رسالة بيئية مفتوحة
إلى
من يهمهم الأمر
حينما يُصلب ـ في واضحة النهار ـ قانون “الساحل”.. على الساحل:
ساحل الجديدة نموذجا
.. من مدينة جميلة رائعة، ممتدة بجسدها الفتَّان، في هدوء شاعري على الأطلسي، بشموخها الدكالي، ونظافتها الأوروبية، إلى مجرد “شبه قرية”، وإن كانتْ من القرى اليوم، ما جعلها احترامُها لنسيجٍ معماريٍّ متنوعٍ ومتناغمٍ، وإلى جانب غيرةِ أبنائها البررة عليها.. جعلها ترقى إلى مستوى “المراكز الصاعدة/الواعدة”، في ظل ذكاء ترابي، ينخرط فيه الجميع: سلطات محلية، ومنتخبين، ومجتمع مدني.
ومتقيدا ـ هذا “الجميع” ـ بالقوانين المعمارية والمجالية والبيئية.. بل وحتى بالعادات والتقاليد والأعراف المحلية، على اعتبار أنها تشكل إرثا حضاريا وتراثا إنسانيا؛ ومُحافظا هذا “الجميع” في ذات الوقت ـ بكل ما أوتيَ من “سلطة/قوة”، حتى ولو كانت اعتبارية أو أخلاقية ـ على المؤهلات البيئية والطبيعية.. للمنطقة بالدرجة الأولى؛ خاصة وأن “المدينة الصديقة للبيئة”، أضحت اليوم هدفا إنسانيا رئيسا، ومبتغى حضاريا محوريا، تصاغ حولهما السياسات العمومية، في شتى المجالات والميادين.
لكن للأسف الشديد، “فالحزبيون” إذا دخلوا قرية أفسدوها.. تكالبوا عليها، واستباحوا عرضها، وجعلوا مؤهلاتها البيئية والطبيعية والاقتصادية.. بل وحتى الأخلاقية، مجرد أطلال، إن لم أقل مجرد “مطارح عشوائية للنفايات”، شرف الله قدركم، وقدر كل من يهمهم الأمر!
وهكذا هو ـ وللأسف الشديد ـ حال “Deauville” المغرب ، التي عتا فيها “لصوص السياسة”.. “بائعي الوهم”.. “رويبضات العصر”.. فسادا/تلوثا، برا وبحرا وجوا !
والمنتدى الوطني لحقوق الإنسان
وهو يعاين ـ على غرار كل الضمائر الحية والهيئات الحرة، على نُذرة المتحرك منها، على الأقل في هذه “القضية البيئية” ـ بكل حسرة وأسى وأسف، ما آلت إليه الأوضاع البيئية والمجالية والمعمارية، بمدينة “السلطان محمد بن عبد الله”، على مستوى ساحل الإقليم عموما، وعلى مستوى شواطئ المدينة بالخصوص، وعلى مستوى الساحل الشمالي للبريجة على وجه أخص، يرى من واجبه، أن يدق ناقوس الخطر، وإن يثير انتباه كل من يهمهم الأمر، إلى الهجمة المتزايدة وغير المسبوقة، التي يعيشها المجال البيئي والطبيعي بالمنطقة.
