الإخـلاص في العبادات و الصدق في المعاملات
الإخلاص لب العبادة و جوهرها ، بل به يكون التمييز بين العادة و العبادة . ولا يقبل الله من الأعمال إلا ما كان خالصا لوجهه الكريم .
فالإخلاص في اللغة ، يعني : التصفية ، و تمييز الشيئ عن غيره .
وفي الشرع هو : إتقان العبادة لله تعالى كأنك تراه . و من ثم ، فهو صدق النية مع الباري عز وجل.
الإخلاص لا زم في العقيدة ، وفي النية ، وفي الأقوال ، وفي الأفعال … إلخ .
وحكمه حكم الصدق ، فلا صدق بغير إخلاص فيه ، ولا إخلاص بغير صدق فيه .
ومن بين الأدلة عليه في القرآن الكريم ، قوله تعالى 🙂 وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء و يقيموا الصلوة ويوتوا الزكوة وذلك دين القيمة …(.
وقوله جل شأنه : )فاعبد الله مخلصا له الدين ألا لله الدين الخالص…(.
وقوله جلت قدرته : )إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا…(.
ومن السنة المطهرة ، قوله صلى الله عليه وسلم: )إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى…(.
وقوله عليه الصلاة والسلام ، حين سئل عن أسعد الناس بشفاعته يوم القيامة : )أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال : لا إله إلا الله مخلصا من قلبه أو من نفسه (.
وقوله عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم : )المستشار مؤتمن (. أي لا بد أن يكون مخلصا في إسداء النصح لمن يستشيره ، صادقا في قوله و نصحه ، غير منتظر لشكر أو جزاء إلا من عالم الغيب و الشهادة سبحانه و تعالى … و إن صادفت نصيحته خيرا لمن عمل بها ، فلا يمن عليه بذلك ، ولا يعجب برأيه ، بل ينسب الفضل في إلهامه بالسداد في النصح إلى المولى عز وجل.
وللإخـلاص فضـائل و مزايا كـثيـرة ، من بـينـها :
لذة المناجات ، ومضاعفة الثواب ، وصفاء الباطن ، وتنوير القلوب ، حتى تكون على استعداد للتأثر بالعبر و المواعظ . فهو سبب في صلاح الأحوال ، وغفران الدنوب. وهو منحة وهبة من الله ، إختص بها بعض عباده . فتظهر ثمرته على صاحبه ، حيث توجد له حلاوة في منطقه ، وتؤثر كــــلمــــــاته في النفوس، فيعمل بها السامعون ، ويهتدي بها الضالون .
وينقـسـم الإخـلاص إلى أنواع عـدة ، من بـينها :
- الإخـلاص في العـقيـدة .
- الإخـلاص في النيـة .
- الإخـلاص في الأقـوال .
- الإخـلاص في الأفعـال و المعـاملات .
- الإخـلاص في سائـر العبـادات .
- الإخـلاص في التـوكل .
- الإخـلاص في الصبـر ……. إلخ .
ومن أمثلة الإخلاص و الصدق ،ما ورد عن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله :
1ـ إمام عـادل .
2ـ شاب نشـأ في عبـادة الله .
3ـ رجل قلبه متعلق بالمسجد ، إذا خرج منه حتى يعود إليه .
4ـ رجلان تحابـا في الله ، اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه .
5ـ رجل ذكر الله خاليا ففاضت عـيناه .
6ـ رجل دعته امرأة ذات حـسب وجمـال ، فقال : إني أخـاف الله .
7ـ رجل تصدق بصدقة ، فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه .
فالصدق و الإخلاص في التعامل ، يغرسان الثقة في نفوس المتعاملين ، ويبعثان على الإطمئنان في قلب كل من البائع والمشتري ، ويجعلانهما في بينة من أمرهما . إن شاءا أتما البيع ، وإن شاءا لم يتماه. فعن رفاعة رضي الله عنه أنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى ، فرأى الناس يتبايعـون ، فقال : يا معشـر التجـار ، فـرفـعـوا أعنـاقـهـم و أبصارهم إليه إجابة له. فقال : إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى ، وبر ، وصدق.
وفي رواية : التاجر الصادق الأمين مع النبيئين و الصديقين و الشهداء.
و للصدق فوائد عظيمة ، ونتائج جليلة ، نستعرض بعضا منها :
1ـ البركة التي تعم حياة المسلم. ويشير إليها ما رواه حكيم بن حزام عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : )البيعان بالخيار ، مالم يتفرقا ، فإن صدقا وبينا ، بورك لهما في بيعهما ، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما (.
2ـ الهدوء النفسي ، و الطمأنينة القلبية. ويشير إليها ما رواه الحسن بن علي رضي الله عنهما قال : حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم : ) دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، فإن الصدق طمأنينة ، والكذب ريبة(.
3ـ الفوز بمنازل الشهداء ، فقد روى سهل بن حنيف عن أبيه عن جده ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : )من سأل الله الشهادة بصدق ، بلغه الله منازل الشهداء ، وإن مات على فراشه(.
والحمد لله رب العالمـين
- بقلم: الدكتور إبراهيم المعتصم السكراتي موظف بالمراقبة المالية المحلية بنظارة الأوقاف بتيزنيت.
- منخرط في الاتحاد العام الوطني لدكاترة المغرب.