خاطرة 82
حاورت نفسي لأيام بل لأسابيع عن مفهوم الحياة والسعادة، فوجدت أن محاورتي مزدوجة الشخصية، متعددة الألسن. ذلك أنها لا تستقر على راي ولا تبيح لي معرفة ماهيتها ولا عما تنتظره من هذه الحياة.
حاولت ان أدون كل مرة نتيجة حواري معها لكن، لما أراجع تدويناتي ألاحظ جازما ان محاورتي بلهاء، لا تعرف ما تريد ولا اي طريق تسلك. أيقنت أن حواري معها لن ياتي برؤية واضحة، ولن يسفر عن نتيجة يمكن اعتمادها فيما يستقبل من الايام. امام هذه الضبابية المحيرة طرحت سؤالا آخر أكثر اهمية وأبلغ اثرا : ان كنت لم استطع بلورة رؤية واضحة وقارة مع نفسي، فكيف لي ان اتعامل مع غيري بعقلانية ووضوح. أصابني اكتئاب لما آلت اليه حواراتي الذاتية وبدأت ألومني على انتقاد غيري في الوقت الذي لم استطع فيه الثبات على راي شخصي وانتهاج تصرف منطقي ومعقول مع الآخرين. فشلي في الوصول الى نتيجة مع نفسي يفرض علي التماس كثير من الاعذار للآخرين، بدل لومهم عما يصدر منهم من تصرف لا أستصيغه. وانا في دوامة هذه الاحاسيس الداخلية تنبهت الى انني نجحت في كثير من الاحيان تجنب اسقاطاتها في تعاملي مع الاخرين.
أيقنت ان التربية التي تلقيتها طفلا ويافعا هي من يحدد نوع تعاملاتي مع الاخرين لانها ظلت محفورة في كياني، وتقف بالمرصاد حيال كل تصرف لا يتطابق والقيم والمبادئ التي تربيت عليها. ايقنت ان دور التربية وآثارها مهم جدا لانه يصاحب الانسان طول حياته ويظل درعا واقيا منيعا من كل النزاعات النفسية السلبية.
د. محمد الحساني.. أستاذ سابق بالمدرسة العليا للأساتذة بمكناس
عن موقع: فاس نيوز