وإذ نقرر في المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، أن نضم صوتنا إلى كل الأصوات المستنكر والمنددة، بالتكالب الخطير الذي يعرف الساحل الشمالي للمدينة، نؤكد أننا لسنا ضد المشاريع التي من شأنها أن تجلب استثمارا للمدينة، أو تلك التي من شأنها أن تخلق فرصَ شغلٍ لليد النشيطة بالمنطقة، أو أن تحدث أنشطة مذرة للدخل.. أو أن تضفي جمالية إضافية على النسيج المعماري للمدينة ككل، أو أن تساهم في خلق فضاءات ترفيهية للساكنة.. لكن على هذه المشاريع أن تحترم، بشكل صارم القوانين والضوابط البيئية والمجالية والمعمارية.. إلخ
وعليه وانطلاقا من دورنا كهيئة حقوقية مستقلة، وكقوة اقتراحية متميزة، وضعت نصب عينيها ـ في إطار رؤية استشرافية واستباقية، بناء إنسان مسؤول وواع بواجباته، تماشيا مع احترام هيبة ومؤسسات الدولة.. وتحت شعار: ” الحقوق الكونية اختصاصنا، والإنسان ومحيطه اهتمامنا.. من اجل مواطن كريم، في وطن عادل”؛
نرى من الضروري أن نذكر “صناع القرار”، والمسؤولين عن تدبير الشأن المحلي “بمازغان”،
على اختلاف مراكزهم الإدارية، ومواقعهم الاجتماعية بما يلي:
أولا: بالرسالة التي بعث بها أحد الأستاذة الأفاضل، والمواطنين الشرفاء، بصفته الشخصية ـ وإن كان عضوا بالمنتدى الوطني لحقوق الإنسان ـ بتاريخ 22 يناير 2021 إلى السيد عامل إقليم الجديدة، في موضوع الترخيص رقمA7 (تحت غطاء ترفيهي)؛
والتي جاء فيها:
سلام تام بوجود مولانا الإمام؛
وبعد، فيؤسفني سيدي العامل، إنه في الوقت الذي كنا ننتظر من المسؤولين عن الشأن المحلي بمدينة الجديدة، تفعيل البند السابع من القانون 18.12 القاضي بتشجيع سياسة البحت العلمي وإنجاز دراسات ميدانية لرصد الساحل وتحركاته، والمخاطر التي تهدده والوضعية المزرية التي وصل إليها قصد اتخاد التدابير اللازمة في الوقت المناسب؛ فوجئنا للأسف لما اقدم عليه المجلس الجماعي بالجديدة من ترخيص فوق التلال الساحلية الهشة الملتصقة مباشرة بالشاطئ والمتواجدة بمدخل المدينة تحت رقم7A (تحت غطاء فضاء ترفيهي) .
إن هذا الترخيص بمنطقة يحضر فيها البناء حسب القوانين الجاري بها العمل، يعتبر سابقة في تاريخ التعمير بمدينة الجديدة وجب التصدي لها بكل حزم.
وعليه فإني أناشدكم، بصفتكم ممثل لصاحب الجلالة بالإقليم، والحارس على تنفيذ تعليماته، أن تضعوا حدا للترخيص المذكور أعلاه، تنفيذا لما جاء في الرسالة الملكية السامية بمناسبة انطلاق الحوار حول التراب الوطني يوم 26 يناير 2000 حيث جاء فيها:
يقول صاحب الجلالة ” .. ويتطلب ذلك – من ناحية ثالثة – العمل على جعل التنمية المستدامة من اولويات سياسة اعداد التراب ، حيث يتعين أخذ هشاشة مواردنا الطبيعية بعين الاعتبار عن طريق استغلا لها وفق تذبير عقلاني يحافظ على التوازنات ، خصوصا تلك المتعلقة بالموارد الاستراتيجية الثمينة كالماء والتربة، والملك الغابوي، والسواحل والثروات البحرية…” انتهى كلام صاحب الجلالة.
وتقبلوا سيدي العامل فائق التقدير والاحترام والسلام
ثانيا: ببعض المقتضيات القانونية، على سبيل المثال لا الحصر، والمتعلقة بمهمة تدبير الساحل وحمايته، والمتفرقة، حسب الاختصاص والتدخل، بالعديد من النصوص القانونية، علها تحرك الإنسان قبل المسؤول، بداخل “صناع القرار” و”مهندسي السياسات العمومية”، بهذه المدينة التي تعيش على أمل صحوة أبنائها البررة، وهَبِّهم ـ هبة رجل واحد ـ لإنقاذها:
- القانون النظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات:
كما في علم من يهمهم الأمر، فالمجلس الجماعي له اختصاصات ذاتية تناولتها المادة 85 والتي نصت ـ فيما نصت عليه ـ على السهر على احترام الاختيارات والضوابط المقرة في مخططات توجيه التهيئة العمرانية وتصاميم التهيئة والتنمية وكل الوثائق الأخرى المتعلقة بإعداد التراب والتعمير؛ وأخرى مشتركة، تطرقت إليها المادة 87، والتي حددت ـ فيما حددته ـ الميادين التي يمكن للجماعة أن تمارس فيها هذا النوع من الاختصاصات، وعلى رأسها المحافظة على البيئة.. التأهيل والتثمين السياحي للمدن العتيقة والمعالم السياحة والمواقع التاريخية؛
في حين أن المادة 90 من نفس القانون التنظيمي رقم 113.14، والمتناولة للاختصاصات المنقولة، أو الميادين التي تنقلها الدولة إلى الجماعة، فقد أكدت مسؤولية المجلس الجماعي في حماية وترميم المآثر التاريخية والتراث الثقافي والحفاظ على المواقع الطبيعية.
