كتاب و آراء – لنترك الغباء جانبا الآن في انتظار أن نعود إليه لاحقا بحول الله في مقال خاص. إنني جئت، اليوم، لأخاطبكم مرة أخرى، أيها الأغبياء، في موضوع معاناتكم النفسية، وفي ما أنتم فيه من تعاسة وقنوط، وما ينتظركم من عذاب وتعذيب مادي ومعنوي بفعل إصراركم على الإساءة إلى جار لم يسئ إليكم أبدا؛ بل كان له فضل كبير على انفصالكم الشكلي عن فرنسا.
إن حسدكم للمغرب، وغيرتكم منه، وعنادكم معه، وتقليدكم له، وعقدتكم وعقيدتكم العدائية تجاهه، وحقدكم عليه، ومرضكم به، وشعوركم بالنقص أمامه… كلها أحاسيس ومشاعر سلبية تنخر دواخلكم وتحرق دمكم وتنغض حياتكم. ويظهر هذا في تصرفاتكم، سواء كنتم جزءا من النظام أو مجرد أبواق له أو تُعدون من نخبه أو كنتم في عداد المُبَرْدَعين من الشعب.
وما يعمق آلامكم ويقض مضجعكم، هو عجزكم عن اللحاق بجاركم الغربي الذي ليس له لا بترول ولا غاز. ويسبب لكم هذا العجز متاعب نفسية كثيرة وكبيرة. وما الانفعال الزائد للنخب الجزائرية التي تشارك في برامج حوارية خارج “حظيرة الكبار”، إلى جانب مغاربة أو غيرهم ممن لهم رأي مخالف للنظام الجزائري في موضوع الصحراء المغربية أو في مسألة العلاقات الثنائية بين الجارين، إلا دليل على الاضطراب النفسي والمعاناة الداخلية. وليس هذا فقط؛ فالمحاور الجزائري غالبا ما يلجأ إلى سب وشتم مخاطبه، مغربيا كان أو غير مغربي؛ وذلك بسبب ضعف حجته ومحدودية قدراته الفكرية وفراغه المعرفي وعجزه المنهجي وتوتره النفسي والعصبي.
لقد قلت لكم في مقال سابق بأنكم ستتعبون كثيرا في ركضكم وراء المغرب (نشر في عدة مواقع إلكترونية مغربية وفي جريدة “الاتحاد الاشتراكي” خلال الأسبوع الأول من شهر مارس 2023). وهو، في الواقع، ليس ركضا؛ بل هو دوران في دائرة مغلقة، الخروج منها أصبح صعبا للغاية. وهذه الدائرة هي من صنع النظام العسكري الذي، لغبائه، وجد نفسه يدور فيها منذ حوالي خمسين سنة. وكلما تقدم الزمن، كلما ضاقت الدائرة عليه وتعقد وضعه، فأصبح يخبط خبط عشواء؛ وأنتم كصورة منه، تطبلون له وتسايرونه في غيه وغبائه.
ويحضرني، هنا، ما قاله السفير الفرنسي السابق عن الانهيار الوشيك للجزائر، متسائلا إن كانت هذه الأخيرة ستجر فرنسا معها. ويبدو أن توقعات السفير المذكور، لم تكن اعتباطية أو مجرد كلام، بل توقعات تستند إلى معطيات تحليلية دقيقة. فما يقع اليوم في فرنسا، سواء في الشارع العام أو داخل المؤسسات، يعطي مصداقية كبيرة لتساؤل السفير الفرنسي السابق بالجزائر. ولا شك أن في ربط انهيار فرنسا بانهيار الجزائر، ما يغري بالمقارنة بين رئيسي الدولتين. فالأحداث تبرز أن بين الرجلين قواسم مشتركة عدة. فبالرغم من البون الشاسع بين فرنسا “إيمانويل ماكرون” وجزائر “عبد المجيد تبون”، تاريخيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وغيره، فإن الرجلين يشتركان في صفات سلبية تجعلهما عرضة للقدح والسخرية. فكلاهما يمكن وصفهما بالغباء السياسي أو المراهقة السياسية؛ وكلاهما يتخذ الكذب والنفاق، في العلاقات الثنائية، وسيلة للتهرب من المسؤولية. فتنصل “ماكرون” مما قام به فريق حزبه داخل البرلمان الأوروبي للإساءة إلى المغرب، وإرجاع “تبون” أسباب قطع علاقات بلاده مع المغرب إلى هذا الأخير، يكشفان (أي التنصل والادعاء) كذب الرجين، الذي بدوره يكشف جبنهما وضعف شخصيتهما.
