مكناس ليست بالخربة ولا بالجنة، ولكنها مدينة أفسدتها السياسية والسياسيون.
متابعة محسن الأكرمين.
تأخرت بعض التأني للكتابة عن مكناس الخربة، لأجل أن آخذ حيزا من تنفس الغيظ، والبعد عن سوء الرد، و لما حتى التأني لاستجلاء سياق حديث (مكناس خربة)وتداولها داخل مجلس جماعة مكناس في دورته الاستثنائية (23 مارس 2021). فقد كان الرئيس حكيما (المعلم الكبير) حين دعا بألا يدون تعبير مستشار الأغلبية ضمن محضر الدورة (مكناس خربة) حتى لا تحمل على دلالتها الحقيقية وتبقى فقط كناية بلاغية (جمالية هههه)، لكن التاريخ قد سجلتها بمداد السب والتنقيص، وتحقير مدينة (بالخربة) وساكنة على السواء (تعيش في الخربة).
لن تأخذني حمية القبيلة والعشيرة عن مدينة مكناس (فلها رب يحميها)، لن ألقي الكلام الفاسد بوجه المخالفة وبدون فرملة حصينة. لن أدافع عن كرامة مدينة وساكنة، فالأنفة والعزة هي معيار انتمائهم لهذه المدينة، لكن بالمقابل أؤمن بالمؤسسات الدستورية والديمقراطية، أؤمن باختلاف الرأي، وأمانع عن الدخول في خلاف جدالي لا يحترم الحكامة ولا حرية الرأي والرد المكفول بحق القانون. لن نتزايد عن مؤشرات الفساد السياسي بالمدينة (بين من يعيش من السياسية وبين من يعيش للسياسة)، ولكن من سوء موازين المدينة أننا نسكت عن الفساد حتما، والكل يعرف عناوينه بالتعين، ولم يستطع أحد من حكماء مكناس الكبار بتسميته أو الدق عليه بالتعيين والإشارة الدالة بلا تشفير (من اطلع على ملفات الفساد الكبير).
اليوم كل أعضاء المجلس باختلاف تلوينهم السياسي سقط عنهم قناع مبدأ التوافق (على قضايا مكناس الكبرى)، سقط عن الجميع قناع الود (وقطعت كلامك بالسمن والعسل) والابتسامات الطيعة، وبدا الرد مفزعا من الجميع وبأسهم التعيين والتخصيص، وبلا ستار الحشمة.
مكناس ليست حتما بالخربة، مكناس ليست بالجنة حتما. مكناس مدينة تبحث عن ذاتها وبإمكاناتها الداخلية، وبلا مال عام من الدولة مثل ما نالته مدن الحظوة ، مكناس مدينة تكالبت عليها أيدي الفساد والإفساد منذ الزمن البعيد وباستثناءات الأيادي البيضاء النظيفة المعلومة لدى الجميع بالتفضيل. مكناس ضمت بين أسوارها (لي يسوا ولي ما تيسواس) ولكنها ألفت بين القلوب ولم ولن تمارس يوما التمييز الذي لا يحترم الهويات المشتركة.
قد نقول بأن: مكناس لم تنل قيمتها المعيارية بحكم مرجعيتها التاريخية، بأن مكناس تم تدبيرها بفائض الخلافات السياسية والعائلية والاقتصادية التي تنخر أرضيتها بامتياز، بأن مكناس قد أفسدتها سياسة الإسقاطات والمظلات السياسية واللوائح الانتخابية، واغتنى منها الفاسد وباتت (مكناس مثل الخربة في توزيع الورثة المتخاصمين)، وفي حكم صناع الإقطاعيين والوصوليين والانتهازيين…
من أصعب التمثل البئيس حين نجعل مدينة (خربة) بلا تشبيه متكامل بالإخبار الفاضح والتعيين الممل، فاختلالات مدينة مكناس توزع بالتساوي على من دبر أمرها الجماعي وبنسب متفاوتة، يتوزع على ساكنها حين لا تحسن الاختيارات عند الصندوق الانتخابي، توزع على الجميع لأن (السكوت عن الحق فساد، وإغلاق ملفات الفساد بلا مساءلة ولا محاسبة فساد مضاعف). اليوم نعلن بدون تحدي ولا مناصرة مني كابن مدينة، أن مكناس ليست بالخربة (كره من كره)، ولكن هنالك أيد لها المساهمة الكبرى في تخريب جمالية مكناس وتاريخها السلطاني، واستغلال أزمة التنمية بالمدينة بالتغرير على الساكنة وتسويف السين.