وإلى جانب كل ذلك، جاءت المادة 101 من نفس القانون المذكور أعلاه، لتنص على اختصاصات رئيس مجلس الجماعة في مجال التعميركالتالي:
- السهر على تطبيق القوانين والأنظمة المتعلقة به طبقا للتشريع والأنظمة الجاري بها العمل، وعلى احترام ضوابط تصاميم إعداد اتراب ووثائق التعمير.
- منح رخص البناء والتجزئة والتقسيم، وإحداث مجموعات سكنية، ويتعين على الرئيس، تحت طائلة البطلان، التقيد في هذا الشأن بجميع الآراء الملزمة المنصوص عليها في النصوص التشريعية الجاري بها العمل ولا سيما الرأي الملزم للوكالة الحضرية المعنية.
- القانون رقم 81.12 المتعلق بالساحل:
والذي يسعى ـ فيما يسعى إليه ـ إلى تحقيق الأهداف التالية:
- المحافظة على توازن الأنظمة البيئية الساحلية وعلى التنوع البيولوجي وحماية الموروث الطبيعي والثقافي والمواقع التاريخية والأركيولوجية والايكولوجية والمناظر الطبيعية ومقاومة التعرية الساحلية؛
- الوقاية من تلوث وتدهور الساحل ومحاربتهما والتقليص منهما وضمان إعادة تأهيل المناطق والمواقع الملوثة أو المتدهورة؛
- اعتماد التخطيط من خلال المخطط الوطني للساحل والتصاميم الجهوية للساحل في توافق وانسجام تامين مع وثائق إعداد التراب؛
- إشراك جمعيات المجتمع المدني والقطاع الخاص والجماعات الترابية في مسلسل اتخاذ القرارات المتعلقة بتدبير الساحل؛
- ضمان حرية ومجانية ولوج عموم المواطنين إلى شط البحر؛
- تشجيع سياسة البحث والابتكار بهدف استصلاح الساحل وموارده.
هذا وتتجسد حماية الساحل ـ على وجه الخصوص ـ من خلال مقتضيات المادة 15، والتي تنص على ما يلي: تحدث منطقة محاذية للساحل، كما هو معرف في المادة 2 أعلاه، يمنع فيها البناء يبلغ عرضها مائة متر (100 م) تحتسب انطلاقا من الحدود البرية للساحل المذكور.
لا يسري هذا المنع على المنشآت الخفيفة وغير القارة الضرورية لأنشطة الإنتاج الفلاحي والبنايات أو التجهيزات الضرورية للمرفق العمومي أو للأنشطة التي تتطلب، بحكم طبيعتها، القرب من البحر.
ولدفع كل لبس فالاستثناء الوارد المسطر عليه بسطرين، والوارد في الفقرة الأخيرة من المادة 15 أعلاه ـ وبعد البحث الذي أجراه المنتدى الوطني لحقوق الإنسان ـ لا علاقة له لا بالإنتاج الفلاحي لا من قريب ولا من بعيد.
