مصطفى مباركي عدل موثق بمحكمة الاستئناف بفاس
بعد مرور أزيد من شهر ونصف على تعيينهم كعدول جدد في دائرة محكمة الإستئناف بفاس، وإستكمالهم كل الإجراءات القانونية من أداء اليمين القانونية ووضع ملفاتهم الشخصية لدى المحاكم الإبتدائية والمجلس الجهوي، لم يتسلموا بعد عدول فاس فوج 2018 بوافده النسوي الجديد أدوات العمل من قبل المجلس المذكور، حيث إمتنع هذا الأخير عن تسليم مذكرات الحفظ لهم والتي تعتبر الوسيلة القانونية التي يشتغل بها العدل ويتلقى فيها الشهادات والعقود بالإضافة إلى لوازم أخرى.
ويأتي هذا الرفض بعد تقديم العدول طلبات كتابية للمجلس دون أن يتلقو أي رد بخصوصها، ولما إستفسروا الأمر ووجهوا بمقرر صادر عن الهيئة الوطنية للعدول بالرباط بموجبه عدلت المواد 27 و119 من النظام الداخلي للهيئة، ويقضي بأداء العدول الملتحقين أخيرا بالمهنة مبلغ الإنخراط قيمته 20000 درهم، ومبلغ الإشتراك قدره 2000 درهم، بحيث يجب على العدل أداء مبلغ الإنخراط والإشتراك أعلاه بالإضافة إلى مبلغ آخر يتعلق بالمذكرة قدر ب150 درهم ليتسلم المذكرة المشار لها أعلاه حسب ما صرح به رئيس المجلس الجهوي.
هذا الخبر لم يتقبله العدول الجدد بفاس واعتبروا ان القرار الصادر عن الهيئة معيب شكلا ومضمونا وأنهم غير معنيين به لأنه جاء في وقت قد اجتازوا إمتحان التخرج وبالتالي غير معنيين به، وإنما معنيين فقط بملغ الإنخراط والإشراك المنصوص عليه في النظام الداخلي قبل التعديل الأخير والمقدر بـ 1000 درهم بالنسبة للإنخراط و 800 للإشتراك.
لكن المجلس أصر على تطبيق القرار المذكور، وإمتنع عن تسليم المذكرة إلا بعد أداء المبالغ المذكورة من قبل العدول الجدد، مما إستدعى عقد عدة لقاءات بين المجلس والعدول للتوصل إلى حل توافقي إستمرت لأكثر من شهر دون أن يتوصل الطرفين إلى أي نتيجة تذكر.
تجدر الإشارة إلى ان القانون المنظم لمهنة العدول رقم 16.03 لا يعطي للمجالس الجهوية أي سلطة أو حق فيما يتعلق بتسليم أو طبع مذكرة الحفظ، فالمادة 53 من القانون المذكور منحت للهيئة الوطنية للعدول طبع مذكرة الحفظ لكن بشرط أن تأذن بذلك وزارة العدل ذات الإختصاص الأصلي في طبع المذكرة وتوزيعها.
هذا، وقد أكد المشرع على ذلك في المادة 70 التي جعلت من إختصاص المكتب التنفيذي طبع وتوفير مذكرة الحفظ للعدول، وتضيف المادة أن للمكتب التنفيذي تحديد ثمن بيعها وتوزيعها على المجالس الجهوية التي تضعها رهن إشارة العدول في الوقت المناسب.
وأعاد المشرع ليؤكد على إختصاص وزارة العدل في طبع وتوزيع المذكرة للعدول بقوله في نفس المادة، أنه “يمكن للوزارة ضمانا لحسن سير جهاز التوثيق سحب الإذن المذكور، كلما إقتضت المصلحة ذلك”.
يبدوا من خلال قراءة المادة 53 و المادة 70 المذكورتين أعلاه ان المشرع لم يمنح للمجالس حق طبع أو تحديد ثمن البيع أو توزيع مذكرة الحفظ، وإنما خول ذلك للمكتب التنفيذي فقط بعد الإذن المذكور، وبطبيعة الحال المكتب التنفيذي ليس هو نفسه المجالس الجهوية، فالمادة 69 وإن كان تنص على أن من بين مكونات المكتب التنفيذي رؤساء المجالس الجهوية، فإنها أضافت مؤسسات أخرى نذكها على سبيل التبيان:
- رئيس الهيئة الوطنية للعدول؛
- ثلاث نواب للرئيس؛
- كاتب عام؛
- نائبين له؛
- أمين الصندوق؛
- نائبين له؛
- الباقي مستشارون
هذا إن دل فإنما يدل على ان المجالس الجهوية مجرد وسيط فيما يخص تسليم المذكرة للعدول عند طلبها، فالمجلس الجهوي حسب المادة 70 عليه إلتزام قانوني هو أن يضع المذكرة رهن إشارة العدول في الوقت المناسب، والعبارة الأخيرة “الوقت المناسب”لها مدلول زمني أي ان المجلس يجب ان يكون يتوفر على المذكرة قبل طلبها من قبل العدل ويسلمها فور طلبها، ومدلول آخر يتعلق بالمصلحة التي لا تتعلق بالمجلس وإنما بالعدل أي انه عندما يطلب العدل المذكرة تعطى له فورا إذا كان يشتغل أو عند طلبها بعد استيفاء الشروط القانونية المنصوص عليها في المادة 10 من القانون رقم 16.03 إذا كان العدل قد عين حديثا.
وبمفهوم المخالفة أنه إذا لم يضع المجلس الجهوي مذكرة الحفظ في الوقت المناسب للعدل عند طلبها، وحدث أن تم تعطيل أو تأخير عمله ومن ثم تسبب له المجلس في آثار سلبية له شخصيا أو لطالب الشهادة كحالة تلقي إشهاد بوصية مريض، فإن المجلس سيتحمل مسؤوليته في ذلك وتعويض المتضرر إذا ثبت تقصيره طبقا للفصول 77 و78 و99 و100 من قانون الإلتزامات والعقود، نهيك على العقوبات الجنائية المنصوص عليها في المواد 243 و248 و250 من القانون الجنائي.
إذن امتناع المجلس عن تسليم المذكرة يشكل خرقا واضحا للقانون، خاصة إذا علمنا ان المادة 74 من قانون المنظم للمهنة قد حددت مهام المجلس الجهوي على سبيل الحصر، ولم يرد المشرع فيها طبع وتوزيع مذكرة الحفظ، فبالأحرى طلب المجلس مقابل مادي من طرف العدول لتسليم المذكرة، فحتى وان كان نص المادة تنص على ان المجالس الجهوية تسهر على تطبيق مقررات المكتب التنفيذي للهيئة الوطنية للعدول، فإن هذا المقرر الأخير لم ينص على الامتناع على تسليم المذكرة في حالة عدم أداء مبلغ الانخراط الجديد.
وعليه، فإن المجلس الجهوي لفاس بعد ما وقع يجب عليه إما تسليم مذكرة الحفظ على غرار باقي المجالس الجهوية للعدول الجدد بدون طلب الأداء مقابل التسليم، وإما إحالة الأمر على المكتب التنفيذي لتدارسه كما تنص على ذلك المادة 74 في فقرتها الثانية.