حين تتحدث الصورة بلغة الخرافة والحقيقة…
محسن الأكرمين.
بشر من الكارطة المغربية…
اليوم بصرت ونجمت حين تراءت لي صورة تحمل مشاهد بشرية رمزية في زيّ خدام شياطين تنوع لعب (دمص)الكارطة. تزكت خواطر صورة التنوع البشري في مخيلتي بالتأمل، بعدها لم أنل إلا نزرا قليلا من الدلالة. لم أقدر التمييز بين رموز الأجناس البشرية في الصورة، لم أقدر على سبر أغوار الصورة برؤية شمولية باختلاف العناصر. حينها قررت بدء تفكير التقسيط، وتناولت ذاك العنصر الترابي من الصورة بالفرك والفحص، فوقفت أن المورد الوجودي مشترك بين البشر حد الاستنساخ العرقي، وجدت أن الشر من الصورة يحتل مساحة أفضل تطل من الأعلى مساحة الخير الضيقة مساحة تحركه.
بعدها نالت عيناي بسمة حين وجدت أن العنصر المائي يحمل طاقة توازن حياة الإنسان والبناء، وقفت أن هذا العنصر سيتسبب في تفاقم المشاكل التي تؤثر على طبيعة الحياة بالمرد ودية النفعية. وفي تفكير الصدمة شممت من العنصر الهوائي وباء الفتك القاتل، استعملت كمامتي المنسية بين أغراض جيوبي، رفعت رأسي سماء وداعيا (ها قلبي ، ها تخمامي، ها باش ياتيني الله). من شهب السماء رجمت الشياطين المسترقة للسمع، و بات العنصر الناري يوازي (الزهرة النارية) التي تفرقع سماء، حين تراءت لي صور الإنسان مشكّلا من الخشب حسبته أنه بات عنصرا مدمرا لنفسه بالاتحاد مع الشر والنفخ في كير إحماء النار.
البحث عن عناصر الذات…
قررت التوجه إلى مجالسة (الشوافة) لتفك لي خط الكف المشكّل عندي بزيادة التدريجات العلوية. أعجبتني الفكرة كثيرا، ولعبت في خاطري تحفيزا مدويا على المغامرة وكشف حجاب المستورات عن منعرجات حياتي الملتوية حد المنعرج شعلة (يانغ) الحارقة.
لعبت دور التائه (التالف) الذي يبحث عن حلم وهمّ يراوده بحبّ العثرة. اليوم تخليت عن تلك المبادئ والقيم التي تحصن من الخرافة والأساطير البائدة، اليوم لم أحمل معي ذاتي العصبية بالانفعال المفرط. اليوم تقدمت بحب الحياة ورششت جسمي ماء لقتل عنصر النار المدمر. اليوم لن تستحوذ النار على أخشاب التعود التي ترافقني، بل سأحرقها مثل سفن طارق.
في حضرة لالة الشوافة.
مسكينة لالة الشوافة، ذكية حين أزاحت عن تلك المرايا الأربعة من لحاف أثواب المزارات. عجيبة تلك المرايا التي عرتني من ثيابي المتهالكة بلا بخور ولا تمائم. عجيبة تلك المرايا، حين تحرك ملون الشفاه الأحمر على منزلقاتها، وبدأ العنصر الناري يدون كل خطايا العشر التي تكبلني بلا نقط ولا فواصل.عجيبة حين فزعت من تجعد ملمح جبيني بلا مرطبات مساحيق تجميل.
كانت الشوافة تنظر إلي بخفة العين المائلة، كانت تنظر إلى فزعي المتضارب بين العنصر الناري والعنصر المائي، كانت وللأسف تحصي تفاصيل حياتي من صغر البدء. في منتهى حضرة لالة الشوافة، وخزتني أخيرا بالإبرة والدبوس الحديدي في جسدي الرخو، وكشفت أني أحمل قلبا قاسيا على ذاتي، ومنصهرا بالرفق مع طبيعة الوجود المحيط.
الحاكم بأمر شياطين الأرض السفلية.
تعمدت لالة الشوافة بتمرير أربع ورقات من “الكارطة” على دقات قلبي الخافتة، و أمرتني بترديد ”ها قلبي، ها تخمامي، ها باش ياتيني الله”، ثم رمت بأوراق (الكارطة) صفوفا رباعية معتدلة العد ومتساوية الأطراف، بعدها تنهدت عمقا فحسبتها تتأسف لأحوالي، وأن سوءا أكثر مما أنا فيه آت قدوما.
لكنها حين وجدت (الكبال الذهب) علمت أني أشتغل في (طابلة المخزن) قابضا، ابتسمت قليلا وتنحت جزءا من مشاهدة قسمات وجهي. حملت علوا (اتريس ذهب ) أخبرتني أنّي سأنتقل من حال العوز إلى الرخاء، لأن (التريس) تزاورت مع (الصوطة الذهب) وهي صاحبة (الفال الزين).
ربتت بيدها اللّينة على كتفي حد أني تنحيت بعدا عنها، ثم عاودت الابتسامة قليلا و حملت (اللاص الطبيقة) في يدها وصارحتني: أن رزقا آتيا ليصلح العتبة الراسبة، ويفيَض خميرة الدار الفطيرة، ولن يتم ذلك إلا برش الحناء الأخضر اللين، الآتي من حوض مولاي علي الشريف ليقصى الغرض تنامي فيض (الخميرة البلدية). العودة إلى التفكير العقلاني…
حين سألتها بالاستفهام الاستنكاري، أشريفة !!! كيف يحدث هذا، وأنا أفقر من “حتى” في مواطن شتى؟ انتصب لسانها الحاد مجيبا (الكارطة) قالتها والجواد (جنونك) ديالك مشدودين وباغيين الليلة، دخل أولدي بين العشاءين إلى الشيخ الكامل، نوي الزيارة التامة والنهاية بحفرة سيدي علي، واشعل الضوء و خلي الحلاوة التامة، وشرب من البئر الوسطاني عند الشيخ، ورش جنبك الأيمن سبع مرات من حفرة لالة عيشة، واتكل على الله وارجع لدارك (محمم)، ومول النية رغباته مقضية.
حينها علمت أن الحصة (الشوفان) انتهت وما علي إلا أن أمدها بحصة لعبة ” الكارطة المغربية” خمسون درهما مقابل أتعاب وصفة رش الماء على اليمين والشمال وزيارة الأضرحة الخضراء، لفك سحر عقد حياتية و دنيوية جاءت في رسم (الصوطة) المسخوطة، و(الكبال مول النبال )المتمرد على الطقوس الخرافية، و(الرَي) مول الذهب الأبيض ( لي شاد) الحكام بأمر من شياطين الإنس والجن.