هذا إضافة إلى أن المادة 50، قد جاءت بعقوبات في حق المخالفين، قائلة: ” مع مراعاة تطبيق العقوبات الأشد المنصوص عليها في النصوص التشريعية الأخرى الجاري بها العمل، يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين وبغرامة يتراوح مبلغها بين عشرين ألف (20.000) وخمسمائة ألف (500.000) درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من:
ألحق ضررا بالحالة الطبيعية لشط البحر خرقا لمقتضيات المادة 13 أعلاه؛
لم يحترم التدابير المتخذة تطبيقا للمادتين 27 و28 أعلاه؛
- بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة:
هذا القانون-الإطار الذي يحدد في مادته الأولى، الأهداف الأساسية لنشاط الدولة في مجال حماية البيئة والتنمية المستدامة كالتالي:
1/ تعزيز حماية الموارد والأوساط الطبيعية والتنوع البيولوجي والموروث الثقافي والمحافظة عليها والوقاية من التلوثات والإيذايات ومكافحتها؛
2/ إدراج التنمية المستدامة في السياسات العمومية القطاعية واعتماد استراتيجية وطنية للتنمية المستدامة؛
3/ ملاءمة الإطار القانوني الوطني مع الاتفاقيات والمعايير الدولية ذات الصلة بحماية البيئة والتنمية المستدامة؛
4/ تعزيز الإجراءات الرامية إلى التخفيف وإلى التكيف مع التغيرات المناخية ومحاربة التصحر؛
5/ إقرار الإصلاحات ذات الطابع المؤسساتي والاقتصادي والمالي والثقافي في ميدان الحكامة البيئية؛
6/ تحديد التزامات الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية وشركات الدولة والمقاولات الخاصة وجمعيات المجتمع المدني والمواطنين في مجال حماية البيئة والتنمية المستدامة؛
7/ إرساء نظام للمسؤولية البيئية ونظام للمراقبة البيئية.
8/ والواقع أن كل المواد المكونة للقانون ـ الإطار رقم 99.12 بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة، تبوئ البيئة مكانة خاصة ومتميزة، وتحث بشدة على حمايتها والمحافظة عليها؛ ونقتصر هنا بذكر بعض المواد أو بعض فقراتها، على سبيل الاستئناس، علَّ يستفيق الضمير بداخلنا جميعا، وعلنا نعي تمام الوعي أن “البيئية” أمانة في عنق الجميع، بالأمس واليوم وغدا، وأنه ليس من حق أي كان أن يخربها، بل وحتى أن يفكر ـ مجرد تفكير ـ في ذلك.
المادة 2: تشكل المبادئ المنصوص عليها أدناه، عناصر للتأطير يجب التقيد بها حين إعداد وتنفيذ السياسات والاستراتيجيات والبرامج ومخططات العمل من قبل الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية وشركات الدولة ومن قبل باقي الأطراف المتدخلة في مجالات البيئة والتنمية المستدامة:
أ) مبدأ الاندماج: يتمثل في تبني مقاربة شمولية وبين قطاعية وأفقية عند إعداد وتنفيذ السياسات والاستراتيجيات والبرامج مخططات التنمية على المدى المتوسط والمدى البعيد؛
ب) مبدأ الترابية: يقتضي الأخذ بعين الاعتبار البعد الترابي ولا سيما الجهوي، بهدف ضمان تمفصل أفضل للتدابير المتخذة من قبل مختلف المستويات الترابية لاتخاذ القرار وتشجيع تعبئة الفاعلين الترابيين لصالح تنمية بشرية مستدامة ومتوازنة للمجالات؛
ج) مبدأ التضامن: يساهم التضامن كقيمة وموروث متجذر داخل المجتمع في التماسك الوطني، فهو يتيح في بعده الثلاثي: الاجتماعي والترابي والمشترك بين الأجيال، الرفع من قدرات البلاد على الحد من الهشاشات وتشجيع الاستعمال العقلاني والمقتصد والمتوازن للموارد الطبيعية والفضاءات؛
د) مبدأ الاحتراز: يتمثل في اتخاذ تدابير ملائمة وفعالة ومقبولة اقتصاديا واجتماعيا، لمواجهة الأضرار البيئية المفترضة الخطرة أو التي لا رجعة فيها أو مخاطر ممكنة، ولو في غياب اليقين العلمي المطلق حول الآثار الحقيقية لهذه الأضرار والمخاطر؛
هـ) مبدأ الوقاية: يتمثل في وضع آليات التقييم والتقدير المنتظم لآثار الأنشطة التي يحتمل أن تلحق ضررا بالبيئة واقتراح وتنفيذ تدابير ملموسة لإزالة هذه الآثار أو على الأقل التخفيف من انعكاساتها السلبية؛
و) مبدأ المسؤولية: يقتضي التزام كل شخص ذاتي أو اعتباري، عام أو خاص بإصلاح الأضرار التي سيلحقها بالبيئة؛
ز) مبدأ المشاركة: يتمثل في التشجيع والتحفيز على المشاركة الفعلية للمقاولات وجمعيات المجتمع المدني والسكان في مسلسل إعداد وتنفيذ السياسات والاستراتيجيات والبرامج والمخططات المتعلقة بحماية البيئة والتنمية المستدامة.
