من فقه العمل السياسي بمكناس (حزب العدالة والتنمية)..

من فقه العمل السياسي بمكناس (حزب العدالة والتنمية).

محسن الأكرمين متابع للشأن المحلي بمكناس.

نقاش موضعي وصحي بمكناس حول الصورة السياسية التي يمكن أن تحكم المدينة استشرافا (2021). نقاش يرسو عند مجموعة من الاحتمالات الكبرى والضيق منها، والتي تتنبأ بإمكانات التغيير في أرقام عدد المقاعد لكل حزب داخل جماعة مكناس (بلا غالب ولا مغلوب)، بينما لا تجديدا منتظرا في ملمح السياسيين (إعادة التكرير)، وبقاء نفس الوجوه وبتبديل لا يصيب البنية الكلية، بل بنيات الانتماء السياسي.

اليوم الحديث سينصب عن أثر الكيفية التي دبر بها عبد الله بوانو مجلس جماعة مكناس. قد نختلف في ترقيم الأفضلية له بمن سبقه من الرؤساء، ولكن نقر منذ البدء بأنه بصم وبقوة على تدبير فريد ميزه كرئيس لمجلس جماعة مكناس دون الصفة الحزبية، أي يأتي ذكر عبد الله بوانو غاليا كرئيس للجماعة، دون ربط عموديته بحزب العدالة والتنمية.

قد نقول: بأن الرئيس عبد الله بوانو دبر كومة الاختلاف داخل مجلس جماعة مكناس، وحتى داخل أغلبية مكتبه الصامتة. ونجح في ربح رهانات التوافقات (على قضايا مكناس الكبرى). قد نقول: بأنه مارس الذكاء السياسي و لما حتى العاطفي وأفرد نفسه بالتميز عن باقي ما سبقه من رؤساء مجالس جماعة مكناس، و كذا عن باقي مكونات مجلس جماعة مكناس السياسية، حتى أصبح بالصفة والكفالة عرّاب الصلح والتوافقات بمكناس. ومن بين مكروماته السياسية كذلك أنه صنع أكبر أغلبية في تاريخ الجماعات الترابية بالمغرب.

داخل مكون حزب العدالة والتنمية، يبدوا أن المشهد لا يزال خامدا قبل العاصفة الخفية في حالة (ترقي عبد الله بوانو سياسيا) فمن يخلفه على رأس اللائحة المحلية؟، ومتوترا وطنيا جراء الجدال حول التوقيع على (الاعلان المشترك مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية). يبدو أن السيد عبد الله بوانو يتحكم في هياكل الحزب المحلية بسلطة الفقيه والمريدين الأوفياء، ولم تتعرض قراراته لشق عصا الطاعة من قبل أغلبيته الحزبية. يبدو أن غيابا ملموسا في عدم تأهيل نخب سياسية داخل حزب العدالة والتنمية للاستدراك السياسي في حالة إقرار رفض ازدواجية الترشيح، أو قرر عبد الله بوانو الترشح في لائحة البرلمان فقط، حيث لم يتمكن الحزب من صناعة (كاريزما) سياسية بديلة داخل مكناس (نموذج عبد الله بوانو). لا ندري ما السبب، أهو التدافع السياسي الداخلي في حزب الرئيس؟ أم هي التراتبية السياسية التي جعلت أعضاء من حزب العدالة والتنمية ولمدة الإنابة المحلية لم يتحدثوا بأية كلمة داخل جلسات المجلس العمومية.

إنه العطب الأول الذي سيصيب الحزب في حالة اعتبار مكناس تساوي مدن العمداء في منع ازدواجية الترشيح. إنه العطب التي سيثقل الحزب أزمة داخلية، في حالة أن قرر عبد الله بوانو الترقي السياسي (برلماني/ وزير). إنه العطب البين حين ينسحب عبد الله بوانو من موضع رأس اللائحة المحلية في الانتخابات الجماعية، حينها تحدث (التلفة) وقد ينهار البناء الجزئي التماسكي للحزب، و قد لا يتمكن حزب العدالة والتنمية من اكتساح الأغلبية الكلية، وقد يحصل على الأغلبية النسبية.

عبد الله بوانو قد لا نتزايد كليا في شخصية الرجل ومدى الحكمة و الرزانة التي يتحلى بها، قد لا نختلف أنه صنع اسما دون حزب أوصله لرئاسة مجلس جماعة مكناس وغيره من مناصب المسؤوليات. قد نتوافق على الرجل ونقول بأنه :” غيّر مشهد تدبير مجلس الجماعة بمكناس من الرؤية الحزبية الضيقة إلى الانفتاح على جميع المكونات السياسية المنتمية لمجلس المدينة ، غيّر آليات التحرك الضيق بحكم الانتماء الحزبي وصنع توافقات حتى الهجينة منها، وأضحت جلسات مجلس جماعة مكناس لا تناقش (القضايا الكبرى للمدينة)، بل فقط تجتمع لأجل (المصادقة والموافقة)”.

عبد الله بوانو  صنع مشهدا مغايرا في رئاسة مجلس الجماعة بامتياز، ونسقا منفتحا على السلطات الترابية بالمدينة. صنع نسيجا من العلاقات الخارجية (المالية/ السياسية/ الاجتماعية) وتدبير أزمات مكناس التي لا تنتهي بحكامة متحكم بالعمق. دبر الورق اليومي لمجلس الجماعة، وحصن نفسه من انزلاقات مميتة أو مواجهاتية.

 قد يعود عبد الله بوانو لمقعد رئاسة جماعة مكناس، و هو لا يقدر على أن يسبح بنفس النهج في تدبير مجلس المدينة الذي يكثر عجزه المالي وتتباين المستجدات (ما بعد زمن كورونا). قد لا يعود عبد الله بوانو لرئاسة مجلس جماعة مكناس إذا أضحى أمام منظوره السياسي ترقية مغرية، حينها قد يتباكى من خبر الرجل عن قرب وعن بعد، ومن يمكن أن يترك حزب العدالة والتنمية  يتيما بمكناس بلا كفيل.

About محمد الفاسي