حين يغزو متخيل لحظات الحياة الماضية بفرحها واحتفالاتها داخل الملعب الشرفي بمكناس، يؤرقنا التذكر من صبح حادثة موت، فأصبحت مكناس قد بليت من فرط نُكسها حزينة على أبنائها البررة. أربعة أرواح في لحظة رمش غادرت ديار الحياة بلا وداع فراق أبدي، أربعة من شباب مدينة كانوا من بين حسنات فرحة الملعب الشرفي ونتيجة ربح المباراة، أربعة من شبان الحماسة والعشق الوفي للكــــــــوديم، فلله ما أعطى وما أخذ، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
بكاء العيون تشفي حرقة الفراق ولا تجدي نظيركم بالوجود، هي مكناس التي تشيع من أحب الرياضة بعدما شيعت الرياضة منذ الزمن البعيد برمي الرفات البالية. هي مكناس التي تهدي الأجساد الثرى وتسجل في يافطة شاهد القبر أن الموت خطفهم من بيننا حين أحبوا الرياضة حد الثمالة ورحلوا عنّـــا بلا وداع.
فيا عزة أمين، ويا حسرة أنوار، ألا قاتل الله الموت ورميها، فلله كيف اختار إدريس، وكيف أخذ منا سفيان؟ على طريق الموت تبقى روح ياسين ناهضة الأنفاس وتستحق منا الدعاء بالشفاء والحياة. شباب، لم يبق لنا من ذكراكــــم إلا تلاوة سورة ياسين على أرواحكم الطاهرة علانية وبكل مكبرات مساجد المدينة، فعلى حين غرة تنغّص القلب ألما، وباتت فزع موت الشهداء ينكس فرحة مدينة .
أبكيكم شباب مكناس، أبكيكم بجميع الدموع المتلاحقة بلا جدول ماء، تبكيكم كل أمهات المدينة حين تساقطت الأنفس الأربع على طريق الوفاء للفريق الرياضي المكناسي. كل القلوب تنفطر بكاء بعدكم ، فلم يعد للملعب طعم في زمن( كوفيد19) وبعد غياب مقاعد حجر صلد الوفاء للفريق بالحب. عجبت اليوم لقلبي حين أحيى مواجعي وبات بالبكاء ينفطر،عجبت أن المنايا تدوّن الألم وتصدمنا في زهرات عمر الشباب، ولكن للرب مشيئة غير مشيئتنا، وللرب سلطة إمضاء مشيئة المنايا لا العبد.
توخى حمام الموت زهرات أربع من باحة الملعب الشرفي بمكناس” وليس على ظُلْمِ الحوادِث من مُعْدِي”. هي مكناس أولادها مثل الجوارح بالفقد والفواجع، هي مكناس التي تبكي بعيون الماء الساخن، وتهدي شهداء الحوادث كما تهدي الزهرات ماء الإنبات بسقي الدمع، وإن كانت السقي من الدمع لا يجدي، هي مكناس بعد تعدد الحمائم التي ثكلت السرور كله، وأصبحت المدينة في زهد العيش ترفض اللذات، وتنكس راية الفرحة حزنا.
أبيت اليوم وأعيني لا تسعداني ألمكما وفؤادي “بمثل النار عن غير ما قصد”.وقد غادرتما الأعين بنوم، وما نوم الشجى برحاب الرحمان قنوط. لروحكم الطاهرة دمعات حب أحلى مذاقا من الشهد، لروحكم شهداء طريق الحوادث أمين ،أنوار، إدريس، سفيان ضمة أم وأب وأهل ومدينة ووطن، وحزن ملعب شرفي يتيما بالفقد. هو الأسى والحزن يسكننا بالجمع والإفراد، ولا يسعنا إلا الدعاء لكم بجنة الفردوس، عليكم سلام الله مني تحية شهداء النادي، فلا والله لن تنساكم مكناس ما ظل النادي المكناسي فريقا باقيا.