وبذلك يبقى القانون-الإطار رقم 99.12 بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة، من أهم القوانين التي تولي اهتماما خاصا ومتميزا “للقضية البيئية”.
ونكتفي هنا بتذكير من يهمهم الأمر ببعض المواد، علها تحرك فيهم روح المسؤولية، وروح المواطنة، وروح الحكامة الجيدة، وروح الأمانة على مستقبل الأجيال القادمة، ومن خلاله على مستقبل البشرية جمعاء.. ذلك أن العولمة كسرت كل الحدود، لتجعل من العالم، مجرد قرية صغيرة تتفاعل مع كل الأحداث.. وتعيش كل القضايا الآنية والمستقبلية، بحُلْوها، وبمرها:
المادة 3 تنص على ما يلي: “لكل مواطن أو مواطنة الحق في:
– العيش والنمو في بيئة سليمة وذات جودة، تمكن من المحافظة على الصحة والتفتح الثقافي والاستعمال المستدام للتراث والموارد التي يوفرها؛
– الولوج إلى المعلومة البيئية الصحيحة والمناسبة؛
– المشاركة في مسلسل اتخاذ القرارات التي من شأنها التأثير على البيئة”.
المادة 4 تقول صراحة: “يجب على كل شخص ذاتي أو اعتباري، عام أو خاص الامتناع عن إلحاق الضرر بالبيئة”.
المادة 5 تؤكد: “يجب على كل شخص ذاتي أو اعتباري، عام أو خاص المساهمة في الجهود الفردية والجماعية المبذولة للمحافظة على البيئة وتشجيع ثقافة التنمية المستدامة ونشرها”.
المادة 6 تصب في نفس السياق قائلة: “تعتبر الموارد الطبيعية والأنظمة البيئية والتراث التاريخي والثقافي ملكا مشتركا للأمة. وتكون موضوع حماية واستصلاح وتثمين على أساس تدبير مندمج ومستدام، من خلال تبني تدابير تشريعية ومؤسساتية واقتصادية ومالية أو غيرها، وذلك طبقا لأهداف ومبادئ هذا القانون – الإطار”.
المادة 22 تنص على ما يلي: “تساهم جمعيات المجتمع المدني العاملة بصفة رئيسية في ميادين البيئة والتنمية المستدامة، في تحقيق الأهداف المنصوص عليها في هذا القانون- الإطار. ولهذه الغاية، تلتزم بالقيام، إما بمبادرة منها، أو بشراكة مع الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية وشركات الدولة والمقاولات الخاصة، بكل عملية إخبار أو تحسيس أو اقتراح كفيلة:
– بدعم حرص السكان على احترام البيئة والموارد الطبيعية والتراث الثقافي وقيم التنمية المستدامة وذلك من خلال عمليات التحسيس والتربية؛
– بالسهر على تطوير وتثمين الطرق والممارسات المختبرة في مجال التدبير المستدام للموارد الطبيعية على مستوى التجمعات المحلية؛
– بالمساهمة في التحسين المستمر للآليات المعمول بها في مجال مشاركة السكان في اتخاد القرار البيئي والولوج إلى المعلومة البيئية”.
