محسن الأكرمين.
المرأة حتما تمثل الكينونة الحضارية، تمثل حركة الثورة الهادئة نحو طموح التنمية والعدالة الاجتماعية. إنها ثورة النساء المحفزة في يومهم العالمي بصيغة إرساء المساواة وتكافؤ الفرص عبر مواقف متحركة ومتغيرة بالأزمنة والأمكنة. إعمال البحث عن المساواة جدي يفوق نهاية تكسير القيود، وصد الانهزامية و”الحكرة” الدونية، إنه عمل بنهاية الاستمتاع بالممارسات الحرة والكرامة الوجودية. إنه العمل المتواصل لتملك قيم العدالة والدفع بالآخر إلى تبني نفس الخطاب “أنا من جيل المساواة”.
لن ننشد مثل اللازمة الغنائية المغربية التراثية ” هاذي 8 ما علينا الحكام ألالة، طيلة السنة تيحكموا الرجال ألالة”، بل نقول بصدق الرؤية أن الثامن من مارس هو يوم عالمي لدق ناقوس النواقص التي تحول دون الوصول إلى خط نهاية المساواة و امتلاك تطبيقات العدل والكرامة باختلاف الجنس، هو يوم لبدايات تقليص كل أشكال التمييز ضد النساء والقضاء على كل أشكال العنف بمختلف أنواعه، هو يوم قد لا نوزع فيه الورود بهرجة وأخذ صورة جميلة بالابتسامات الطافحة، بقدر ما هو يوم نفكر فيه في امتهان ابتكار آليات جديدة للقضاء على جميع الممارسات الضارة بحق المرأة في الحياة الكريمة، والاختيارات الندية.
هو يوم لن يكون في الإطناب وفي ابتداع مواسم التكريمات والخطب الرنانة التي تساند المرأة قولا مطرزا، لا فعلا متفاعلا مع قضاياها الكبرى. بل حق التصورات المطلبية أن يكون يوم (8مارس) للتفكير في أفق إدماج أدوار المرأة في ظل آليات بناءات التخطيط التنموي الجديد.
هو يوم ليس قائما بمتم تجسير الولوجيات نحو منصات الاحتفاء ومكبرات الصوت، بل هو يوم كذلك للتفكير الجوهري الجماعي المعقلن حول بناء مواصفات سياسة تمكين المرأة المغربية من حقوقها التامة و الوصول إلى صناعة مواقفها الثابتة، وبالتمييز الإيجابي المرأة القروية. وكذا من خلال تمكين الفتاة من تعليم ذي جدوى وجاذبية، وتثبيت حقوق مشروعة للمرأة في الحياة السياسية بدون ممرات “الكوطة” التفضيلية، و كذا تفعيل الحقوق المشروعة بفصول الدستور المغربي، والقوانين المتممة له، والمعاهدات الدولية المصادق عليها.
لن نفاضل تمييزا بين نساء ورجال الوطن فالكل له مكانته الموضعية في خدمة الوطن والمجتمع والاقتصاد، لن نسكت حقا في الصياح بكل حروف النداء وحتى الندبة في إلغاء كل النصوص التشريعية والقانونية التي تكرس صيغ التمييز. لن نعزف نشازا على أوتار الأنين فهو حاضر وبزيادة في بخس مسارات تطوير أداء المرأة المغربية، لكننا نقر بانتصارات موضعية لأجيال مضت من نسوة الوطن، وأخريات حاضرات وبقوة في تمكين النساء من مواقع القرار وقيم المساواة، وعدل تنافس الكفاءات.
خيار الإنصاف والمساواة لن يستوفيه يوم عيد المرأة العالمي (8مارس) عبر حديث الرثاء و سياسة القنوط والتيئيس من سلة المطالب المتراكمة، لن يحكمه التباكي عند أطلال المرأة المعنفة ولا المقصية… لكن الخيار الأوفر حظا من يومها العالمي، يدفع إلى النهوض بحقوق المرأة المغربية بمختلف مشاربها الاجتماعية والاقتصادية.
وعليه لا بد أن يكون الثامن من مارس حلقة سنوية لبداية تقويم الحصيلة، ومنطلق السرعة النهائية لتحقيق المطالب بروية وجودة، و بناء مؤشرات واقعية وبسيطة لضبط مستقبل المرأة الذي يمكن أن يفيض بإشراقات التمكين.