أولويات مكناس المؤجلة إلى حين !!!
محسن الأكرمين.
رغم كل المجهودات المبذولة، وتلك المكاسب التي تحققت على بنيات مكناس الحضارية حتى وإن قلّت سعتها التدفقية، إلا أن البرامج التنموية باتت تفكيرا نظريا متضاربا بين الطموح السياسي المستفز(انتخابات 2021)، وبين الاستهلاك (السفسطائي) المفرط في الديماغوجيّة التي تستنزف طاقة انتظارات الساكنة والمدينة، وتستند فقط على التخوفات والأفكار المسبقة. هنا يمكن أن نقول :” أن أولويات مكناس باتت مثل مطاردة الساحرات بالتعاويذ والأبخرة والرش بماء التعقيم، باتت المطالب تصورات عالية بالضبابية، والإمكانات الداخلية للمدينة في متلازمة النكوص، و قد لا تتحمل أية برنامج عمل للتنمية مهما كان سقف معاملاته”.
المشكلة الكبرى بمكناس حين بات الاستغلال السياسي السلبي لأولويات مكناس يحدث جدالا مملا ومفرطا في التنظير، وحتى النقد من أجل النقد بغية الارتقاء في سلاليم الحزب. باتت أولويات المدينة تحصي المشاكل بدل طرح البدائل بواقعية وببساطة ونفعية محلية. باتت أولويات مكناس سلعة نافدة للاستغلال السلبي . بات ركوب الطموح الشخصي والتسويق السياسي سيد الخطب واللقاءات، حينها نقول:” أن مكناس المدينة تغيب حتما عن سياسة التمكين وتحقيق الأولويات الأساسية “.
من سوء حظ مكناس، حين أصبح الكل يمتلك الحلول النظرية، ويمارس بوق البدائل، وتوزيع محطات التسويف قبل الانتخابات الآتية، فيما كل الكل لا يمتلك عصا سيدنا موسى (عليه السلام) لتطويع وتطوير التنمية بالمدينة. هنا بمكناس (بلا …بلا…بلا…) لن تفيد المدينة ولا الساكنة، حتى ولو تمت عبر أكبر مكبرات الصوت. هنا يظهر التنافس في بناء التصورات المعيارية وتغييب حقيقة مكناس الواقعية، وأفول نجم المدينة الموضعي. هنا نجد (مول الصناعة) يرى أن الحل هو في استقطاب الاستثمار الخارجي، وتوطين المشاريع الصناعة بمكناس، ويبين لنا أن الجنة في التشغيل (اليد العاملة غير المكلفة). نجد (مول الفلاحة) يرشدنا إلى ما تعلمناه في المدرسة العمومية (موسم حصاد البرسيم) وغنى هضبة سايس و يقول: “أن تنويع المنتوجات الفلاحية، هو الحل الأمثل للإقلاع التنموي بمكناس (رغم أن الفلاحة باتت بيد كبار الإقطاعيين، نظرا للإعفاءات الضريبية، واليد العاملة غير المكلفة). نجد (مول الثقافة) يتمنى لو أن مدينة مكناس تصبح مدينة الثقافة والسياحة، ولا يعمل جهدا في توطين الغاية. بينما يرى السياسي غير الذي مضى، وهو يتودد قولا في توليفة تحسن جودة الحياة (نقطة نقطة حتى يحمل الواد) و هو يقضي غرضه الذاتي بأريحية!!! بينما المواطن (الطيب) بمكناس، لا يطلب إلا معادلة صغرى في كلماتها (الكرامة الاجتماعية)، وهي كبرى في حمولتها الدلالية، في أفق اعتبارها كأوليات غير انتظارية.
حقيقة، مكناس يحتاج إلى النجاعة في التخطيط والتدبير. يحتاج إلى تنمية منصفة وقوية وبدون منومات سياسية. مكناس يحتاج أن يأخذ بزمام العدالة الاجتماعية ويقلص من الفوارق المحلية. مكناس يحتاج إلى حكامة داخلية ودعم من المال العام الوطني لتغطية الاختلالات التنموية. يحتاج إلى مؤسسات سياسية ترافعية لا أشباه أصنام صامتة إلى غاية الحملات الانتخابية. يحتاج إلى مجلس جماعة مواطنة. يحتاج إلى أوساط اقتصادية مواطنة تصنع التنمية الشمولية. يحتاج إلى مجتمع مدني يؤمن ويطبق الديمقراطية (يراقب ويتابع الميزانية التشاركية) المحلية. يحتاج إلى كل الأفكار الثقافية والسياسية الداعمة والمواكبة في الإبداع والابتكار وتثمين الأرض والإنسان، وإلى كل المخططات الرامية إلى تحقيق الرخاء المندمج للساكنة والمدينة.