المادة 23 تؤكد ما يلي: “تلتزم المواطنات والمواطنون:
– بمراعاة الوجبات المنصوص عليها في المادتين 4 و 5 أعلاه؛
– بنهج نمط سلوك واستهلاك مسؤول تجاه البيئة والموارد الطبيعية؛
– بالانخراط بكيفية إيجابية في مسلسلات تدبير الأنشطة المرتبطة ببيئة القرب؛
– بإبلاغ السلطات المختصة بالأضرار أو الأخطار المحدقة بالبيئة وبكل فعل أو سلوك من شأنه إلحاق الضرر بالبيئة”.
.. وها نحن اليوم في المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، نضم صوتنا إلى كل الأصوات التي ارتفعت محذرة من الهجوم ـ إن صح التعبير ـ الذي يعرفه الساحل الشمالي لمدينة الجديدة، على وجه خاص.
فهل من آذان صاغية؟ وهل من مسؤول رشيد؟
- الظهير الشريف بتاريخ 7 شعبان 1332 ( 1 يوليوز 1914 ) المتعلق شأن الأملاك العمومية بالإيالة الشريفة:
والذي ينص ـ فيما ينص عليه في فصله الأول: ” لا يقبل التفويت بالأملاك العمومية ولا تسقط حقوق الملكية فيها بمضي الزمان”.
- الفتوى رقم 215 بتاريخ 24/4/2010 – ملف رقم 7/2/256 – جلسة 24/3/2010 – مجلة هيئة قضايا الدولة العدد الثاني 2013 – ص 310 وما بعدها، ما يلي: ولما كان المال العام خارج عن إطار التعامل بموجب تخصيصه للنفع العام ، فإن ملكية الدولة لا تكون بذات السلطات التي تملكها الدولة أو الأفراد بالنسبة لما يملكونه ملكية خاصة ، و على ذلك فيد الدولة عليه أقرب إلى يد الأمانة و الرعاية منها إلى يد التصرف و الاستغلال فالحق عليه يقترب من الإشراف و الرقابة والحراسة له و يبتعد عن حق الملكية المدنية و المشتملة على الانتفاع و الاستغلال و التصرف ، و هذه المزايا الثلاثة التي يتمتع بها المالك في ملكه لا تتمتع بها الحكومة بالنسبة للأموال العامة لأن الانتفاع بتلك الأموال من حق الجمهور، و قد غل القانون يد الحكومة عن التصرف في الأملاك العامة بالبيع أو نحوه، ومن قال بأن حق الدولة على “الدومين العام” يقترب من حق الملكية، قيد ذلك الحق بالتخصيص للمنفعة العامة، و يتميز المال العام بأنه لا يجوز بيعه و لا تقرير حق ذاتي خاص عليه و لا امتلاكه بوضع اليد المدة الطويلة أو تقرير حق عيني عليه ، و هذا لا يرجع إلى شيء في طبيعة هذا المال بل إلى تخصيصه للمنفعة العامة ، و حظر البيع معناه عدم جواز التصرف في مفردات الأملاك العامة إلا إذا تقرر تحويلها إلى ملك خاص و رفع الصفة العامة عنها ، كما لا يجوز الحجز عليه ، و لما كانت الأموال تصبح عامة بتخصيصها للمنفعة العامة بالفعل، أو بمقتضى قانون، أو مرسوم، أو قرار من الوزير المختص، فإنها تفقد صفتها العامة بطريقة قانونية، إما بصدور قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص، بإخراجها من “الدومين العام”، أو بطريقة عملية، إذا لم تعد مخصصة للمنافع العامة فعلاً والأصل أن المال العام، لا يفقد صفته العامة، بقرار أو تصرف إداري، إلا إذا كان المال ذاته يقبل التحول بهذه الطريقة القانونية، وبتوافر دواع وأسباب إنهاء التخصيص للمنفعة العامة، لأهداف وأغراض يتحقق بها الصالح العام على نحو أفضل، وذلك في إطار احترام القانون.
- قوانين التعمير: العديدة والمتنوعة، والتي لا يمكن حصرها في هذا الحيز الزمكاني الضيق، والتي يكفي الرجوع إليها، ولو على عجالة، للتأكد من الخطر المحذق بالنسيج المعماري للمدينة ككل.
