أجرى الحوار: د. فاطمة الديبي/ ذ نصر سيوب
ــ “من أكون” :
ولدت عام ١٩٧١م في مدينة عمان في الأردن، وأتممت دراستي الثانوية والتحقت بعدها بوزارة الأوقاف الأردنية، فدرست في معاهدها الشريعة وآلات العلم كأصول الفقه والحديث والتفسير والتجويد واللغة وغير ذلك، ودرست كذلك في معهد الإمام الشافعي وتتلمذت على مديره الشيخ الدكتور سمير مراد في أصول الفقه والفقه الشافعي.
أما الشعر والأدب فقد اعتمدت على نفسي والمعين هو الله تعالى، فقرأت ما تيسر لي من الشعر العربي القديم والحديث. ولا شك أن ما أثر في تجربتي هو تشجيع والدي رحمه الله عندما كتبت اول قصائدي وخواطري وأنا في الثالثة عشرة من عمري، فأحسست أنني أكتب شيئا له قيمة.
أما نتاجي الأدبي فهو ثلاثة دواوين شعرية : هتاف أنفاس، وسكوت، والديوان الثالث هو سنديانة الأشواق.
ــ “في طفولتي” :
كنت في طفولتي المبكرة أميل إلى اللغة العربية، وأجهر بقراءة نصوصها إلى أن كتبت أول قصائدي في الثالثة عشرة من عمري، ولم أكن أتطلع أن أصبح شاعرا لأنني لم أكن واثقا بأن ما أكتبه هو شعر يستحق الاهتمام، والذي أعطاني الثقة هو تشجيع والدي ومن حولي.
ــ “الأماكن والفضاءات” :
البيئة لها تأثير كبير بلا شك ولكنني أظن أن الأماكن لا تزداد جمالا إلا بأهلها وسكانها، ولذلك فإن أكثر ما أثر في تجربتي هو دروس اللغة العربية في المدرسة، ومكتبة والدي رحمه الله التي كانت ممتلئة بكتب الشعر والأدب.
ــ ” لحظة الإبداع وطقوس الكتابة” :
الملهيات كثيرة وهي تؤثر بلا شك على الإبداع، مما جعل بعض الشعراء والعلماء والمفكرين يميلون إلى الوحدة. فلا أظن أن هناك من يستطيع الإبداع في حضور الآخرين، فالكتابة بحاجة إلى صفاء وتركيز، فلا تهجم لحظة الإبداع إلا في هذه الوحدة الاختيارية.
أما طقوس الكتابة فقد تجلس لتكتب فتأتي الأفكار والصور والمفردات وقد لا تأتي، فتختار لها وقتا آخر وقد تؤثر الحالة النفسية على الكتابة، فإذا خرجت إلى التنزه بين الأشجار مثلا فإنك تجد استعدادا للكتابة، وتجد أن الأفكار والصور والمفردات بدأت تلح عليك للكتابة، وأيضا قد تؤثر الرفقة، فإذا سمعت أصدقاءك ينشدون أشعارهم فإنك تجد نفسك مستعدة للكتابة وكأنها تشجعت للكتابة في ظل هذه المحفزات.
ــ “أصولي الفكرية” :
لا شك أن ما أهتدي به هو القرآن الكريم، والسنة النبوية وهي أيضا وحي من الله تعالى، فلا بد من الحرص على أن نرضي الله تعالى في ما نكتب.
ولا بد من القول أن في القرآن العظيم والسنة النبوية ثروة عظيمة من الهدى والعلم، وأن الشعراء الذين قرأوا القرآن والسنة أو القرآن وحده ولم يستفيدوا، كان ذلك بسبب عدم قراءتهم للتفسير الذي يستند في ما يستند إلى اللغة العربية في فهم القرآن العظيم، لأن القرآن نزل باللغة العربية الفصحى، فلا يتم تفسيره إلا إذا أتقنا اللغة العربية والسنة وأقوال الصحابة، فالقرآن يفسر بالقرآن وبالسنة وبأقوال الصحابة وباللغة.
أما لمن أقرأ فلم أكن مهتما بشاعر بعينه، ولكنني مقتنع أن كل شاعر له قيمته وجماليته، ولكن هناك قصائد تشعر أنك بحاجة إلى إعادة قراءتها كقصيدة مالك بن الريب التي يرثي بها نفسه، وقصائد أبي العتاهية في الزهد.
اما حديثا فهناك قصائد بدر شاكر السياب التي تصور معاناته كقصيدة غريب على الخليج، وقصيدة رحل النهار، وهناك قصائد محمود درويش المؤثرة عاطفيا القوية في لغتها وتصويرها مع أنني أختلف معه فكريا.
ــ “بدايتي في الكتابة” :
بفضل الله تعالى كنت أكتب على طبيعتي دون تعقيد، ولا أهتم إلا بأن أكتب ما يجول في خاطري باستقلالية، ولم يكن يزعجني في الكتابة إلا أنني أكتب كثيرا دون مراجعة إلى أن تغلبت على هذا الأمر حين أحسست بضرورة الاهتمام بالكلمة التي إذا خرجت فإنها لن تعود.
ــ “الابتلاءات والمحن” :
الشعور بصقل التجربة الشخصية الإنسانية يؤثر على تجربة الشاعر، فتراه يدعو إلى الصبر والحكمة والتأني، وغير ذلك من الصفات التي تعلمها من الابتلاء والمحن، وقد تؤثر التجارب المحزنة والمؤلمة على الحساسية التي لا بد من وجودها في إبداع الشاعر.
ــ ” ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺮﺍﻫﻨﺔ” :
هذه اللحظات لا تطالبني بموقف ألتزم به في كل لحظة أو حادثة، فيتحول الشاعر إلى مؤرخ أو باحث، ولكنها تعمل في نفس الشاعر فتؤثر فيه تراكميا فتجد آثارها واضحة في التجربة الشعرية.
.. يتبع..
عن موقع: فاس نيوز