انهيار فرنسا “إيمانويل ماكرون”، في حال حدوثه، قد يقود إلى جمهورية سادسة بأقل الأضرار، نظرا للعراقة الديمقراطية والثقافية والفكرية والمؤسساتية في البلاد. لكن لا أحد يمكن أن يتنبأ بما قد ينتج عن انهيار دولة “الكابرانات”. ما هو مؤكد، هو أن علامات الإفلاس ظاهرة للعيان وعلى كل المستويات. فرغم ما تتوفر عليه البلاد من إمكانيات مالية هائلة من البترول والغاز، فإن مؤسساتها تتسم بالهشاشة وشعبها يعيش في الفقر المدقع. وبهذا، فهي تشكل حالة استثنائية بين دول البترودولار.
فالمواطن الجزائري يعاني في الطوابير ألا متناهية من أجل الحصول على شيء من المواد الاستهلاكية الأساسية. لكن هذه المعاناة، وصفها مهبول برتبة وزير (وزير التجارة والصناعة السابق) بالتحضر. لقد اعتبر السيد كمال رزيق (بروفيسور، ياحسرة، صاحب عدة شهادات عليا في العلوم الاقتصادية) الطوابير التي تغطي البلاد شرقا وغربيا، شمالا وجنوبا، بسبب الندرة، دليلا على التحضر؛ بينما البادي والعادي يلاحظ ما يقع من تطاحن ومعارك (وتشهد على ذلك فيديوهات تروج في وسائط التواصل الاجتماعي) من أجل الضفر بكيس حليب أو قنينة زيت أو غيرهما من المواد الأساسية الضرورية. وبكل تأكيد أن ضعيف البنية لن ينال شيئا من ذلك.
ففي أي خانة يمكن تصنيف كلام هذا الوزير (الذي تم إعفاؤه في التعديل الحكومي الأخير، وتعيينه مستشارا للرئيس)؟ فهل هو غباء أم استغباء؟ فإن كان استغباء، فهو يسيء إلى نفسه وإلى مواطنيه وبلاده؛ وإن كان غباء، فهذا أمر خطير للغاية لأن الأمر يتعلق بوزير. لذاك، لا نستغرب أن تكون البلاد على حافة الانهيار التام. ونتساءل، بالمناسبة، عن طبيعة الاستشارة التي يمكن أن يقدمها كمال رزيق لمن هو أعبط منه؛ ألا وهو الرئيس عبد المجيد “شيراتون”.
خلاصة القول، لا نرى نهاية لغصتكم وعقدتكم التي هي المغرب. فكل انتصار ديبلوماسي يحققه هذا الأخير يعمق جراحكم ويُعقِّد وضعكم النفسي؛ وكل انتصار رياضي يخرج إعلامكم الرسمي وشبه الرسمي عن طوره. ونتذكر موقفه البئيس من إنجازات الفريق الوطني المغربي في مونديال قطر2022.
وقبل أن يستفيق إعلام ببلادكم من هذيانه حول المغرب و”كان” 2025، نزل عليكم وعلى قصر المرادية خبر ترشح المغرب مع إسبانيا والبرتغال لكأس العالم 2030، كالصاعقة. وأمام هذا الخبر الصاعق، تحركت ديبلوماسية الشيكات لتوظيف جمعيات، في إسبانيا والبرتغال، بهدف الضغط عليهما للتخلي عن الملف المغربي؛ مع العلم أن هذين البلدين هما من لجئا إلى المغرب لتعزيز ملفهما لاقتناعهما بأن الملف المغربي يشكل نقطة قوة في الترشيح الثلاثي.
ولا عزاء للحاقدين !!!
بقلم : محمد إنفي
المصدر : فاس نيوز