ترقب مغرب ما بعد كورونا
من ووهان انطلق فيروس، لم يقف عند حدود، انتشر و لا زال يتمدد.. وصل المغرب عبر حالات وافدة من إيطاليا و فرنسا و مصر... و بداية عداد يأبى أن يتوقف (المصابون – الوفيات - المعافون) عبر نشرات يومية رسمية. اتخذت اجراءات و تدابير احترازية أمام هذه الجائحة منها: تعليق الدراسة، منع صلاة الجماعة و الجمعة بالمساجد، إغلاق المطاعم و الفنادق، تعليق الرحلات الجوية بل إغلاق الحدود بالكامل، تعطيل المؤتمرات و الفعاليات، و منع التجمعات و الحفلات، و الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية، و إطلاق التعليم عن بعد، و البرامج المواكبة التي تركز على النظافة العامة و الاحتياطات الوقائية اللازمة، و إحداث صندوق للتضامن، و عبر منهج شامل للانقاذ، انخرط فيه الأفراد و المؤسسات على حد سواء للحث على واحد من أنجع الحلول "الحجر المنزلي" تحت وسم #عاون_بلادك_خليك_فدارك، لقطع السلاسل الاجتماعية.
جهود عكست وعيا مجتمعيا بخطورة الوباء، و سلوكا مدنيا رفيعا، و تضامنا لا مشروطا غير مسبوق لمجابهة وباء اعتبر حربا بيولوجية حول الزعامة على قيادة العالم، و أي سيناريو محتمل له تداعياته، لينبثق السؤال: أي مغرب نترقب بعد كورونا؟
لا يعنينا أن يصطف المغرب شرقا أم غربا في إطار خريطة جيوسياسية جديدة، بقدر ما يعنينا تصحيح المسار، و الخروج من نفق التجارب التنموية الفاشلة، و المخططات التائهة و المترنحة، التي لم تنتج سوى المزيد من الانتكاس و التراجع و هدر المال العام و الزمن السياسي. و المداخل للمقاربة العلمية النزيهة هي:
الاجابة -بشجاعة- عن أسئلة كبرى في إطار حوار وطني، يكون تواصلا لا صراعا:
التقاعد – التعاقد – رواتب و معاشات الوزراء و البرلمانيين – المحروقات – الضرائب – الصناديق السوداء – الحريات الشخصية – البطالة و التشغيل – ذوي الاحتياجات الخاصة و المسنين و الأرامل و الأيتام (كفئات هشة) – عدالة مجالية (المغرب النافع / مغرب الشيح و الريح) – الفساد و الرشوة…
إعادة النظر في جملة من المفاهيم:
رفع الدولة يدها عن القطاعات الخدماتية (الصحة و التعليم) – عفا الله عما سلف – ربط المسؤولية بالمحاسبة – الحكامة الجيدة – الإنتقال الديموقراطي – دولة الحق و القانون.
فشل المؤسسات و البرامج:
الحكومة (سلطة تنفيذية): فسيفساء ينقصها الانسجام المطلوب، لأداء وظيفتها الدستورية، برامج غير واضحة، خطابات فضفاضة مرتبطة بالسين و سوف و الأماني و الوعود و الاحتكام الى النية.
البرلمان (سلطة تشريعية): لا يجتمع أعضاؤه إلا في دورتي أكتوبر و أبريل، فعن أي معارضة نتحدث، و كل القرارات المجحفة تم تمريرها، و أي دور له في التشريع و المراقبة و تقييم السياسات العمومية.
استقلالية القضاء (سلطة قضائية): الغارق في الرشوة و البعيد عن الكفاءة و التجرد و النزاهة في وقائع و أحداث متعددة.
الأحزاب: عددها الذي يتناسل باستمرار مما يؤدي إلى إسهال سياسي مدفوع الأجر، بدعم من المال العام.
النقابات: هل تمثل منخرطيها أم تتآمر عليهم؟
الثروات و شكل توزيعها: يتوفر المعرب على مقدرات لا تخفى على أحد، و ثروات طبيعية و معدنية (الفوسفاط – مناجم الذهب و الفضة – الثروات البحرية – الاستثمارات الضخمة و الهائلة في الفلاحة “مئات الهكتارات المجهول/الزيتون” – مجال الاتصال – التجارة و الصناعة و الخدمات – السياحة) من العار بهذه الموارد أن يستورد المغرب جل احتياجاته من الخارج، و يطمح إلى الاكتفاء الذاتي، بل من المفروض تحقيق الرفاهية لأبنائه و توفير حياة أفضل.. من ينتظر خبز غيره يطول جوعه.
الإعلام: ماذا أنتج الإعلام عبر عقود طويلة غير “الزديح والرديح” وثقافة هز البطون؟ !
على سبيل التركيب، بات جعل أولويات على رأسها: التعليم كقاطرة للتنمية و ما يستوجب من تحسينه و تطويره، و نظام صحي قوي و مؤهل ماديا و بشريا حتى يجد المسؤولون مستشفيات في المستوى لطلب العلاج عند إغلاق الحدود، و تنمية مبنية عن المعرفة و تشجيع البحث العلمي، و عدالة مجالية حقيقية في ظل جهوية متقدمة، و حكومة كفاءات فالمغرب يتوفر على طاقات و كفاءات و أطر و موارد بشرية مؤهلة، و مشاريع و برامج و مخططات تربوية و اجتماعية محددة و هادفة، و أخيرا بناء و تكوين المواطن -الإنسان- الذي يتمتع بالكرامة و الحرية و المساواة و تكافؤ الفرص… من خلال هذه المداخل نترقب المغرب المنشود ما بعد كورونا !!
لـحـسـن بـنـيـعـيـش
مـكنـاس / الـمغـرب