وإلى جانب كل هذه الترسانة القانونية التي تحمي الساحل.. تحمي البيئة.. تصون النسيج المعماري، لمدينة، يفضل البعض من ساكنتها وأبنائها، تسميتها بــ “المهدومة” ـ بدلا من اسمها الفعلي “الجديدة ـ لما عاشته وتعيشه، من فوضى لا يكاد يخلو منها أي مجال، تظل مجموعة من الأسئلة المستفزة للقاعدة القانونية.. لواقع الحال.. للإنسان الجديدي.. للسائح الوطني والأجنبي على حد سواء، مطروحة بإلحاح كبير، بحثا عن أجوبة حقيقية.. أجوبة مسؤولة.. أجوبة تتماشى والتعليمات الملكية السامية في الموضوع.. أجوبة مقنعة .. أجوبة مضادة للغة الخشب.
ومن هذه الأسئلة على سبيل المثال لا الحصر، نذكر:
ــ لماذا لم يقم المجمع الشريف للفوسفاط، بهدم البناية المهجورة التابعة له، والتي استند إليها وعليها، المشروع المعني بهذه الرسالة البيئية المفتوحة؟ مع العلم ـ وحسب المشاع ـ أن هدم هذه البناية قد سبق وأن نوقش منذ أواخر الثمانينات من القرن الماضي؟
ــ لنفرض تجاوزا أن المشروع الساري العمل بإنجازه الآن، سيقام بمواد من الخشب مثلا، فماذا عن المسبح المزمع إنشاؤه بنفس المكان..؟ هل سيتمن بالخشب هو الآخر؟
ــ ولنفرض تجاوزا كذلك، أن هذا المشروع، قد حصل على ترخيص سليم احترم كل القوانين، واستحضر كل المخاطر المستقبلية.. فكيف سيتم تدبير حركة السير والجولان، في غياب موقف للسيارات، وفق المعايير التقنية المعمول بها؟ في ظل مدل شمالي للمدينة، هو أقرب إلى عنق الزجاجة، منه إلى أي شيء آخر؟؟؟
ــ وما هو السر يا ترى، في أن يتصادف الشروع في انجاز هذا المشروع ـ الذي أثار لغطا قانونيا كبيرا ـ مع انطلاقة تقوية مدخل المدينة الشمال؟
ــ والأهم من كل هذا وذاك، أين هو دور “سلطة الوصاية”/”سلطة المصاحبة”، والتي من المفروض أن تتدخل كلما لمست أن هناك مساس ـ عن قصد أو غير قصد ـ بالقوانين المنظِّمة؟
ــ أ ولم يكن من الأجدر، أن تمد قنوات للتواصل، بين كافة المتدخلين، وبين هيئات المجتمع المدني.. وبين الساكنة، وأن يتم عقد لقاء تواصلي مثلا، تشرف عليه مصالح العمالة، أو مصالح الجماعة الترابية بالجديدة.. للتعريف بهذا المشروع وبكل مراحله، سواء السابقة على “الحصول على الترخيص”، أو الآنية، أو اللاحقة على الترخيص؟
ـ وما رأي باقي القطاعات التي يهمها الأمر، بداية من وزارة الداخلية، ومرورا بقطاعات البيئة، والتجهيز، وانتهاء بقطاع التعمير.. ؟
ونحن في المنتدى الوطني لحقوق الإنسان ـ إذ نثير هذا الموضوع البيئي بامتياز ـ نكرر أننا لسنا ضد “المستثمر”، أو “الاستثمار”، ولكننا نحرص من جانبنا على جمالية المنطقة، والمدينة ككل، ساعين إلى تفعيل مفهوم “دولة الحق والقانون”، ليس إلا.
وفي انتظار أجوبة مقنعة في الموضوع، نتمنى في المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، أن نكون مخطئين، راجين في ذات الوقت من كل من يهمهم الأمر، أن يتفضلوا بقبول أسمى عبارات الاحترام والتقدير.
الجديدة في: الأربعاء 15 أبريل 2021
عن المكتب التنفيذي للمنتدى الوطني لحقوق الإنسان
ذ. محمد أنين
رئيس المنتدى الوطني لحقوق الإنسان