت المدينة العتيقة قد ساهمت في تغيير بنيتها الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية، قد نقر اعترافا أن تلك البرامج التي تم التطبيل لها سابقا بترميم الدور الآيلة للسقوط قد فشلت تمام الفشل وفق مشاكل بنيوية وإدارية، قد تتلقى شكاوي عدة من الساكنة حين يرفض المجلس الجماعي (قسم التعمير) الترخيص لمالكي بعض الدور بإجراء إصلاحات مستعجلة لها.
اليوم المدينة العتيقة (باغية حقها) من الاهتمام التام والرعاية، باغية تأهيل وترميم وإحياء يوازي التطلعات الملكية السامية بجودة التوظيف، اليوم المدينة العتيقة بقيتها التاريخية تنتظر رؤية إستراتيجية للتأهيل والتوظيف بعيدا عن ذاك التجاذب السياسي الذي أبقاها رهينة ضمن خانة التسويف والتغرير بساكنتها. اليوم كل من تلتقي به يلتمس زيارة من السيد عامل عمالة مكناس لأزقة المدينة العتيقة حتى يقف عند كل اختلال وإكراه تعانيه ساكنة الأصيلة والصامتة، ويوجه أوامره بالتصويب والتعديل.