كثيرا ما نسمع في الأساطير والرموز والروايات التاريخية مصطلحات غريبة من قبيل “عيشة قنديشة”، فالبعض يقول أنها تظهر بالليل، والبعض يستعملها لإخافة الأطفال … ويقال في كثير من الأحوال أنها أسطورة غير حقيقية.
وفي مقالي هذا وببحث معمق في الموضوع، وفضولا مني ككاتب وباحث، ارتأيت أن أدخل إلى غمار هذا الموضوع بكل حيثياته، فوجدت أن بعض المصادر التاريخية تقول أن تمت علاقة بين “عيشة” وسيدي علي بن حمدوش الولي الصالح، إذ طلب هذا الأخير من أحد أتباعه المقربين، وهو أحمد الدغوغي، أن يسافر إلى بلاد السودان ويحضر له امرأة سمراء اللون تعيش حالة المجاذيب، فوجد الرجل امرأة بنفس المواصفات تردد “الله دايم”، وكان اسمها “عائشة”، وعند مجيئهما اكتشف أن سيده مات.
وهنا تتعدد الروايات حول من تكون “عيشة”، إذ أن هناك رواية أخرى تقول أنها عندما فوجئت بخبر وفاة سيدي علي بن حمدوش، ظلت تبكي تحت شجرة الكرمة إلى أن حصلت لها البركة، وصارت حسب معتقدات الناس، أنها تملك قوى خارقة تبعد العين و”التابعة” ويلجأ إليها كل من يعاني أمراضا مستعصية، وكذلك الفتيات اللواتي يرغبن في الزواج، كما يروى أيضا أن “عيشة”، كانت نائمة في بيتها ذات ليلة قبل أن تفاجأ بأحدهم يقتحم عليها خلوتها ويغتصبها، فبدأت في الصراخ وتحولت بقدرة خارقة إلى رجل بلحية وأعضاء تناسلية ذكورية، وجل سكان المغاصيين بمكناس يجمعون على أن “عيشة” ما زالت حية وروحها ما زالت تحوم حول المنطقة، وفي بعض الأحيان تظهر في صفات عديدة.
وأصل آخر لأسطورة “عيشة قنديشة” وهي قصة عن فتاة تنحدر من عائلة ثرية أحبت شابا فقيرا أوهمها بأنه يحبها كي تتزوجه ويستولي على اموالها، لكن عائلتها رفضت، لذا قررت الفتاة الذهاب إلى حبيبها دون أي مال، لكنه ما أن علم بالأمر وأدرك أنه لن يستفيد منها تركها، اصاب الفتاة الحزن على ما فعله حبيبها، وظلت تبكي في المكان الذي كانا يتقابلان فيه إلى أن ماتت، فخرج من ذلك المكان جنية كارهة للرجال.
وإلى جانب كل هذا ذهب رأي علمي تاريخي إلى أن عائشة الكونتيسة هي التي يطلق عليها اسم “قنديشة” وهي السيدة الحرة التي حكمت شفشاون بشمال المغرب ، ابنة أمير شفشاون علي بن موسى بن راشد، وشقيقة وزير، وزوجة حاكم تطوان محمد المنظري، ثم زوجة السلطان أحمد الوطاسي فيما بعد.
كانت تعمل في الصباح في الحياكة و الخياطة و تعليم الفتيات القران في منزلها و في الليل تتحول عائشة الى وحش كاسر تصطاد جنود الاستعمار الاسباني و تنكل بهم اشد تنكيل , و كانت ترتدي رداء ابيض و تغطي وجهها برداء اسود حتى ظن الجنود الاسبان انها جنية وليست من البشر .
و كانت تتصيد الجنود الاسبان على جوانب الطرقات و في ظلام الليل الدامس و يقال انها تستعمل كلاب مدربة للفتك بالجنود الاسبان و سحبهم الى الوديان ثم تقوم بتقطيع اوصالهم ليكونوا طعاما لكلابها .
و تضاربت الانباء حول وفاتها و لكن اغلب الاقوال قيل انها توفيت بمنزلها في تطوان و دفنت في مقبرة المدينة , لكن المؤكد انها تحولت من اسطورة للمقاومة و الجهاد الى عيشة القنديشة ( الجنية ) اسطورة الرعب التى تقتل الرجال ولها سيقان ماعز .
وهي قصة ألفها في الاساس الجنود الاسبان ظنا منهم انها ليست من البشر و تنقالها المغاربة منهم لتصبح مجرد اسطورة من اساطير قصص الرعب التى تروى في مجالس الكهول ، بالرغم من تنفيذ تلك الاساطير من علماء في التاريخ و الانثربولوجي كالفنلندي وستر مارك او من المؤرخ المغربي اليهودي بول باكسون .
بقلم: الصديق الهواري